• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بلد عصيٌّ حتى على الاحلام .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

بلد عصيٌّ حتى على الاحلام

ضمن سلسلة التشاؤم الذي اخذت على عاتقي مهمة بثه في النفوس وارجو ان تتسع لها صدور قوم مؤمنين ، لشد ما يؤسفني القول لاولئك النفر من العراقيين الذين يخادعون انفسهم في انتظار البطل المنقذ بان انتظارهم المأجور هذا سيطول ويطول وهم كمنتظري البرحي من نخلة بصراوية غير ملقحة وهذا هو المستحيل بقرنيه . و من نافلة القول ان الانتظار حق مشروع وهو لدى الغالبية الساحقة لاتباع المذهب الشيعي جزء مهم من الايمان الذي سيفضي في النهاية الى انقاذ البشرية من الجور الذي يملأ او سيملأ الارض قريبا . لكن ان تنتظر مسؤولا عراقيا عادلا يجتمع عليه العراقيون موحدين متوحدين وحبّابين ومنتجين  فهذا لا ياتي حتى في الاحلام . العراقيون كانوا معشار هذا المجتمع من حيث النفوس والنفسيات ولم يجتمعوا على علي بن ابي طالب الذي فارقهم وهو يدعو عليهم الله بان يمن عليه بخير منهم وان يؤمرهم بشر منه وحاشاه حاشاه من شر قليله او كثيره . وعلي هذا ورد في حقه من الاحاديث الصحيحة ما يملا الخافقين جميعها يشير الى ملازمته الحق في قيامه وقعوده حتى وصف بانه القران الناطق . كل ذلك لم يقنع اهل العراق بالالتفاف حول رايته فشرق منهم من شرق وغرب من غرب حتى ان شاعرا عراقيا قال فيه : لو جئت اليوم لحاربك الداعون اليك وسموك شيوعية ... لكن هؤلاء اتحدوا تحت سيف الحجاج بن يوسف الثقفي بعد ان زرع في قلوبهم الرعب حتى عندما كان بعيدا عنهم في رحلات الحج . والعراقيون ايضا توحدوا تحت راية الله اكبر التي نقشها صدام التكريتي بيده على العلم العراقي وراحوا يقاتلون شرقا وعلى جنوبهم . وبلغت الطاعة حدا ان الاخ راح يشي باخيه المتخلف عن حب الحزب ، والخال بابن اخته المتخلف عن اداء الخدمة العسكرية ليكسب ود الرئيس وينضم الى قائمة اصدقائه الاجلاء ومن ثم تلقي هباته السخية من تويوتا ومسدس وعلبة ذخيرة حية قد يحتاجها ذات يوم !!! فاصبح العراق من شماله الى جنوبه يلهث وراء كتابة تقرير حزبي يقرب الناس زلفى الى احقر شرطي امن لا يعرف الكوع من البوع . اقول لاخواني في الوطن من منتظري الفرج على يد البطل الهيولائي القادم الذي سيجمع العراقيين تحت راية واحدة من زاخو الى الفاو ان يخفضوا جهد امكانهم من سقف توقعاتهم المحلقة في الفضاء باجنحة مهيضة . فما بين غمضة عين وانتباهتها سيحين موعد الانتخابات التشريعية التي ستاتي ببرلمان جديد وعلى الارجح رئيس حكومة جديد ايضا . ساسمح لنفسي ان اتطفل و اسال المراهنين عن القادم المنقذ الذي سيمسك عصا موسى بيده البيضاء من غير سوء ليخرجنا من تيه الاربعين عاما العظيم الذي نخوض فيه سكارى وما نحن بسكارى . من هو هذا البطل وما هي ملامحه واين يقيم الان وهل سينزل علينا من السماء كمائدة عيسى ليكون عيدا لاولنا واخرنا ؟ انا شخصيا كنت مؤهلا لاكون ذلك البطل المنتظر فقد كنت اوحد العراق من اقصى نقطة في شماله الى ابعد نقطة في جنوبه محصورا بين بيرية موبوءة لاتقي من شمس وبسطال يضحك علي حفاة اولاد الخايبة ، ويشطرني النطاق العسكري الى نصفين متساويين مثل خط الاستواء . ومن شدة خوفي (طبعا على وحدة العراق) كنت اضحي باليوم الاخير من اجازتي الشهرية – ان توفرت كل خمسة اشهر -  حتى اطمئن ان كل شيء في البلد على ما يرام وان بوابته الشرقية التي كانت تهب عليها الريح الصفراء القادمة من قم وطهران محكمة الاغلاق في وجه الفرس المجوس الذين يوشكون اليوم ان يستبدلوا البنادق التي قاتلونا بها بصواريخ تحمل رؤوسا نووية .  من أسف انني الان لا املك الا ان اردد ما شدا به المرحوم السياب قبل نصف قرن : البحر اوسع ما يكون وانت ابعد ما يكون . والبحر دونك يا عراق . ومع استحالة عودتي لقيادة البلد ولم شتاته تحت امرتي يتبدد آخر بصيص أمل في عودة عراق آمن موحد ، اصبح من الصعب حتى مشاهدة ملامحه الضبابية في احلام العصافير لاننا مؤسسون على حطام اقيم في غفلة من الزمن على جرف هار.       



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35253
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29