• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أنقذوا التعليم .
                          • الكاتب : محمد الظاهر .

أنقذوا التعليم

بعد نيسان الاحتلال فقدت مقولة نابليون الشهيرة (ساحة حرب ولا قاعة امتحان ) قيمتها لان الامتحان في كل المراحل الدراسية بات من أسهل ما يمكن بسبب الغش والتغاضي عن الإجابات الخاطئة وأصبح مبدأ الغاية تبرر الوسيلة شائع جدا  والدوافع التي تكمن وراء هذا الانحدار في مستوى التعليم كثيرة جدا اترك تعدادها ومناقشة أسبابها للقراء الكرام لان ما يهمني في هذه الأسطر هو إلقاء المزيد من الضوء عن حقيقة التعليم في العراق من شماله إلى جنوبه فقد شهدت السنوات التي أعقبت سقوط الطاغية اكبر عملية تمرير لطلبة لا يجيدون الكتابة ومن ثم ترحيلهم الى المعاهد والكليات الحكومية والأهلية التي انتشرت كالنار في الهشيم وبات قائمة أسمائها تنافس قائمة كليات التعليم العالي والبحث العلمي كما لا ننسى الدراسة المسائية في الكليات الحكومية ومدى ضحالة التعليم الذي تمنحه لطلابها أسوة بالكليات الصباحية التي هي نسخة أخرى من الكليات الأهلية قلبا وقالبا لان المهم فيها هو المال الذي يدفعه الطالب ولا اعتقد ان هناك من يعارضني في هذا الانطباع ولا يوجد استثناء عن انحدار مستوى التعليم سوى في كليات الطب التي حافظت على هيبتها وقيمة شهادتها إلى حد ما مقارنة بغيرها أما لو قارناها مع ثمانينيات القرن الماضي فلا توجد فشتان بل لا يمكن المقارنة بين شهادة البكالوريوس في الثمانيات والتسعينات مع شهادات الألفين ونيف.
لقد فقدت شهادة البكالوريوس بريقها بعد أن أصبحت في متناول حتى الذي لا يحسنون كتابة جملة واحدة دون ارتكاب خطأ لأنهم لم يكونوا يقرئون وإنما كانت الأيام التي تسبق الامتحان تكفيهم لا لأنهم عباقرة بل لان (المصغرات موجودة )  والتساهل موجود على طول الخط بل حتى شهادة الماجستير بات من السهل نيلها بعد انتشار الانترنت وزيارة واحدة إلى مجمع الطريحي في باب المعظم تكفي لتعلم أن هناك مكاتب قادرة على تزويدك بأطروحة ماجستير متكاملة ومصححة مقابل بضعة آلاف من الدولارات وكم من مسئول في الحكومة العراقية لم يكن يحمل سوى شاهدة الإعدادية نال شهادة الدكتوراة دون جهد يذكر بل من المؤكد أن هناك من يحمل شهادة مزورة قد تبوء منصب مهم في الدولة العراقية ولو تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المزورين دون استثناء لملئت السجون بهؤلاء لذلك حاول البعض تعطيل سن قانون يشدد من عقوبة هذه الجريمة  وقد افلح في مسعاه حتى هذا اليوم .
التعليم في مدارس وزارة التربية هبط إلى ادني مستوياته منذ عقدين بعد أن كان المعلم والمدرس يستلم راتبا لا يكفيه وعائلته إلا لبضعة أيام فقط بسبب الحصار الذي ضرب على العراق حينها مما اثر سلبا على تعليم وتربية أجيال بأكملها  ثم ازداد الطين بلة بعد نيسان 2003 حيث فتحت أبواب الامتحان الخارجي على مصراعيها فكان النجاح بالجملة ومع قيام الوقفين الشيعي والسني بمدارسهما المتوسطة والإعدادية بفتح أبواب الامتحان الخارجي كان عشرات آلاف من الطلبة قد نالوا درجة النجاح عن طريق الغش والاتصال الهاتفي المباح في قاعات الامتحانات دون قيد وشرط  وكثير من هؤلاء أكملوا الدراسة الجامعية بالأسلوب الذي نوهنا له في الأسطر الماضية فهل سيأتي من يعيد للتعليم هيبته ومكانته المقدسة دون تمييز في الدين والعرق والمذهب لان عملية تحديث المناهج وتؤمتها  مع المناهج الخليجية ليست كافية فالمعلمين والمدرسين القائمين على تدريس هذه المناهج لا يمتلكون المعرفة الكافية وفاقد الشئ لا يعطيه وقد فات وزارة التربية أن تقوم بإدخال الكوادر التدريسية دورات تطورية للتعامل مع هذه المناهج المتطورة  بل ربما غضت الطرف عن هذه الخطوة لسبب وآخر فعلى كل من له القدرة والسلطة على تدارك التعليم ان يركز على طلاب المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية لأنهم رجال المستقبل .
 28 / 10 /2013



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38504
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19