• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحلقة العاشرة من سلسلة شواهد تحقيق الفقهاء والمحدثين للروايات والأحاديث: الشاهد الرابع عشر .
                          • الكاتب : السيد علوي البلادي البحراني .

الحلقة العاشرة من سلسلة شواهد تحقيق الفقهاء والمحدثين للروايات والأحاديث: الشاهد الرابع عشر

الآيات القرآنية والروايات المتكاثرة الناهية عن الاعتماد على الظن والعمل به والمحذرة من اتباعه والنافية لحجية الظن والحاثة على التحقيق والتبين أكبر شاهد على سلوك العلماء على مر العصور منهج التحقيق والبحث والتنقيح للتراث الحديثي
 
 ومن ذلك الآيات التالية:-
 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات/6}
(وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا {النجم / 28}
(وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ {الانعام/119}
(مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا {النساء/157}
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{الانعام/144}
(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ {الأنعام/116}
(إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ {الأنعام/148}
(وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ {يونس/36}
(إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ {يونس/66}
(إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى {النجم/23}
(وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا {النجم/28}
(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {الإسراء/36.
ولمزيد من الشرح والبيان نذكر النقاط التالية:-
النقطة الأولى:- الحديث الصحيح سندا قد يكون كاذبا كما ان الحديث الضعيف سندا قد يكون صادقا كما اوضحناه في الحلقة الخامسة من هذه السلسلة فلا ملازمة بين الصحة السندية والصدق ولا بين الضعف السندي والكذب.
النقطة الثانية:- لا جزم بصدور الخبر الصحيح لمجرد صحة سنده فاليقين بالصدور يحتاج لعامل إضافي كالتواتر القادر على توليد اليقين ، ورغم عدم اليقين بصدور الحديث الصحيح السند الا انه حجة يعمل به بثلاثة شروط وهي :-
الشرط الأول –ان لا لم يعلم بكذبه كما في حالات منافاته لامر قطعي نظير الاخبار التي تنسب السهو للنبي ص.
الشرط الثاني- ان لا يكون معارضا للقران الكريم اذ ما خالف كتاب الله فهو زخرف كما نطقت بذلك الاحاديث المروية عنهم عليهم السلام.
الشرط الثالث- ان لا يكون معارضا بحديث اخر صحيح السند فيسقط كلاهما عن الحجية ولا يعمل بهما لتكذيب كل منهما الاخر.
النقطة الثالثة:- لا سبيل لتكذيب الخبر صحيح السند لمجرد عدم تواتره ، بل لا سبيل لتكذيب الخبر الضعيف لمجرد ضعف سنده فالحديث المروي من قبل مجهول او ضعيف او كذاب قد يكون صادقا مطابقا للواقع اذ الكاذب قد يصدق.
النقطة الرابعة:- لا يجوز نسبة الكلام للمعصوم عليه السلام بدون ثبوت صدور الكلام عنه عليه السلام ، أجل لا باس بنسبته الى راويه وليس الى الامام مباشرة.
قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) من سورة يونس.
صريح في ان من لم يؤذن له في الفتوى كاذب ، طابق خبره الواقع او لم يطابق ، فنسبة الحلال والحرام لشريعة الله عز وجل دون إذن منه داخلة في الافتراء والكذب عليه سبحانه لدوران الامر بين الإذن والكذب فقد حصرت الآية الكريمة فتوى الحلال والحرام في المأذون له والمفتري فمن لم يؤذن له فهو كاذب مفتر.
كما ان قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) من سورة الاعراف
نص آخر في حرمة القول على الله سبحانه بغير علم وان لم تنص على انه كذب.
فنسبة الاحاديث المتضمنة للأحكام للنبي ص او ائمة الهدى عليهم السلام دون العلم بصحتها او قيام الحجة عليها تدخل في الكذب على الله سبحانه وتعالى بمقتضى آية (آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) وذلك لاعتقادنا بعصمتهم وان كل ما يقولونه من حلال وحرام وشرائع واحكام انما هي من عند الله سبحانه حصرا.
فمن لم يعلم بصدور الكلام عن المعصوم (ع) ولم تقم عنده حجة شرعية على ذلك حرم عليه ان ينسبه للمعصوم فلا يجوز له ان يقول: قال النبي ص او الامام ع كذا.
فان لم يكن موضوع الكذب محرزا بلحاظ الآيات الاولى فهو محرز بلحاظ  آية (آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ)  وآية (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) وبعبارة اخرى قل: الكذب هو مخالفة الخبر للواقع ولكن من يفتي بغير اذن الله سبحانه وتعالى قد تكون فتواه مطابقة للواقع وقد تكون مخالفة له ، وكذا من ينسب الخبر للمعصوم ع قد يكون ما نسبه مطابقا للواقع وقاله الامام ع في الواقع فعلا ، وقد لا يكون كذلك ، فلا يقين بتحقق موضوع الكذب الا انه بالرغم من ذلك كله فان قوله تعالى: (آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) ادخله في الكاذب فمن ينسب الحكم للشريعة الغراء غير عالم بصحة ما نسبه لها كاذب بحكم الآية الكريمة ومن ينسب الخبر للمعصوم عليه السلام المتضمن لحكم شرعي يكون كاذبا أيضا بدلالة الآية الكريمة بعد ضم عقيدة عصمته وانه لا ينطق عن الهوى وان ما يفيضه يمثل حكم الله سبحانه وتعالى.
كما لا ريب في انطباق قوله تعالى (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) عليه فهو بهذه الآية وان لم يصدق عليه عنوان الكاذب الا انه يصدق عليه انه قال على الله بغير علم وهكذا نخلص الى انه كاذب بمقتضى احدى الآيتين وقائل على الله بغير علم بمقتضى الآية الاخرى.
مضافا الى العلم الإجمالي بكذب احد طرفي الخبر فالإخبار بأحد طرفيه ممنوع بتنجز العلم الإجمالي وهذا البيان الذي اوضحه السيد الخوئي قدس سره كما يعم الإخبار عن الله والمعصومين عليهم السلام يعم سائر الإخبارات عن غيرهم فيحرم الإخبار بكل خبر غير ثابت وان كان متعلقا بأمر عادي من الحوادث اليومية ولم يترتب عليه أي مفسدة ومضرة.
وقد اكد منع نسبة الخبر للمروي عنه بحذف الواسطة موثق السكوني وهو ما رواه في الوسائل عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعن أحمد بن محمد ابن خالد عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم ، فإن كان حقا فلكم ، وإن كان كذبا فعليه .
وسائل الشيعة ج 27 ، ص 81.
وكذا ما روي عن  أبي عبد الله ( عليه السلام ) : إياكم والكذب المفترع ، قيل له : وما الكذب المفترع ؟ قال : أن يحدثك الرجل بالحديث فتتركه وترويه عن الذي حدثك عنه .
وسائل الشيعة ج 27 ص 82.
النقطة الخامسة:- كما لا يجوز نسبة الخبر غير المعلوم كذلك لا يجوز النفي لنفس النكتة المشروحة في النقطة السابقة فما دام الخبر غير معلوم ولم يثبت صدوره ولا عدمه حرم نفيه كما حرم اثباته ، وبعبارة أخرى كما ان قول (قال الامام كذا) حرام لعدم ثبوت قوله ذلك كذلك قول (لم يقل الامام كذا) حرام لعدم ثبوت عدم قوله ذلك.
وهكذا اثبات الحديث ونسبته للإمام داخل في الكذب وكذا نفيه وتكذيبه داخل في الكذب وقد اكد هذا المعنى ما في وسائل الشيعة عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا ، وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله ، اشمأز منه وجحده وكفر من دان به وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج ، وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجا من ولايتنا .
وسائل الشيعة ج 27 ص 87.
وبهذا يتبين لك وجه المحذور في تكذيب الاحاديث ونسبتها للوضع والتحريف والدس ، اجل هناك علم اجمالي بكذب بعض الناس على النبي ص واهل بيته الكرام بل هناك اخبار معينة في موسوعاتنا الحديثية حكم العلماء بكذبها كالروايات التي تنسب السهو للنبي (ص) لمنافاتها العصمة ، وبعض الروايات التي يظهر منها تحريف القرآن الكريم بالمعنى الباطل كما ان هناك موارد أخرى حكم بكذبها بينا امثلة منها في الحلقة السابعة من هذه السلسلة ، وهكذا فالحكم بكذب بعض الاخبار والروايات في الجملة امر متسالم عليه بين الاعلام ، ولكن الجزم بكذب كثير من الروايات المودعة في كتب الحديث – خصوصا بالنحو الذي هول وطرح - دون اثباته خرط القتاد ، فقد انكشف ان المحذور بوجه ادق هو الحكم الجزافي بكذب كم كبير من رواياتنا ، وكذا الخلط بين الضعيف والموضوع المدسوس .
فسيرة اعلامنا تكذيب بعض الاحاديث وليس تضعيفها فحسب ضمن مسار البحث والتحقيق وليس ضمن الفرقعات الاعلامية واثارة الزوابع الضارة والمؤدية للفتن.
فالتحقيق يستدعي محاكمة كل خبر على حدة وليس اطلاق احكام عامة فضفاصة تكشف عن سوءة الادعاء وفراغه من أي محتوى.
والخلاصة ان زعم كذب كثير من رواياتنا وبطلانها بزعم انها إسرائيلية ويهودية ومجوسية لمجرد ورود بعض الاخبار النادرة في مصادرنا عن كعب الاحبار وامثاله هو زعم غير قائم على أي أساس ووضوح زيغه يغني عن مناقشته والاكثار من عرض نواقصه وخلل بنيانه وكما قيل فان توضيح الواضحات من اشكل المشكلات.
والحمد لله رب العالمين.
http://beladey.blogspot.com.au/2013/09/6-28-119-157-144-116-148-36-66-23-28-36.html



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=36523
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28