• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الامام علي المقياس الذي نقيس به الانسان .
                          • الكاتب : مهدي المولى .

الامام علي المقياس الذي نقيس به الانسان

 

 المعروف جيدا ان  الانسان منذ ان بدأ يعي ويدرك بدأ ينظف نفسه من قيم وعادات الحيوانات المتوحشة وبدأ يتخلى عن قيم الغاب المتوحشة ويخرج من شرنقة الوحشية والهمجية تدريجا
لا شك هناك بعض الاشخاص تخلوا عن قيم الوحشية وارتفعوا الى مستوى القيم الانسانية في ازمان متأخرة وقديمة حتى قيل عنهم انهم خلقوا ووجدوا في ازمان غبر ازمانهم وفي مكان غير مكانهم وكان هؤلاء طبعا قلة قلة  وكان على رأس هؤلاء هو الامام علي
حتى اصبح المقياس الذي نقيس به الانسان اذا كان بمستوى الامام علي نقول انه انسان واذا كان غير ذلك نقول لا يزال دون مستوى الانسان  من الطبيعي هناك درجات في هذا المستوى
حقا ان الامام علي كان يمثل قيم الانسانية وخلق الانسانية ودين الانسانية ومهما تطورت وارتفعت الانسانية لم تصل  مستواه حيث جعل من حياته كلها في خدمة الانسان ومن اجل الانسان وتخلى عن اي رغبة شخصية او منفعة ذاتية حتى انه لو يرى في التخلي عن الطعام البسيط والقليل الذي لا يكاد يسد رمقه يخدم غيره لتخلى عنه
ومنذ ذلك الوقت بدأ الانسان يسعى  ويتعلم ويعمل من اجل ان يرتفع ويسموا الى مستوى الانسان  ويتخلى عن  اساليب وطبيعة الحيونات وقوانين الغاب
وهكذا نرى هؤلاء النفر القليل في التاريخ الذين تخلوا عن اساليب  وطبيعة الحيونات وقوانين الغاب في صراع دموي حاد مع اولئك الذين لا يزالون متمسكون بتلك الاساليب الحيوانية المتوحشة وقوانين الغاب  ونتيجة لتضحية وصبر وتحدي هؤلاء وما امتازوا به من  نكران ذات وحب للاخرين وللناس اجمعين ونزعة انسانية لا تشوبها شائبة 
فاصبح صرخة  كل مظلوم وكل محروم في كل مكان من الارض وكان الامام القدوة التي يحتذي بها كل انسان حر في كل مكان وفي كل زمان  فكان ملهم ومصدر كل اهل الفكر والعلم والادب والفقه النير ومنبع كل رأي حر وفكر نير ومعلم كل انسان مصلح هدفه التغيير والتطور لصالح الانسان والحياة فكان صرخة كل ثائر ومنهج كل ثورة في تاريخ العرب والاسلام والعالم
كان الامام علي يرى الانسان هو افضل  واسمى شي في الوجود لهذا امر ان يكون كل شي في هذا الوجود في خدمة الانسان ومن اجله الحكومة والحاكم والدين والقانون والعلم والعمل واي شي يهين الانسان يحتقر الانسان باطل ومرفوض وكفر
فالجهل والامية كفر
والفقر والحرمان كفر
وظلم الانسان  للانسان كفر واستغلال الانسان للانسان كفر
وتقيد حرية الانسان  كفر وفرض الاراء على الانسان كفر ومنع الانسان من التعبير عن افكاره كفر
رفض العبودية رفضا قاطعا صارخا بوجه الانسان لا تكن عبدا لغيرك
رفض الجوع ووضح سببه حيث قال ما جاع فقير الا بتخمة غني او لم ار نعمة موفورة الا وبجانبها حق مضاع
يؤمن بالتطور والتغيير حيث قال لا تقسروا اولادكم على عاداتكم لانهم مخلوقون لازمان تختلف عن ازمانكم وقال مخاطبا الانسان اذا لم يكن يومك غير امسك  فلا تعتبر نفسك حيا
رفض بيعة واختيار النخبة اي الطبقة العليا  وطلب من الجميع من القاعدة من الجماهير ان تحضر  وتصوت بحرية وفعلا صوتت القاعدة الفقراء والمحرومين في حين الكثير من عناصر النخبة رفضت بيعته ومع ذلك كان مرتاح ولم يظهر اي غضب او زعل بل احترم تلك العناصر رغم  الحقد الاعمى التي يملأ قلوبها
فكان يحترم الرأي والرأي الاخر بشكل مذهل  كيف لانسان قبل اكثر من 1400 عام  يحترم انسان اخر يختلف معه في الرأي ولا يعترف بحكمه ويعتبره مواطن لا يختلف عن اي مواطن اخر  في اي شي
هل اكون مبالغا اذا قلت ان العرب والمسلمين الى الان لم يصلوا الى هذا المستوى من السمو والارتقاء من احترام للانسان ولعقله
فكانت نزعته انسانية صرفة نقية اذا لم يكن اخا لك في الدين فهو اخاك في الخلق
فكان يقدس الانسان العامل والعمل فكان يرفض اي يد تقبل الا اليد العاملة لانها يد مقدسة وكان يعتبر قيمة الانسان ما يحسنه ما يعمله فكان يقول قيمة كل انسان ما يحسنه
فكان يرى اماطة الاذى عن الطريق عبادة الصدق في العمل عبادة حل مشاكل الاخرين عبادة التخفيف عن معانات الناس عبادة
كان الامام علي مغرم وميتم في الحياة فانه عاش من اجلها ومات من اجلها حياة العدالة والنور والحب والسلام والمساوات بين جميع الناس
ذم رجل الدنيا عند الامام علي
فغضب الامام وقال الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار نجاة لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها مهبط وحي الله ومصلى ملائكته ومسجد انبيائه ومتجر اوليائه
حتى انه عندما ضربه عدوه على رأسه صرخ فزت ورب الكعبة لا حبا بالموت وانما حبا بالحياة لانه شعر انه خدم الحياة والانسان
وان هذه الضربة  التي قطعت رأسه هي الدليل على حبه واخلاصه للانسان والحياة من اجل حياة كريمة وانسان حر سعيد
نعم ان اعدائه قطعوا رأسه مثلوا بجسده الا ان روحه قيمه مبادئه بقيت خالدة تسموا الى الاعالي متالقة تزداد تالقا بمرور الزمن
انا على يقين انك لا تخشى اعدائك مهما بلغوا من وحشية وظلم وهمجية لم ينالوا منك شي ابدا بل انهم يتلاشون حتى ينتهون
لكنك تخشى اولئك الذين يتاجرون بحبك فهؤلاء هم الذين يقتلون روحك وقيمك ومبادئك ويخمدون نورك وتألقك
انهم يتظاهرون بحبك الا انهم يفعلون افعال اعدائك
سيدي لا اشكوا اليك من اعدائك 
لكني اشكوا اليك من المتاجرين باسمك هؤلاء هم القتلة الحقيقون
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34318
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18