• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حيا الله شعب مصر .
                          • الكاتب : كفاح محمود كريم .

حيا الله شعب مصر

 

   بعيدا عن الأجواء الانفعالية التي رافقت الأحداث الدراماتيكية لنهاية حكم الأحزاب الدينية في ارض مصر، فان ما حدث يؤكد عدم صلاحية بيئة هذه المنطقة لأي حكم حزبي ديني سياسي، إسلاميا كان أم مسيحيا، سنيا كان أم شيعيا، فقد أصبح جزء من التراث السياسي والاجتماعي القديم ولا يمكن مزاوجته مع معطيات العصر الحديث والياته وأعرافه، خاصة في المجتمعات السياسية والمدنية في بلدان يعتبر الغالب منها ذي تكوين متعدد الأعراق والأديان والمذاهب والقوميات بما لا يعطي أي فرصة لنجاح دولة الإمام ونظام الشريعة الا بالاستبداد والدكتاتورية!؟
 
      إن احد أهم عوامل فشل الإدارة السياسية لأي نظام ديني هو اعتماده للتشريع العقائدي الذي لم يتفق عليه لحد يومنا هذا، المذهبين الرئيسيين في الإسلام وهما السنة والشيعة وفي نظرتهما حتى لكثير من الثوابت العامة والتعامل مع مظاهر الحياة المعاصرة، هذا إلى جانب الاختلافات الحادة بين معظم الفقهاء والمراجع في المذاهب السنية الأربعة، وفي التقاطع الحاد بين كثير من المرجعيات الشيعية أيضا.
 
      وخلال سنة واحدة من حكم الإخوان في مصر كشفت الفاشية والدكتاتورية عن أنيابها من خلال سلوك واضح لدى الحزب أو الرئيس في الهيمنة على كل مقاليد الحكم سياسيا واجتماعيا ومصادرة أي محاولة للآخر بتكثيف التواجد الاخواني في كل مفاصل الإدارة والمال والحكم، بما يتقاطع مع مبدأ المشاركة واصل الديمقراطية وهذا ما دفع الأهالي بثورة عارمة والخروج بملايين النساء والرجال، وبالتوافق مع إرادة الجيش والشرطة التي أخذت على عاتقها تنظيم وإدارة عملية الإنهاء والإزالة،  ومن ثم الانتقال إلى إشغال الفراغ برموز مدنية لأول مرة في تاريخ الانقلابات العربية دونما بيانات وبلاغات وأناشيد حماسية، وبتوافق قل نظيره في عمليات التغيير، جمع تحت جناحيه معظم القوى الفاعلة سياسيا ودينيا واجتماعيا، مع ترحيب وارتياح واضحين من القوى الرئيسية إقليميا وعالميا، وخاصة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية التي اعتبرت ما يحصل في مصر ليس انقلابا، مما أعطى إشارات  واضحة بارتياح الإدارة الأمريكية، خاصة وان الرأي العام الأمريكي والأوربي كان قد أصيب بالإحباط لنتائج الانتخابات التي أقلت جماعة الإخوان إلى دفة الحكم وما رافقها من عمليات تزوير كبيرة واستخدام خطير لوسيلة الدين وفتاويه مع الأغلبية البائسة والساذجة من الشعب، كما حصل في دورتين انتخابيتين هنا في العراق وعملية الاستخدام البشع للدين ورجاله للهيمنة على مفاصل الدولة وسلطاتها الثلاث.
 
      إن ما فعله شعب مصر العريق اثبت إن الشارع المصري الأكبر في المنطقة العربية والإسلامية يرفض أي مساس في بنيته المدنية والحضارية والاجتماعية لحساب حركة دينية سياسية تعتمد الايدولوجيا المفرطة في إدارة البلاد وتوجيهها بل وزراعة عناصرها في كل مفاصل الدولة والمجتمع، كما فعل البعثيون في تجربتهم الفاشية والفاشلة في صناعة الدولة القومية بمواصفات عنصرية طائفية كما عهدها العراقيون والسوريون على حد سواء.
 
     لقد أعطت ثورة شعب مصر العظيمة إشارة قوية لكل شعوب المنطقة في ضرورة الإسراع بتشريع قوانين تفصل الدين عن الدولة، بل وتحرم تأسيس أو تنظيم أي حركة أو جمعية أو حزب سياسي على خلفية إيديولوجية دينية أو مذهبية أو قومية عنصرية وخاصة في البلدان ذات المكونات العرقية والدينية والمذهبية المختلفة.
kmkinfo@gmail.com
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33566
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19