النسيان داء العصر عبارة يؤمن بها ويرددها الجميع إذ لا يكاد يخلو منه إنسان على وجه البسيطة ولكنه في المجتمع العراقي أصبح ظاهرة غير عادية .!! فالكل ينسى وعبارة( والله  نسيت)صارت لدى الجميع قاسما مشتركا يقبل القسمة على الجميع. الصغير والكبير والمريض والمعافى فما أصل الحكاية؟ هل امتلأ صندوق رسائل ذاكرة الإنسان العراقي على غرار ما يحدث في جهاز(الموبايل) بحيث لم يعد هناك متسع لرسالة جديدة. اعني استقبال واستلام وحفظ أية معلومة جديدة لكثرة ما توالت على ذاكرة الإنسان العراقي من أحداث وخطوب ومصائب أجهدت هذه الذاكرة وفتتها كما تتفتت(جبنة العرب) حين تداهمها أصابع جائعة!!. في جهاز الموبايل بإمكانك ان تمحو رسالة واحدة او عدة رسائل لتستقبل غيرها ولكن المشكلة إن ذاكرة الإنسان هي غير ذاكرة الموبايل فمسح معلومات أو رسائل أمر مستحيل. قرأت ذات مرة - لا ادري متى وأين- ان الطاقة الاستيعابية لذاكرة الإنسان العادي هي مليار معلومة  وما جاوز هذا الرقم يرتطم بجدار الرفض او  النسيان السريع من قبل ذاكرة الإنسان. فهل امتلأت ذاكرتنا قبل أو إنها واستهلكناها في غير ميدانها بحيث صرنا لا نتذكر شيئا وننسى كل شيء أم أن الكثير منا امتطى صهوة النسيان عن قصد ليفعل ما يريد وقت يشاء وليتملص من قيد الواجب ورباط المسؤولية متشفعا ومحتميا تحت مظلة اعتقاد عامة الناس بان الجميع يسهو وينسى و (جل من لا ينسى) .. انا أيضا أنسى فما أكثر المرات التي ملأت فيها البيت زعيقا باحثا عن نظارات القراءة وهي معلقة على مقدمة راسي ولكني لم أصل بعد إلى الحالة التي دخل فيها احد أبطال النسيان على الطبيب شاكيا : هل من علاج لحالة النسيان التي أعاني منها يا دكتور ؟ فسأله الدكتور منذ متى وأنت تعاني من هذه الحالة ؟ فأجابه المريض متسائلا دكتور يا حالة؟!! يقول لك صاحبك (انتظرني هسه اجيك ) والهسه  في أصلها تعني دقائق في أحسن الأحوال ولكنها عندنا زمن مفتوح ويمتد لساعات وأيام وقد تتحول الهسه الى بعدين وإذا وصلنا إلى مرحلة البعدين فعلينا ان نقرا الفاتحة بملء الشفتين على تنفيذ أي موعد او اتفاق يتحقق بين طرفين ف(البعدين  ) فترة زمنية قد تشتل فيها لزمن يطول حتى يخرج العشب من بين أظافرك ويبني اللقلق عشا على راسك ويفقس البيض وتطير الفراخ ويهاجر اللقلق وأنت في مكانك ويعود من هجرته في السنة التالية ليجدك واقفا في مكانك تنظر صاحبك الذي قال لك قبل عام انتظرني هسه اجيك !!!.