• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : يوم الغدير .
                          • الكاتب : د . خليل خلف بشير .

يوم الغدير

يوم غدير خم أو عيد الغدير، هو يوم الأحد 18  ذو الحجة من سنة 10 هـ، والذي خطب فيه النبي محمدصلى الله عليه وآله خطبة ذَكَرَ من فضل علي ابن أبي طالب وأمانته وعدله وقربه إليه، وذلك في أثناء عودة المسلمين من حجة الوداع إلى المدينة المنورة في مكان يُسمى بـ "غدير خم" قريب من الجحفة تحت شجرة هناك
ويحتفل الشيعة بهذا اليوم ويعتبرونه العيد الثالث وأعظم عيد في الكون كما ويعتبر صيام هذا اليوم عند الشيعة من أفضل العبادات وهو مستحب وليس حرام كالعيدين
وجاءت کلمة الغدير في اللغة بعدة معانٍ، "کالميزاب" أو "القطعة من الماء" و"مستنقع ماء المطر".يوجد غدير خم في محلة بإسم "الجحفة" في وسط الطريق بين مدينتين کبيرتين في العالم الإسلامي و هما، مکة و المدينة و فيهما تتفرق قوافل الحجاج في زمان رسول الله (ص) و يذهب کلّ إلى مدينته. و هناك عدة إحتمالات لسبب تسمية هذا المکان بغدير خم، منها قد سمي بهذا الإسم ماء و هواء تلك المنطقة. لمَّا انتهى الرسول ( صلَّى الله عليه وآله ) من آخر حجَّةٍ حَجَّها ، قَفلَ راجعاً إلى المدينة المنوَّرة ، وحينما انتهى موكبه إلى غدير خَم ، هبطَ عليه أمين الوحي يحمل رسالة من السماء بالغة الخطورة .وقد أبلغ النبي محمد (ص) بأمر من الله سبحانه أمامة علي بن أبي طالب في غدير خم و نصبه أمام الملأ وصيا و خليفة له. وكانت هذه الرسالة تُحتم عليه بأن يحُطَّ رِحالَهُ ليقوم بأداء هذه المهمة الكبرى ، وهي نصب الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خليفة ومرجعاً للأمّة من بعده ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) وكان أمر السماء بذلك يحمل طابعاً من الشدَّة ولزوم الإسراع في إذاعة ذلك بين المسلمين ؛ فقد نزل عليه الوحي بهذه الآية : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَم تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (المائدة/67.( فقد أُنذِرَ النبي ( صلَّى الله عليه وآله ) بأنّه إن لم يُنفِّذ إرادة الله ، ذهبتْ أتعابه ، وضاعت جهوده ، وتبدَّدَ ما لاقَاهُ من العناء في سبيل هذا الدين . فانبرى ( صلَّى الله عليه وآله ) بعزمٍ ثابتٍ ، وإرادةٍ صلبةٍ ، إلى تنفيذ إرادة الله ، فوضع أعباء المسير وحَطَّ رِحاله في رمضاء الهجير ، وأمر القوافل أن تفعل مثل ذلك،وكان الوقت قاسياً في حرارته ، حتى كان الرجل يضع طرف ردائه تحت قدميه لِيَتَّقِي به من الحَر ثُمّ أمَرَ ( صلَّى الله عليه وآله ) باجتماع الناس ، فَصلَّى بهم ، وبعد ما انتهى من الصلاة ، أمر أن توضع حدائج الإبل لتكون له منبراً ، ففعلوا له ذلك . فاعتلى عليها وكان عدد الحاضرين ـ فيما يقول المؤرِّخون ـ مِائة ألف ، أو يَزيدونَ على ذلك . وأقبلوا بقلوبهم نحو الرسول ( صلَّى الله عليه وآله ) ليسمعوا خطابه ، فأعلن ( صلَى الله عليه وآله ) ما لاقاه من العناء والجهد في سبيل هدايتهم وإنقاذهم من الحياة الجاهلية ، إلى الحياة الكريمة التي جاء بها الإسلام . كما ذكر ( صلى الله عليه وآله ) لهم كَوكَبَة من الأحكام الدينية ، وألزمهم بتطبيقها على واقع حياتهم ، ثُمّ قال لهم : ( انظُروا كَيفَ تخلفوني في الثقلين ) ، فناداهُ منادٍ من القوم : ما الثقلان يا رسول الله ؟ فقال ( صلَّى الله عليه وآله ) :  (الثقل الأكبر: كتاب الله ، طرف بيد الله عزَّ وجلَّ ، وطرف بأيديكم ، فتمسكوا به لا تضلُّوا ، والآخر الأصغر: عترتي . وإنّ اللطيف الخبير نبأني: أنَّهما لنْ يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فسألتُ ذلك لهما ربي ، فلا تقدِّموهما فتهلكوا ، ولا تقصِّروا عنهما فتهلكوا. ثُمّ أخذ ( صلَّى الله عليه وآله ) بيد وَصيِّه وباب مدينة علمه الإمام علي ( عليه السلام ) ـ لِيَفرضَ ولايته على الناس جميعاً ـ حتى بَانَ بَياضُ إِبطَيْهِمَا ، فنظر إليهما القوم . ثُمّ رفع ( صلَّى الله عليه وآله ) صوته قائلاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاس ، مَنْ أولَى النَّاس بِالمؤمنين مِن أَنفُسِهم ؟ فأجابوه جميعاً : اللهُ ورسولُه أعلم . فقال ( صلَّى الله عليه وآله ) :  (إنَّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولَى بهم من أنفسِهِم ، فَمَن كنتُ مَولاه فَعَلِيٌّ مَولاهُ ) قال ذلك ثلاث مرَّات أو أربع. ثُمّ قال ( صلَّى الله عليه وآله ) : ( اللَّهُمَّ وَالِ مَن وَالاَهُ وَعَادِ مَن عَادَاهُ ، وَأَحِبَّ مَن أَحبَّهُ وَأبغضْ مَن أبغَضَهُ ، وانصُرْ مَن نَصَرَه واخْذُل مَن خَذَلَهُ ، وَأَدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيثُ دَار ، أَلا فَلْيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغَائِبَ  . وبذلك أنهى ( صلَّى الله عليه وآله ) خطابه الشريف الذي أَدَّى فِيه رسالة الله ، فَنَصَّبَ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خليفة ، وأقامه عَلَماً للأمّة ، وقَلَّدَهُ مَنصب الإمامة . فأقبل المسلمون يهرعون وهُم يُبَايِعُون الإمام علي ( عليه السلام ) بِالخِلافَة ، وَيُهَنِّئُونَهُ بِإِمْرَةِ المُسلمين . ونزلت في ذلك اليوم الخالد في دنيا الإسلام هذه الآية الكريمة : ( اليَومُ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعمَـتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً ) (المائدة/ 3 ) . فقد كمل الدين بولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وتَمَّتْ نعمة الله على المسلمين بِسُمُوِّ أحكامِ دينِهم ، وَسُمُوِّ قِيادتهم التي تُحَقِّق آمالَهم في بلوغ الحياة الكريمة وقد خطا النبي ( صلَّى الله عليه وآله ) بذلك الخطوة الأخيرة في صيانة أُمَّتِه من الفتن والزيغ . فلم يترك ( صلَّى الله عليه وآله ) أمرها فوضى ـ كما يزعمون ـ ، وإنّما عَيَّن لها القائد والموجِّه الذي يهتمُّ بأمورها الاجتماعية والسياسية .. وإنّ هذه البيعة الكبرى التي عقدها الرسول العظيم ( صلَّى الله عليه وآله ) إلى الإمام علي ( عليه السلام ) ، من أوثق الأدلَّة على اختصاص الخلافة والإمامة به ( عليه السلام) . وقد احتجَّ بها الإمام الحسين ( عليه السلام ) في مكّة لمعارضة حكومة معاوية ، وشَجْبِ سياسته ، فقد قال ( عليه السلام ) للحاضرين  : ( أُنشِدُكُم اللهَ : أَتعْلَمُونَ أنَّ رَسولَ اللهِ نَصَّبَهُ ( يعني علياً ( عليه السلام ) ) يوم غدير خُم ، فنادى ( صلَّى الله عليه وآله ) له ( عليه السلام ) بالولاية ، وقال ( صلَّى الله عليه وآله ) : لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ ؟. فقال الحاضرون : اللَّهُمَّ نَعم .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38345
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28