• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ابن عربي المقدس عند الحيدري الحلقة الثانية عشر والأخيرة .
                          • الكاتب : الشيخ علي عيسى الزواد .

ابن عربي المقدس عند الحيدري الحلقة الثانية عشر والأخيرة

 

 
حقيقة مدح البعض لابن عربي
 
إنّ المعارف الواصلة إلينا مِن أهل بيت النبوة لا نحتاج معها إلى أن نستقي مِن غيرهم وننهل مِن عدوّهم، فإنّ تراثنا مِن أهل البيت عليهم السلام يغنينا عن كلّ ما بأيدي الناس في المعارف الدينية، ولم يسمحوا لنا أن نكون عالة على الغير مِن فرق الضلال، بل أمرونا بأن نكفّ أنفسنا عن ذل (السؤال ولو أين الطريق)، ما دمنا نستطيع الاستغناء عن ذلك، حتى لا تكون لهم حجة على أهل البيت عليهم السلام في يوم القيامة بأنهم قضوا حاجة لمؤمن حتى في غير الدين.
 
وقد يقول قائل: إن دراسة كتب ابن عربي ما هي الا من اجل أن نأخذ الصحيح منها ونترك الباطل الموجود فيها، وهذا مِن قبيل دراسة كتب النحو والصرف والبلاغة لمؤلفين مخالفين.
 
وهذا لعمري مغالطة واضحة جليّة، فإن قياس علم النحو والصرف والبلاغة والطب والهندسة وغيرها من العلوم بالعلوم الدينية مِن الغباء أو التغابي، فلا مانع أن تدرس أي علم من العلوم الانسانية عند كافر أو غيره ولكن لا يُمكن أن تأخذ دينك مِن كافر زنديق، وهل تركنا أهل البيت عليهم السلام ناقصين الدين فنكمله مِن ابن عربي وأمثاله!!!!.
 
وهذا الكلام يدلّ على أن القائل لا معرفة له بكلام أهل البيت عليهم السلام، وكيف يكتفي بكلام أهل البيت عليهم السلام وقد اعتبر تسعة اعشاره مِن الاسرائيليات!!!!.
 
نعم الحكمة ضالة المؤمن ولكن لم يترك لنا أهل البيت فراغا في ديننا نحتاج فيه إلى غيرنا، والحكمة هنا هي اقوال وعبر تؤخذ مِن تجارب الناس وتجري مجرى الامثال وغيرها، لا ان المؤمن يأخذ دينه مِن أي أحد، وقد أمرنا أن نعرف ممن نأخذ ديننا، ونهينا أن نأخذه مِن أي شخص.
 
وقد تساءل البعض إنّ ابن عربي مع ماله مِن انحرافات وزندقة ومع موقف علماء أعلام مِنه والحكم بكفره ونصبه وزندقته، فكيف ببعض العلماء يذكره بخير يُفهم منه تأييده ومناصرته وتبني مسلكه؟
 
وأذكر الإجابة على هذا السؤال في نقاط:
 
الأولى:
 
على المؤمن أن ينظر إلى ما قيل لا إلى مَن قال، فيرى الحق فيتبعه ويرى الباطل فيجتنبه، ويُعرف الرجال بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال، ولقد أوضحنا زندقة ابن عربي مِن كتبه واخترنا الواضح مِن عباراته فلا معنى للتوقف فيه والتردد في مروقه عن الدين القويم.
 
الثانية:
 
بعض العلماء دأب على نقل الأسماء بألقابها والكتب بأسمائها، فيقول مثلاً: صحيح البخاري للإمام البخاري، مع أنه لا يعتقد بصحة كتابه ولا يعتقد بإمامته، إلا باعتبار كونه مِن أئمة الضلال لا الهدى. فهولاء العلماء إذا ورد في بعض عباراتهم الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي لا يقصدون إلا تسمية الاشخاص بما تعارف اصحابه تسميته به، فلا يدلّ قوله على تأييد ومناصرة وإنما هو تسامح في نقل عبارات الغير.
 
الثالثة:
 
بعض مَن نُسب إليهم تأييد ابن عربي لم يثبت تأييدهم له، وإنما هي دعوى مِن أنصار ابن عربي، فالسيد القاضي ليس له كتاب معروف سوى ما نقله آغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة أنّ له تفسيراً غير تام مِن أول القرآن إلى الآية 91 من سورة الانعام.
 
فأين امتدح ابن عربي؟!!!
 
ولكنّ اتباع ابن عربي ينقلون عنه قضايا وقصص لتأييد موقفهم، حتى أن بعضهم يدعي ان السيد القاضي يقرأ مع خاصته كتب ابن عربي فإذا جاء أحد يُخفي الكتاب.
 
وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن كتب ابن عربي مرفوضة في الحوزة ومحاربة من قبل العلماء آنذاك.
 
وقد قال البعض أنّ السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب كتاب تفسير الميزان قد امتدح ابن عربي، ولم اجد بقدر بحثي القاصر أي تبني لأفكار ابن عربي.
 
الرابعة:
 
إنّ بعض العلماء لم يطلع على كتب ابن عربي، ووجد بحثاً منقولاً عنه مع عبارات الثناء فنقله كما هو دون ان يطلع على زندقته.
 
الخامسة:
 
وبعضهم مؤيّد ومناصر ومتأثر بابن عربي، فهذا يدان ويُعترض عليه بما اعترضنا به على ابن عربي، وكما اعترض العلماء الأعلام.
 
ولذلك لما أدين واعترض على الملا صدرا في كتابه الاسفار، حاول الاعتذار في مقدمة شرح اصول الكافي بقوله:
 
(وليعذرني إخواننا أصحاب الفرقة الناجية ما أفعله في أثناء الشرح وتحقيق الكلام وتبيين المرام من الاستشهاد بكلام بعض المشايع المشهورين عند الناس وأن لم يكن مرضي الحال عندهم، نظرا إلى ما قال امامنا أمير المؤمنين عليه السلام: لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال).
 
وطبعا لم يقصد ببعض المشايخ غير ابن عربي لأنه لم يستشهد بكلام غيره من مشايخ الصوفية الا نادرا جدا.
 
وهذا الاعتذار لم يقبله العلماء ولم يستسيغوا ذلك التبرير.
 
جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واسأله تعالى أن يمن علينا فيجعلنا ممن يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
 
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد واله الطاهرين، واللعن على أعدائهم ومنكري فضائلهم مِن الأولين والآخرين.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=36054
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29