• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مذهب السيد السيستاني (دام ظله) بالتعامل مع الروايات .
                          • الكاتب : ياسر الحسيني الياسري .

مذهب السيد السيستاني (دام ظله) بالتعامل مع الروايات

كتاب الرافد في علم الأصول _ الإستفادة من العلوم المختلفة 
من ص 24 الى ص 29
الحقل الروائي : قد بحثنا في باب حجية خبر الواحد عن المسلك العقلائي في الأمارات واخترنا أن المعتمد عليه عند العقلاء هو الوثوق الناشىء عن مقدمات عقلائية، ومن هذه المقدمات كون الخبر صادراً من ثقة أو كون المضمون مشهوراً أو مجمعاً عليه ، فهذه العناوين وهي خبر الثقة والشهرة والإجماع لا موضوعية لها عند العقلاء وإنما هي مقدمات للوثوق الذي هو الحجة الواقعية . ومن مقدمات الوثوق أيضاً الموافقة الروحية بمعنى أن مضمون الخبر موافق للأصول الإسلامية والقواعد العقلية والشرعية ، وهذا معنى قولهم عليهم السلام : «إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه» (1) ، هذا مسلكنا في مقابل المسلك التجزيئي وهو اعتبار خبر الثقة حجة مستقلة وكذلك الشهرة والإجماع المنقول حجتان مستقلتان لو قيل بحجيتهما لا أن هذه الأمور مقدمات تكوينية للحجة الواقعية كما يراه المسلك الأول ، وبناءاً على مسلك الوثوق فقد طرحنا بحثاً في تاريخ تدوين الحديث وكيفيته لنتعرف من خلاله على الكتب الحديثية عند الشيعة والسنة ومدى كفاءة مؤلفيها في الاعتماد على نقلهم وطريقة التأليف والجمع عندهم ، وهذا يفيدنا معرفة قيمة أحاديث الشيعة وقيمة كتب الحديث بالمقارنة من حيث الضبط والدقة بين الكتب الأربعة ويفيدنا أوثقية أحاديثنا بالنسبة لأحاديث الصحاح الستة، لأنه قد يدعى عكس ذلك بحجة أن أحاديثهم أقرب لعصر الرسالة لكن الاطلاع على تاريخ تدوين الحديث عند أهل السنة وطريقة تأليفهم يفيد الإنسان بصيرة بضعف أكثر الأسناد وعدم الضبط في نقلها وتدوينها .
 ومما يبتني على مسلك الوثوق أيضا بحث أسباب اختلاف الحديث فإنه بحث لم يطرح في كتب علم الأصول عند السابقين وطرحه بعض المتأخرين طرحاً مختزلاً بدون شواهد حديثية وروائية على البحث ، ونحن نرى ان أهم بحوث تعارض الأدلة هو بحث أسباب اختلاف الحديث فإن الفقيه إذا احاط بهذه الأسباب استطاع الجمع بين الأحاديث المختلفة جمعاً عرفياً من خلال خبرته باسباب الخلاف من دون حاجة للرجوع إلى روايات العلاج ، فإنها بين ما هو غير تام دلالة وما هو غير تام سنداً حتى حملها صاحب الكفاية على الاستحباب ، ونحن قد فصلنا هذا البحث وملأناه بالشواهد التاريخية والحديثية  بحيث يرى الطالب العلاقة العملية الوثيقة بين كبريات علم الأصول وموارد التطبيق في الفقه .
 وقد طرحنا عدة نقاط في هذا البحث :
 أ ـ تاريخ مشكلة اختلاف الحديث منذ بدايتها وحتى المرحلة التي توسعت فيها وظهرت في الكتب الحديثية.
 ب ـ الأثار العقائدية والفقهية للمشكلة .
 ج ـ تصدي العلماء لعلاج هذه المشكلة على صعيد مدرسة المتكلمين وصعيد مدرسة المحدثين وصعيد علم الأصول .
 د ـ أسباب الاختلاف وهي قسمان : أسباب داخلية وأسباب خارجية والمقصود بالأسباب الداخلية هي الأسباب التي صدرت من قبل أهل البيت أنفسهم والمقصود بالأسباب الخارجية هي الأسباب التي صدرت من الرواة والمدونين ، فالأسباب الداخلية عدة منها :
 
 
 ا ـ النسخ :وتحدثنا فيه عن امكان صدور النسخ من قبل أهل البيت عليهم السلام للآية القرآنية والحديث النبوي والحديث المعصومي السابق ، وأقسام النسخ من النسخ التبليغي الذي يعني كون الناسخ مودعاً عندهم عليهم السلام من قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لكنهم يقومون بتبليغه في وقته ، والنسخ التشريعي وهو عبارة عن صدور النسخ منهم ابتداءاً وهذا يبتني على ثبوت حق التشريع لهم عليهم السلام كما كان ثابتاً للرسول ، صلى الله عليه وآله وسلم وقد طرحنا هذا الموضوع أيضاً ضمن بحث النسخ .
 
 2 ـ انقسام الحكم الصادر إلى قسمين :
 أ ـ حكم قانوني .
 ب ـ حكم ولايتي ، وهذا من اسباب اختلاف الاحاديث لاختلاف نوع الحكم الصادر، وهناك نبحث عن الفارق بين الحكمين وعن وجودهما في أحاديثنا وعن حدود الحكم الولايتي مع بيان حدود ولاية ألفقيه وانقسامها للولاية العامة والولاية في الامور العامة .
 3 ـ الكتمان : أي كتمان بعض الامور الواقعية في حديث وذكرها في حديث آخر فيحصل الاختلاف المذكور، وتحدثنا في بحث الكتمان عن اربعة امور، أولاً : في إثبات حق الكتمان لهم عليهم السلام ، وثانياً : في أسباب الكتمان وهي متعددة :
 منها: اختلاف اسلوب التبليغ على نوعين :
 أ ـ التعليم :وهو طرح الكبريات الشرعية على الفقهاء من أصحابهم كزرارة ومحمد بن مسلم .
 ب ـ الافتاء: وهو طرح نتيجة تطبيق الكبرى على الصغرى من دون إشارة لعملية التطبيق المذكور، وهذا الاسلوب يتم مع عوام الناس الذين يستفتون أهل البيت شفاهاً أو مكاتبة. واختلاف اسلوب التبليغ سبب في اختلاف الحديث ، ومنشأ أيضاً لكتمان بعض الأحكام كالحكم الكلي حين استخدام اسلوب الافتاء مثلاً، حيث إن الافتاء يتعلق بالحكم الجزئي لا الكلي .
 ومنها فقر اللغة العربية من المصطلحات القانونية مما يضطر الامام لاستخدام اسلوب واحد كالامر والنهي لبيان نوعين من القوانين ، فيحدث الاختلاف بين الاحاديث نتيجة اختلاف المضمون مع وحدة الاسلوب ، كما لو قام الامام بتبليغ الوجوب الشرطي والوجوب المولوي كليهما باسلوب الامر مع اختلافهما مضموناً، وهذا النوع من التبليغ فيه نوع من الكتمان لبعض القوانين التي لا يمكن اظهارها بالاسلوب الصريح لعدم وجود مفرداتها في اللغة العربية .
 ومن اسباب الكتمان المداراة أي مداراة ظروف السائل في كونه ملحداً أو حديث عهد بالاسلام أو حديث عهد بالتشيع فلا يلقى له الحكم الصريح حفاظاً على شعوره وهدايته ، أو كونه من الغلاة أو المقصرين أو اصحاب المذاهب الاقتصادية أو السياسية او الفكرية فيحذر الامام ان يلقي له الحكم الواقعي فيكون مؤيداً لخطه المنحرف الذي يدعو له ، أو كونه يعيش في بيئة منحرفة لا تتحمل هذا الحكم فيراعي الامام عليه السلام بيئته ومحيطه .
 ومن اسباب الكتمان التقية بانواعها، وهي التقية من السلطة الحاكمة أو من المذهب المشهور عند الجمهور أو من التيارات الفكرية المناوئة ، واستعمال الامام للتقية تارة بالقاء الاختلاف بين الشيعة حتى لا يطمع فيهم اعداؤهم نتيجة لاختلافهم كما ورد في الروايات ، وتارة باخفاء الحكم الواقعي .
 ومن اسباب الكتمان السوق للكمال فقد يبدي الامام عليه السلام الحكم المستحب بدون قرينة على الترخيص في تركه رغبة منه في سوق المكلفين لدرجات الكمال المعنوي .
 ثالثاً : البحث في طرق الكتمان وهي السكوت والتورية بقسميها البديعية والعرفية، والتورية العرفية على انواع أيضاً، منها : العدول عن سؤال السائل إلى بيان مطلب آخر، ومنها : القاء الجواب المجمل أو المختلف .
 رابعاً: في تحديد نوع الاحكام التي يصح فيها طريق السكوت ، ونوع الاحكام التي يصح فيها طريق التورية، ونوع الاحكام التي يصح فيها طريق القاء الاختلاف بين الشيعة . وهذا بيان اجمالي للاسباب الداخلية لاختلاف الحديث.
 
 وأما الأسباب الخارجية : فهي ما قام بها الرواة والمؤلفون وهي متعددة :
 1 ـ الوضع : وتحدثنا فيه عن أهدافه وأنواعه من تأليف كتاب أو الدس بين النصوص أو الزيادة والنقيصة في الرواية .
 2 ـ النقل بالمعنى وأخطاره .
 3 ـ الحديث المدرج ويعني قيام بعض المؤلفين بإدراج تعليقه على الحديث في ضمن الحديث بدون فرز بينهما .
 4 ـ التقطيع للروايات .
 5 ـ تشابه الخطوط .
 6 ـ التصحيح القياسي .
 7 ـ الخلط بين كلام الامام وكلام غيره من الفقهاء في سياق واحد من قبل الراوي .
 فهذا مجمل بحث علل اختلاف الحديث الذي هو من اهم البحوث الاصولية وامسها بعملية الاستنباط ، وقد طرحنا فيه الشواهد الكثيرة من أحاديث أهل البيت عليهم السلام وكتب المحدثين .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35020
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29