• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التأثير والخضوع .
                          • الكاتب : مريم حنا .

التأثير والخضوع

مبدأ التضاد الإدراكي وهو مبدأ تفاوضي معروف وهو مبدأ هام من مباديء التأثير والخضوع في التفاوض.
تخيل أنك تفكر في كل تصرف تقوم به. فمثلاً – عملية التنفس- في هذه الحالة ستستغرق كل وقتك مفكرًا في عمليتي الشهيق والزفير ولحسن الحظ فإن الكثير من الاستجابات في حياتنا تتم بشكل اتوماتيكي وهذه الاستجابات الاتوماتيكية تجعلنا مستهدفين من الأفراد الذين يفهمون كيف يستغلونها لصالحهم.
التفاوض جزء أصيل من حياة الإنسان، فهو في حالة مفاوضات دائمة. وإن من الخطورة عدم إدراك الإنسان أنه في وسط موقف يقتضي التفاوض. وإذا حدث ذلك فإنه لن يستطيع تحسين النتائج لصالحه لأنه إذا لم يخطر في باله أن هذه الصفقة يدخل فيها بالتفاوض.
فأنا مع كل من يريد الحل الأمني الحاسم لأزمة رابعة العدوية. فلا للقرارات المرتعشة حيث أننا قمنا بعمل كل المفاوضات الممكنة في هذه الأزمة الراهنة ولا بديل عن الحل الأمني.
هل قرأت يومًا عن الأساليب والمباديء التفاوضية؟
هل تعرفت يومًا على مباديء التفاوض وهي القائمة على فكرة التأثير والخضوع؟
أيهما أفضل أن تفك الحبل بيديك؟ أم بأسنانك؟!
لنفرض معًا المثال التالي:
مثال الرهائن والمختطِفين:
فما هي البدائل المتاحة أما رجال الأمن لتحرير الرهائن؟
إما الهجوم المباغت أو استخدام قناصة متخصصين أو استخدام الأسلحة الكيماوية وكلها بدائل يعاب عليها إحتمالية حدوث الكثير من حوادث القتل والإصابة لبعض رجال الأمن والرهائن والمختطِفين وتمتاز بأنها تضع حدًا للموقف الخطير بسرعة وأخيرًا السيطرة على الموقف بالتفاوض ويمتاز هذا البديل بأنه يؤدى إلى حفظ الأرواح وتحسين الصورة الذهنية لرجال الأمن.
قبل البدء في عملية التفاوض يجب الأخذ في الاعتبار أن المختطفين لديهم رغبة في الحياة وأن لهم مطالب قد تكون شرعية وقد لا تكون، ولكن يجب ألا نغفلها وأن هناك خطر من استخدام القوة وأنه يجب على المفاوض أن يظهر لهم أنه لديه القدرة في إلحاق الضرر بهم مثلما لديه الرغبة في مساعدتهم.
حسنًا، فإذا قررنا أن نفك الحبل بأيدينا أى التفاوض بشأن هذه الحادثة فهل هناك خطوات نقوم بها؟
أقول لك عزيزي القاريء:
هناك خمس خطوات أساسية يجب مراعاتها عند القيام بالتفاوض:
1-اذهب إلى البلكونة
يجب على المفاوض أن ينظر إلى نفسه على أنه طرف ثالث محايد وذلك لتلافي أخذ الأمور بمأخذ شخصي.
2-اجعل المختطف يعتقد أنك تقف بجانبه:
يجب عليك أن تعيد المختطف إلى توازنه الانفعالي قبل التفاوض وأن تجعله يشعر بأنك حليف له وليس عدوه عن طريق الإنصات الجيد له والتأكيد له بأنك قد فهمت المشاعر والمعاني التي يقصدها ثم الاعتراف بوجهة نظره والتعامل معه على أنه إنسان ثم البحث عن نقاط الاتفاق مستخدمًا مبدأ «تجنب القضايا التي تتسم بالمواجهة في بداية عملية التفاوض».
3-غير قواعد اللعبة:
على المفاوض الناجح أن يحول المفاوضات من المساومة على المواقف إلى حل للمشكلات.
4-ابني الجسر الذهبي:
اجعل من السهل على المختطف أن يقول نعم بجعله يشعر أن الحل المقترح هو من خلاصة أفكاره.
5-اجعل من الصعب عليهم قول «لا»
استخدم القوة فقط عندما يمكن استخدامها بالشكل المناسب. وجه أسئلة حقيقية مثل ماذا تتوقع حدوثه إذا لم نتعاون سويًا لعلاج المشكلة؟ كيف تتوقع رد فعل رجال الأمن إذا قمت بإيذاء الرهائن؟ حتى إذا رفض المختطف التفاوض حاول البحث عن مخرج لجعله يتفاوض. اجعل الجسر مفتوحًا.
وعند التعامل مع طلبات المختطفين والذي يعتبر جوهر النجاح في عملية التفاوض فلابد من تجنب سؤال المختطفين عن طلباتهم والانتظار حتي يذكرها المختطفين أنفسهم أولاً. ثم تجنب عرض أي تنازل أولاً من قبل المفاوض فيجب أن يطلب هو أولاً ثم تعرض عليه أنت بعد ذلك طلبك حيث أن عملية التفاوض هي عملية أخذ وعطاء, ويجب أيضًا أن لا تتنازل عن شي لم يطلب منك وألا يقدم أكثر من المطلوب فإذا طلب سجائر أعطه سيجارة واحدة ولا تعطه كبريت إلا إذا طلب منك ثم بعد ذلك اعطه عود كبريت واحد... وهكذا. ولاتقدم تنازل إلا في مقابل تنازل من الطرف الآخر فعندما يطلب منك سجائر اطلب منه أن يفرج عن الرهائن المرضي والنساء والأطفال.... وهكذا وفي هذا لابد وأن تعرف أن طلبات المختطفين لها قيمتها الكبيرة وحتي ولو كانت قيمتها بالنسبة لك لا تساوي فمن الممكن أن يكون عود الكبريت يساوي حياة الرهائن والمرضى والأطفال الذين هم قيمة كبيرة بالنسبة لك ولكن بالنسبة له لا تذكر.
حسنًا عزيزي القاريء، ماذا لو فشلت كل المفاوضات الممكنة؟
أقول لك ليس أمامهم سوى الحل الجذري وهو أخذ القرار الأمني بفض الاعتصام دون النظر لأي اعتبارات.
لقد حاولوا الوصول إلى اتفاق يشمل مقابلة المصالح الشرعية لكلا الطرفين بالإضافة إلى محاولة حل الاختلافات في المصالح بشكل عادل ولكن بدون جدوى.
لقد نظرنا إلى معتصم رابعة العدوية كزميل وليس كغريم.
هل سألنا أنفسنا ما هو الهدف من التفاوض؟ نعم
هل كان الهدف هو الوصول إلى اتفاق؟ نعم
هل وضعنا في اعتبارنا تواجد أطفال ونساء في الاعتصام؟ نعم بدليل تأجيل الحل الأمني كل هذه الفترة.
ما هي استراتيجياتنا للتعامل مع هذا الموقف لو تم وضع هؤلاء في الصفوف الأمامية؟
لماذا وصلنا إلى هذا الوضع؟ أليس هؤلاء الأطفال هم أطفال الشوارع (القنبلة الموقوته)؟
ألم نكن نعلم أن هؤلاء الأطفال عددهم في القاهرة الكبري يزيد عن ال 2 مليون طفل؟
هل كان الهدف هو استخدام أسلوب الفوز للجميع؟ نعم. وليس الفوز لأحد الأطراف والخسارة للطرف الأخر.
بالطبع لقد استنفذ القائمين كل الحيل التفاوضية والخطط الاستراتيچية لحل هذه الأزمة. فليس أمامهم إلا خيار واحد لا سيما أن كل الذي نبنيه يقوم الطرف الآخر بهدمه فنحن قد اتبعنا مقولة «على قدر طاقتكم سالموا جميع الناس» فماذا لو أن الطرف الآخر لا يمد يده بالسلام.
فمن المعروف أن تدخل رجال الأمن في مثل هذه الحوادث يؤدي إلى تطبيق مدخل المكسب لهم والخسارة للغير؟
ألم يكن هؤلاء المعتصمون يدركون ذلك أنه عند فشل جميع المفاوضات سيتم اللجوء إلى الحل الأمني؟ إذا فهم الذين اختاروا ولسنا نحن فهنيئًا لهم.
فالتفاوض الحقيقي يحدث عندما يحترم كل جانب الجانب الأخر ويحترم وجهة نظره. أما إذا كنت عاقدًا العزم على فرض الحل الذي قدمته على الجانب الأخر. فلا يعد هذا من قبيل التفاوض بل من قبيل الدكتاتورية. 
هل احترم الإخوان وجه نظر الآخر؟
لماذا حاولوا فرض حلولهم الدكتاتورية؟
أقول لك عزيزي القاري أن الحل الأمني جاء نتيجة رفضهم التفاوض.
فهم الخاسرون.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34926
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19