• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : آية التبليغ ،قراءة متدبرة فائدة قرآنية (2) مهداة الى أميري ومولاي علي (ع) في يوم غديره .
                          • الكاتب : احمد العبيدي .

آية التبليغ ،قراءة متدبرة فائدة قرآنية (2) مهداة الى أميري ومولاي علي (ع) في يوم غديره

 قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ، وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ.) سورة المائدة : 67.
رغم تكاثر الروايات في مصادر الفريقين التي تفيد بنزول هذه الاية الشريفة في غدير خم في علي بن ابي طالب (عليه السلام) ، حيث أمر الله نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ان يبلغ المسلمين في طريق عودته من حجة الوداع بأن القائم على الرسالة والحافظ لها هو علي بأمر من الله جل وعلا ، غير ان البعض حاول جاهداً إقصاءها عن مقصدها باحتمالات ذكرها بعض أرباب التفسير والكلام ، وحيث اننا نعتقد ان كتاب الله العزيز جاء (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ)، فحري به أن يبّين نفسه قبل غيره . انطلاقا من ذلك ، كان لا بد لقراءة متدبرة للآية ان تكشف عن حقيقة المراد منها بعيداً عن كل التخرصات والاسقاطات العقدية ، فمعنى اي كلام بالضرورة لا يخرج عن ألفاظه وتركيبته اللغوية ، الامر الذي يجعل الرجوع الى الآية ذاتها بألفاظها وتراكيبها مفتاحا لفهمها :
1- (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ) : خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة ، نادر في القرآن ، فلم يرد إلا هنا وفي موضع آخر ، أما خطابه بالنبوة (يا أيها النبي) فهو كثير ، وبالتتبع لمضامين الخطابين نجد ان الخطاب بالنبوة يستتبع دوماً أمراً بتبليغ مسائل تفصيلية فقهية ، لان النبوة تشريع ، أما الرسالة فهي المعنى الجامع لكل ما له علاقة بالدين من عقيدة وفقه وأخلاق. من هنا كان علينا ان ننتظر بعد هذه الصيغة (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ) مضموناً يتعلق بكل الرسالة ، وليس أمراً تفصيلياً.
2- (بَلِّغْ) : التبليغ والإبلاغ هو الإيصال الى المقصد ، فالامر هنا ليس قولياً ، كما في كثير من الآيات (يا أيها النبي قل...) التي لا يراد من النبي فيها غير القول ، فشأن مضمون القول (قل) أمر شخصي يسمعه المسلم ، إن طبّقه فهو مطيع ، وإن خالفه فهو عاصٍ ، أما ما كان متعلقاً بالرسالة فهو أمر حتمي ، لان رسالة الله وشؤونها العامة لا مناص من التخيير فيها.
3- (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) : المنزل شيء غير الرسالة ، تالٍ لها بقرينة قوله تعالى (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) ، فالرسالة مبلغة كاملة غير منقوصة ، إلا أن فاعليتها ونفاذها ودوامها واستمرار بقائها متوقف على التبليغ بهذا الامر ، فعدم التبليغ به يؤدي الى زوالها وكأنك لم تبلغها أصلاً.
4- (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) : التبليغ هنا لا بد ان يكون فعلياً لا يقتصر على القول فالفعل أعم من القول وأوسع وأكثر تنوعاً ، لذلك فهو أبلغ وآكد وأبقى.
5- (فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) : لما كان الخطاب بالرسالة (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ) ، فهذا المقطع تأكيد على ان الموضوع متعلق بالرسالة، لكن ليس بجزئياتها ، لانها مبلغة (بَلَّغْتَ).
6-  (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) : الوعد بالعصمة (وهي المنع) لنبيّه (ص) لم يرد في كتاب الله إلا هنا ، فالامر المراد التبليغ به يُتوقع أن يستثير الاعتراض ومحاولة الصد ، ليس من المسلمين (المؤمنين) فحسب ، بل من سواهم أيضا (الناس) ، وهذا غير متوقع في القضايا التفصيلية كما سبقت الاشارة لانها تخييرية ، لذا لا نجد هذا الوعد بالعصمة ضمن خطابات (يا أيها النبي) ، بل نجد فيها وعيداً على المخالفة وترغيباً بالإلتزام.
7- (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) : الالتزام بمضمون هذا التبليغ جزء من الهداية المطلوبة ، أما مخالفتها فهي بمنزلة الكفر ، لان الكفر ليس إلا الجحود والانكار ، فمن انكر بعد التبليغ الفعلي فهو جاحد كافر ، وخطورة هذا الاعتراض والانكار نابع من كونه بمثابة انكارٍ للرسالة برمّتها (فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) ، فلا ينتظر المنكر لهذا الامر هداية الله بعد إنكاره.
تأسيسا على ما تقدم، افترضوا أي احتمال ربما يرد من هذا او ذاك في تحديد معنى (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ، ستجدونها جميعا تصطدم مع واحد او اكثر من معطيات هذه الآية المحكمة ، ولا نجد غير التبليغ بالولاية لعلي (ع) في يوم غدير خم وجعله القيم على الرسالة والحافظ لها والقائم بشؤونها كافة بعد النبي (ص) بلا فصل ، أمراً منسجما معها مضموناً ومصداقاً.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38378
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18