• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اغتيال الفراشات .
                          • الكاتب : محمد الظاهر .

اغتيال الفراشات

لا يمكن لفراشة إلا أن تعيش وسط حدائق الأزهار والحقول الخضراء الشاسعة أما في موضع التعاسات حيث نعيش ، فموسم الربيع قصير جدا لاسيما بعد التصحر الذي يجتاح ارض السواد منذ ردح من الزمن ....اختفت الفراشات مع تجفيف اهوار الجنوب التي كانت جنة الله في أرضه  كما شاهدتها بأم عيني عندما كنت طفلا صغيرا اركض خلفها... هذه المشاهد التي غادرت عيناي كانت تقفز إلى مخيلتي عندما أرى طلاب المدارس الابتدائية وهم يتسابقون لدخول باب مدارسهم ومغادرتها فأقول في نفسي (اللهم ارني الدنيا بعيني طفل لأني اشعر باني مثقل بالهموم ملوث بالذنوب فأرجعني إلى زمن البراءة ) وسرعان ما يعتصر قلبي الألم عندما أرى ما آلت إليه الطفولة في العراق حيث اليتم والحرمان والبحث في النفايات عن ما يسد الجوع ويكسو عري أجساد صغيرة حافية الأقدام إذا ما داهمها المرض لم تجد من يمد لها العون ويخفف حرارتها سوى يد أم اشاخها الدهر وهي في ريعان الشباب ومع كل هذه المأساة العراقية من فقر ومرض يعصف بأجساد أطفال بلادي تجد من يستهدفهم بمناجل الموت التي تحز رقابهم منذ الانتفاضة الشعبانية ومجازر الأنفال والمقابر الجماعية والرعب الذي رافق تلك الأيام العصيبة والى يومنا هذا حيث شاهدنا من يحز رقابهم البضة   ويزرع في طريقهم العبوات الناسفة والسيارات الملغمة التي تمزق أطرافهم الصغيرة فما زالت حادثة مقتل (54) طفلا في بغداد الجديدة أبان فترة الاحتلال خالدة في مخيلة الكثير يومها استهدفهم انتحاري بسيارة ملغمة بينما كانوا مجتمعين حول جنود أمريكيين يوزعون عليهم الحلوى فكان عذر الظلاميين (لقد أرسلنا الكفار إلى نار جهنم وأما الأطفال فقد أرسلناهم إلى الجنة).
وبسبب مقتل ما يقارب (500.000)  عراقي منذ نيسان 2003 إلى 2011 فقد ترك هؤلاء الشهداء جيوشا من الأرامل واليتامى والأمهات الثكلى والآباء المفجعين بصرخات لو أنها خرجت من صدورهم لأحرقت الأرض ومن المؤكد أن من بين هؤلاء المستشهدين هناك آلاف الأطفال  .
الموت في بلادي حاضر في كل مكان ولأطفال العراق حصة منه تارة بسبب المرض والحرمان وتارة أخرى بسبب العنف الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ بسبب منهجية هذا العنف أما الأهداف الكامنة وراء قتل الطفولة فلا تعدوا أن تكون لتحقيق إرباك امني واثبات فشل النظام الديمقراطي الجديد في العراق وكذلك بدافع الطائفية لغرض إبادة مكون معين  وبدعم من دول يعلمها القاصي والداني .
ترى بما يفسر لنا أعداء النظام الجديد في العراق قتل الأطفال في المدارس الابتدائية في تلعفر والوسط والجنوب هل من الرجولة أن يذبح الأطفال في اللطيفية والمحمودية وجرف الصخر وعلى الطريق السريع في الانبارام انه من العدل أن تقدم رقابهم في مذبح السياسة العاهرة مهما كان العذر المقدم فهم أنفسهم سينفون عن أنفسهم تهمة قتل الأطفال ومع هذا العنف والحرمان الذي يعصف بأطفال العراق نجد ان منظمة (اليونيسيف) أهملت في التزاماتها تجاه أطفالنا ولم نشاهد لها فعلا أو نسمع منها خبرا لحماية هذه الشريحة التي لا حول لها ولا قوة ولا ذنب لها في الصراع الدائر حول السلطة في العراق .
الطفولة في العراق مهددة إلى ابعد الحدود فالموت والفقر و قلة فرص التعليم والتشرد بل وحتى جرائم الاختطاف التي ارتفعت بشكل كبير جدا  في السنين التي أعقبت سقوط النظام وكذلك تجارة الرقيق الأبيض التي تطالهم والمتاجرة بأعضائهم البشرية أو استغلالهم للتسول كل هذا يدعوا الحكومة والبرلمان العراقي الى إصدار التشريعات التي تكفل حمايتهم وتكثيف الجهود من اجل أبعاد الأطفال عن دائرة العنف المنشر في كل مكان ففراشات العراق مهددة إلى ابعد مما تتصور اليونيسيف وكل منظمات العالم التي لم تقم بدراسة شافية لواقع الطفولة في ارض الرافدين   . 
 
 
  27 / 10 /2013



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38436
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19