• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دمج في دمج .
                          • الكاتب : شاكر الطائي .

دمج في دمج

إن من عجائب هذا الزمان الذي لا تنقضي عجائبه ، ولا تنفذ غرائبه هي جرأة هذا الإنسان أو بالأحرى تجرؤه لان الجرأة قد تنطوي على شيء من الشجاعة أما التجرؤ فهو إلى الرعونة والحماقة اقرب والى وصفها أدنى وانسب ..إن إنسان هذا الزمان- وبالطبع الوضع في العراق مقصدنا وهموم الإنسان ومشاكله منهجنا - يستهين بكل شيء ويستصغر كل شيء ويتجرأ على كل شيء ولا أكاد أتبين تماماً وجه العلة في الموضوع أو في هذا السلوك العجيب الذي نادرا ما تراه في سلوك شعوب أخرى ، وربما لا توجد أساسا مثل هذه الظاهرة إلا عندنا نحن شعب الرافدين أعجب شعوب الدنيا على الإطلاق ، وأياً تكن الدوافع والبواعث والأسباب يبقى هذا السلوك الذي يكاد يكون عامَاً ..مؤشراً على خلل في التوازن النفسي والمعنوي والفكري ، ولنمسَ الموضوع مساً خفيفاً - وهذا ديدنا دائماً - لأن أي موضوع نتطرق إليه لابد أن يكون (( معاداً أو معاراً من لفظنا مكرورا)) هذا أولا وثانياً فان الموضوع كبير وخطير ولا يمكن معالجته أو تغطيته بسطور محدودة وثالث الأسباب إن من سياستنا الشخصية هي إننا لا نميل إلى التفكير بالنيابة عن الآخرين بل نحبذ إشراكهم في التفكير والنقاش حتى يأخذ الموضوع مداه وتأتي ثمار الأفكار أكلها ,ونكره أن نكون قناة غنائية أو رياضية أو أخرى عبثية قضت على رام ( عقل ) الكثير من الناس بان جمدته لا بل شنقته بخيط من حرير وليس بخيط من ليف نخل ألزهدي وأيا يكن الحبل فالشنق واحد وآخر الأسباب إننا نكتفي بالإشارة لعل من هو اقدر منا يتولى إكمال الجملة والعبارة ونستغني بالتلميح عن التوضيح لان في هذا البلد الكريم رغم ضعفه البادي في كل مناحي ونواحي الحياة السلوكية والفكرية والتطورية ألف ألف مفكر وفصيح ...
ففي الكلام العامي عندما نجد شخصا يتكبر ويتعالى ويحاكي الطاووس في زهوه وخيلائه ويدعي ما ليس فيه نقول عنه ( يهمبل ) في حين إن كلمة ( humble ) هامبل تعني التواضع والانبساط وعدم تصعير الخد وهز القد والمشي بانبساط الأصابع لا على أطرافها..و في اللغة الانكليزية  كلمة دمج (damage ) التي تعني الضرر ووقوع الخطر تعني عندنا إن نضيف ونلصق شيئاً بشيء آخر لا يتفقان في الجنس ولا في الطعم ولا في الرائحة ربما في اللون فقط وتكون النتيجة عادية وطبيعية من باب أن تطبخ البامية بالدبس لا بالمعجون وتقدم ثريد( بامية) مدبس دمج أو تشريب الرمان بشوربة (الهرطمان) ولهذا أصبح عندنا إيمانا وتطبيقا منا لمفهوم الدمج معلم دمج وضابط دمج وصحفي دمج وبرلماني دمج ووزير وسفير دمج وشيخ عشيرة دمج وأفكار ونظريات دمج إلى آخر ما تتطلبه النظرية الدمجية  ..وكذلك لدينا أم دمج وكيف لا تكون الأم   دمج  إذا لم تسبق طفلها أو طفلتها بخطوة أو خطوتين في التعليم على الأقل لكي تساهم في صنع ( بتلو ) معارفه الأولى أو أنها تنساه لساعات يطارد القطط والكلاب السائبة ويطرق الأزقة كما يحلو له ويتعلم من الألفاظ الغلاظ , مالم يخطر ببال أصحاب المعلقات السبعة أو ببال أقذع شعراء سوق عكاظ  , ولدينا كذلك أب دمج وكيف لا يكون أب دمج من يشتري لابنه جهاز موبايل ولم يتخط هذا الابن سنته الثانية عشرة وهل هناك آلة افتك ببراعم ذهن الطفل المراهق من جهاز الموبايل ؟ فكلما تفتح برعم داست عليه محتويات رام الموبايل وسحقته بأقسى ما قدر لها من سحق ومحق وتمزيق وقد يكون من المفارقات إن كلمة رام تعني (الإله) بإحدى لغات الهند الكثيرة فهل صار رام الموبايل إلها ً عند المراهقين وبعض الراشدين 000 ربما ، وربما يرى بعض القراء والأصدقاء إن مقالتي هذه ( دمج ) ولم لا, فحياتنا في بلاد الرافدين أصبحت دمج في دمج وما يهمني في نهاية الدمج إني أقف إلى جانب الحقيقة الحاضرة التي يجب أن تشخص وتعالج وتنصف ولا أقف إلى جانب الهيبة المقترنة بالخيبة -غالباً- في نفس الصف.

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابا مروة ، في 2013/10/15 .

لقد عودنا شاكر الطائي على كتاباته السلسة والرائعة التي تجمع بين بلاغة التعبير وعمق الفكرة وحس الفكاهة وتدخل كتاباته في ما اسميه طب المجتمع فعاش قلمه ويده



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=37943
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28