• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح127 سورة التوبة الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح127 سورة التوبة الشريفة

قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ{52}
تشير الاية الكريمة ان المنافين كانوا ينتظرون حلول الهزيمة او الشدة على المسلمين , فتصف الاية الكريمة ذلك بأنه ( إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ) , النصر او الشهادة , اما المسلمون ينتظرون حلول احد امرين على المنافقين والمشركين : 
1- ( وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ ) : عذابا منه جل وعلا , كما حدث للاقوام السالفة . 
2- ( أَوْ بِأَيْدِينَا ) : بعد ان يأذن الباري عز وجل للمسلمين بقتالهم .   
تختتم الاية الكريمة بأيجاز بليغ المعنى ( فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ) , كل ينتظر ما سيحدث على الطرف الاخر , والعاقبة للمتقين .  
 
قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ{53}
توجه الاية الكريمة النبي الكريم (ص واله) ان يقول للمنافقين , انفقوا من اموالكم , على اي حال , مطيعين او كارهين , أيا ما كان , فأن الله تعالى ( لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ ) , والسبب ( إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ) , خارجين عن طاعته عز وجل .  
 
وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ{54}
تذكر الاية الكريمة ثلاثة اسباب اخرى لعدم قبول نفقات المنافقين :
1- (  إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ ) : اضمروا الكفر بالله تعالى , وتكذيب رسوله الكريم محمد  (ص واله) . 
2- (  وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى ) : لا يتوجهون الى الصلاة , الا وهم متثاقلون , كأنهم عمال سخرة , بينما المفروض , ان يستعد المؤمن الى لقاء جبار السموات والارض , والوقوف بين يديه , الامثال تضرب لتقريب المعنى , ولا تقاس , لو كان لدى زيد موعدا مع شخصية كبيرة , مسؤول حكومي او ما شابه , فأنه سيستعد لهذا اللقاء , بأفضل وانظف الملابس , واحسن صورة , وارتب هيئة , فكيف الحال مع لقاء جبار السماوت والارض ! . 
3- (  وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ) : يكشف النص المبارك ان المنافقين ينفقون من اموالهم على كراهية , وليس طوعا او رغبة في ذلك .    
 
فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ{55} 
كلام الاية الكريمة موجه الى النبي (ص واله) , الا ان المعني به كافة المسلمين , ( فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ ) , فتنهاهم عن الاعجاب بما لدى المنافقين من نعم ( الاموال بمختلف انواعها , والبنين ) , والسبب انها استدراجا لهم منه جل وعلا , ليعذبهم بها مرتين , الاولى في الدنيا ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) , والمرة الثانية في الاخرة (  وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) , اي بعد ان تزهق انفسهم على الكفر .  
 
وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ{56}
تبين الاية الكريمة ان المنافقين ( وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ ) , اي من المؤمنين , وهذا ما اظهروه , لكنها تكشف ما اخفوه ( وَمَا هُم مِّنكُمْ ) , اي انهم اضمروا الكفر والنفاق , فليسوا بمؤمنين ابدا , ( وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ) , انما حلفهم كان خشية ان يعاملهم المسلمين معاملة الكفار والمشركين .   
 
لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ{57} 
تكشف الاية الكريمة عن حال المنافقين , انهم لو وجدوا احد ثلاثة امور , لانصرفوا اليه مسرعين , كالفرس الجموح :  
1- ( مَلْجَأً ) : مكان يتحصنون فيه . 
2- ( أَوْ مَغَارَاتٍ ) : جمع مغارة , ويمكن ان تكون كهفا او سردابا . 
3- ( أَوْ مُدَّخَلاً ) : المسلك الذي يدخل فيه الانسان ليتوارى عن العيون ."مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي" .  
 
وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ{58} 
تستمر الاية الكريمة في بيان حال المنافقين , ( وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ) يعيبك في قسمتها , ( فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ ) , سكتوا , ( وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) , يغضبون .     
 
وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ{59}
توضح الاية الكريمة , لو ان المنافقين قبلوا بما اتاهم الله تعالى من الصدقة او الغنيمة وغير ذلك , ( وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ ) , كافينا , ( سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ ) , من غنيمة او صدقات اخرى ما يكفينا , ( إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ ) , انا نرغب ان يوسع الله تعالى علينا , فيغنينا عن الصدقات , فلو انهم فعلوا ذلك لكان خيرا لهم .        
مما يروى في سبب نزول الايتين الكريمتين ( 58 – 59 ) , ان النبي (ص واله) كان مشغولا بتقسيم الاموال ( من الغنائم اوما شاكلها ) , واذا برجل من بني تميم يدعى ذو الخويصرة – هو حرقوص بن زهير – يأتي فيقول له : يا رسول الله اعدل , فقال رسول الله (ص واله) : ( ويلك من يعدل اذا لم اعدل ) , فصاح عمر : يا رسول الله ائذن لي ان اضرب عنقه , فقال رسول الله (ص واله) : ( دعه فأن له اصحابا يحتقر احدكم صلاته مع صلواتهم , وصومهم مع صومه , يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ... ) " نور الثقلين ج2 , مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي" .    
 
إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{60}
تبين الاية الكريمة ان موارد صرف الصدقات : 
1- ( لِلْفُقَرَاء ) : الفقير هو الذي يعاني من حاجة مالية , فلا يجد ما يكفيه . 
2- ( وَالْمَسَاكِينِ ) : اشد حالا من الفقير . 
3- ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) : السعاة الذين يجبون الزكاة والصدقات . 
4- ( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) : الذين يعطون من الزكاة لاستمالة قلوبهم 
5- ( وَفِي الرِّقَابِ ) : في تحرير العبيد من الرق . 
6- ( وَالْغَارِمِينَ ) : الذين ركبتهم الديون في غير معصية ولا اسراف . 
7- ( وَفِي سَبِيلِ اللّهِ ) : كالبذل والجهاد وبناء المسجد والحج . 
8- ( وَابْنِ السَّبِيلِ ) : المسافر المنقطع في بلاد الغربة .                
    " مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي" .    
تختتم الاية الكريمة بــ ( فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) , فريضة واجبة منه جل وعلا , على الاغنياء لاصحاب هذه الموارد , ( وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) , الله تعالى ( عَلِيمٌ ) بعبادة واحوالهم , ( حَكِيمٌ ) , في تدبيرها .    
 
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{61}
تستمر الاية الكريمة في كلامها عن المنافقين , وهذه المرة ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ) , يعيبونه , ( وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ) , عندما ينهون عن ايذاء النبي (ص واله) يقولون انه يسمع كل قيل وقال ويقبله , فأذا حلفنا له انا لم نقل صدقنا , ( قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ ) ,  يأتيهم الرد من قبله عز وجل , قل هو (ص واله) مستمع خير ( لكم ) , وليس بمستمع شر , يؤمن بالله تعالى , ويؤمن للمؤمنين , فيصدق ما اخبروه به , وايضا هو (ص واله) رحمة للذين امنوا , ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) , الذين يؤذون الرسول ( ص واله) بأي شكل من اشكال الاذى , لهم عذاب يصفه الباري عز وجل بأنه ( أَلِيمٌ ) .    



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33609
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18