• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : إطلاق مجموعة عدنان المبارك القصصية الجديدة (خارج الأزمنة الثلاثة) .
                          • الكاتب : ادب وفن .

إطلاق مجموعة عدنان المبارك القصصية الجديدة (خارج الأزمنة الثلاثة)

 عن موقع القصة العراقية الألكتروني صدرت مجموعة قصصية جديدة للكاتب العراقي عدنان المبارك، بعنوان ( خارج الأزمنة الثلاثة )، وتتألف من 12 قصة ترافق الصور جميعها، وهي من أعمال المؤلف أيضا شأن غلاف المجموعة. ويبدو أن لهذه القصص ذات النهج الذي عرف به المبارك من قصصه ورواياته وكتاباته الأخرى، أي التوقف عند (الجوهر) وقضايا الوجود الكبرى ، والتعامل معها عبر موشور انساني صرف. ولعل هذا الهاجس - أي العودة اللحوح الى ( الأسئلة الأساسية ) والدأب على ( نزع الأقنعة ) والوقوف الطويل عند ( ألغاز الانسان ) - هو ما يرافق كل أعمال هذا الكاتب. وقد يكون ( الهاجس العراقي ) ، أي كوارث الواقع الراهن ، ذا نبرات أعلى في هذه المجموعة ، الا أن له مردودات أخرى غير الشائعة. في هذه القصص يلجأ المبارك، مرة أخرى، الى تقنية مزج اليقظة بالحلم، الأمر الذي يكشف عن حالة اللايقين من الواقع بفينومينولوجيته التقليدية، وتفادي الكاتب فخاخ تبسيط الظواهر، بعبارة أخرى ثمة تكرس انتقائي للعلاقات بين الانسان وشتى مستويات الواقع وأبعاده . 

توميء قصص هذه المجموعة الى منحى خاص في مسك التبدلات الحياتية العنيفة وتلك الأحداث الضاغطة على كيانات الانسان من مادية ونفسية وروحية لكن بعيدا عن الطروحات المباشرة التي يتركها ، كما يقول ، الى الميديات، فهو يجد أن التسويغ النهائي للفن يكمن فيه ذاته وليس في الأهمية الاجتماعية - السياسية التي يحويها. ويذكر هنا أن زولا ، مثلا ، كتب الرواية من اجل اثبات وجهة نظره ، أما بالنسبة لفلوبير فتكون عملية كتابة الرواية بحد ذاتها وجهة نظره.
في أولى قصص المجموعة (أمور تحدث في شيخوختي الثانية) يمارس الكاتب تجريبية على خط المؤلف - بطل القصة ، قائمة على تقنية في السرد يتقاطع فيهما محورا هذين الاثنين. وقد سبق ان أستخدم المبارك هذه التقنية في بضع قصص له ، كذلك نلقى شبيها بهذا النهج التقني للسرد في قصة ( تنتظر غانم أكثر من مفاجأة واحدة ) من هذه المجموعة ، حيث يشرك الكاتب القاريء في وضع خاتمة للقصة منطلقا من فكرة أن ليس هناك من نهاية واحدة رغم أنها ستأتي في الأخير، لكن قبلها لا يمكن استبعاد شتى الاحتمالات أو البدائل. والقصة الثانية في المجموعة ( محادثة في " حديقة العجول " ) يتناول الكاتب فيها مرحلة الشيخوخة من عمر الانسان عبر محادثة بين رجلين أحدهما من العراق والثاني من بلد شمالي. والكاتب لم يخلق هنا أيّ تعارض بين ذهنيتين وثقافتين بل سعى الى اكتشاف نقاط التقاء وانسجام . وفي قصة ( حلّ الظلام في باب ميدان ) نجد محاولة اقتراب من أسطورة هابيل وقابيل ، بالأحرى ايحاء بأن هذه الأسطورة ، وكما كثيرات غيرها ، تتكرر في معاصرتنا أيضا. وفي قصة ( السروال و الخليقة ) نواجه اعترافات كاتب تتأرجح بين اللاحقيقة /الكذب والحقيقة، ولأن هذه هي سنّة الحياة. وكان قد ترك الاعترافات في جارور ثم نسيها، وبعدها بأمد طويل عثر عليها مصادفة ووجد نفسه مدفوعا الى تكملتها بأخرى أراد لها أن تكون صاقة تماما. واضح أن البطل يحمل هنا هواجس وتأملات المؤلف نفسه. وفي قصة (هبوط غير منتظر) ثمة عودة الى تقنية مزج الحلم باليقظة الا أن المؤلف يرتب قطع فسيفساء الحلم وفق واقع عراقي راهن وآخر جاء كمقطع من ماضي البطل الذي يحمل بعض سمات المؤلف أيضا. وقصة (عند سلم الجنون) تكاد تكون تحليلا ذاتويا لظاهرة الجنون عبر تجربة بطل القصة عند ( نزوله ) الى ما يسمى بالواقع المباشر. وفي الخاتمة نستشف قصد المؤلف. فالبطل شعر ب( غبطة سماوية ) حين أدرك بأنه ليس الوحيد في ما أسماه (محنة الجنون) حيث يجد أن الذهاني هو الانسان الطبيعي، والحالة الطبيعية تعني افتقاد التصور والابداع، أو قوله : (أصبحت مجنونا مع فترات استراحة من اجل سلامة العقل المروّعة. نحن نعجز عن عدم التفكير الا اذا كنا مجانينا).
وفي قصة (بعد خروجنا من "دجلة") يوظّف المؤلف أسطورة أوديب حيث قام بعصرنة بغدادية لها لكن ليس الى النهاية. فأوديب البغدادي لم يقتل أبيه ولم يفقأ عينيه. أما قصة (كانت أغنية غزلية لا غير) فتتكلم عن واقع قد يحلّ ببلاد المؤلف في كل لحظة، خاصة أن مثل هذا الواقع قائم في الجوار. وتعكس قصة (كنت ضاحكا وكفى) نزعة المؤلف في تشريح الواقع بأدوات غير مألوفة حيث نشهد مرة أخرى تداخل الحلم باليقظة. وفي القصة التالية بعنوان (خارج الأزمنة الثلاثة) يملك بطلها الكثير من سمات المؤلف أيضا، مثل الغوص في الواقع ثم الخروج والوقوف على مبعدة ليست بالكبيرة. 
تأخذ قصص هذه المجموعة بتقنية اللقطات السينمائية الخاطفة مما يبدو بكل وضوح في القصة المذكورة التي تمزج أيضا تقنيات سردية أخرى مثل تيار الوعي والتأمل المكثّف لكلا العالمين - الداخلي والخارجي بل وكما جاء على لسان بطلها هناك الشعور ب( غربة قاتلة تزداد في كل يوم حين أنظر الى ما أمامي في هذا النفق العراقي الذي لا تتكاثر فيه الجرذان وحدها ). وفي القصة الأخيرة (في شرك أحلام القيلولة) نلقى تسجيلا حسّاسا لتأريخ الأدب الفرنسي المعاصر الذي وجد البطل فيه انعكاسات مؤثرة في صراعاته الداخلية.
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35034
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29