• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحجي والباشا .
                          • الكاتب : احمد العبيدي .

الحجي والباشا

 التغيرات الاجتماعية والسياسية غالبا ما يرافقها او يعقبها مصطلحات ومفاهيم وكلمات تنتشر على اكثر من صعيد لتتحول بالتدريج الى عرف شعبي يصعب تغييره او يطول ، وعادة ما تكون هذه المفردات ذات خلفية لها علاقة قريبة بخلفيات الجيل الجديد الذي يمسك بزمام المجتمع بعد التغيير ، ومن تلك المفردات التي شاع استخدامها بعد زوال حكم البعث في العراق (حجي وباشا) .
فقد كثر استخدام لقب (الحجي) وشاع في عموم العراق (عدا كردستان) لدرجة انه اصبح بديلا حتى عن الالقاب العلمية والادارية فالاستاذ حجي والمهندس حجي والموظف حجي والمدير حجي والمحافظ حجي والوزير حجي والحجي حجي والمو حجي حجي ....... والكل ينادي الحجي ، وين الحجي راح الحجي إجه الحجي... ولو بحثنا في خلفيات وأسباب شيوع هذا اللقب ، لوجدناها ربما تنحصر في الاسباب التالية :
1- إصرار المسؤولين على أداء الحج وربما لاكثر من مرة ، وحصولهم على حصص خاصة من هيئة الحج قبل إلغاء ذلك في العام الماضي ، فكانوا يذهبون جماعات وزرافات ويتركون مجالس النواب والمحافظات والوزارات وبيوت الوزراء والنواب وبيوت أقاربهم حتى سابع جار خالية.
2- عدم امتلاك عدد من المسؤولين ألقاباً علمية اضطرهم للبحث عن بديل فكان (الحجي).
3- ان تقمص الكثيرين ممن تسنموا مناصب للشخصية المتدينة شكل ظاهرة طيلة الفترة السابقة ، بل كان الرياء هو الطريق الاقصر للوصول الى السلطة من خلال الانضمام والالتحاق بأحد الاحزاب الاسلامية (سنيها وشيعيها) مهما كانت السوابق والماضي ، فلبس المحابس وحمل السبح وسمات الساجدين هي الاخرى مظاهر صارت معتادة ، ومن هنا كان الاصرار على التلبس بلقب الحجي يلبي حاجة إضافية في هذا السياق .
4- المجتمع أيضاً انساق بشكل كبير وراء هذه الموجة ، ويبدو لي انه شعر بأن لقب الحجي يختصر المسافة بينه وبين المسؤول ما جعله مصراً على تداوله ، فكلمة حجي تحمل معها دلالة على الرجل الخيِّر المتواضع الخدوم کما قد توحي بالتوقير والاحترام.
أما (الباشا) فقد شاع استخدامها بشكل كبير في الاوساط العسكرية في بغداد تحديداً ، وتطلق على الضباط ذوي الرتب العالية ، وخلفيات هذا اللقب عثمانية هذه المرة ، فقد راح سنة بغداد اليوم يستعيدون الحديث عن العهد العثماني بكثافة غير معهودة وذلك ربما اجتراراً لحالة التسلط السني على بغداد في الفترة العثمانية . إن لقب الباشا ربما كان بديلا عن الالقاب العسكرية التي تذكر بلا شك بالولاء لصدام وحكمه ، أضف الى ذلك الرغبة المستمرة في النفخ في المسؤول (الضابط) وإشعاره تزلفاً بمزيد من الإعظام.
أنا شخصيا لا أحب ان يناديني أحد بلقب (حجي) رغم اني حججت بيت الله منذ عام 2005 وكنت أمانع في البداية لمن يسألني : حجي؟ فأقول : وصائم ومصلي ....
طبعا لم يعد هناك سؤال بعد عقد من التغيير ، فأنت حجي شئت ذلك أم أبيت .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=37458
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19