• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : محنتي مع نظرية التآمر .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

محنتي مع نظرية التآمر

بعد عقود من التعامل مع الشأن السياسي ومتابعة ما يحدث في البلدان التي تهمني تطورات الاحداث فيها ، اراني مضطرا للاعتراف بحقيقة انني لا ارى الا المكشوف الظاهر امامي الى درجة السذاجة ، حد انني اضجر من رؤيتي البصرية المبالغ بها للاشياء . وطالما عوتبت من قبل اصدقاء خلص كوني لا ارى ابعد من مد النظر ولا اجهد دماغي "ان وجد" في رؤية من و ما خلف الكواليس . في الضفة الاخرى لي زميل اعلامي من ارض الكنانة المحروسة وهو متابع ملح للاحداث لا ينظر لاي تحرك يجري على وجه المعمورة الا كونه نتيجة لمؤامرة تحاك في دوائر الاستخبارات والمخابرات العالمية ولهذا فهو ناقم على الجميع ويخون الجميع شعوبا وقبائل ، انظمة ومعارضات ولا يعجبه العجب . قبل بضعة ايام سالته عما اذا كان تابع تصريحا لمحمد حسنين هيكل وهو يبرر لحزب الله اللبناني التدخل في معركة استعادة "القصير" السورية ، فرد علي بجواب سريع وجاهز " هيكل لا يعتد برايه لانه يريد التقرب لايران" . ولك ان تتصور ان هيكل وهو يقترب من التسعين يريد التقرب من ايران المحاصرة من جميع الجهات ، فقس على ذلك . وصاحبنا الذي يعتمد على بصيرته بنفس الحجم الذي اعتمد فيه انا على بصري ، لا يعنيه انه يقع في اشكال بل سلسلة اشكالات متواصلة ، فهو يرى في مجىء نظام معين الى السلطة خطة حيكت في اروقة مخابرات بوركينافاسو ، لكنه لا يتورع عندما يسال عن المعارضة المحتشدة لاسقاط هذا النظام ، عن اتهام البوركينيين الفاسويين انفسهم بالوقوف وراء هذه الاحتجاجات المليونية . وعندما يشعر بحراجة الموقف يرد قائلا : يعني هوه حنه لينه راي ، كلو يگينه من بره ... فتصور . المبالغة في الانسياق لنظرية المؤامرة هو العامل الوحيد الذي يجعلني احمد الله بعدد الانفاس على نعمة النظر الى الاشياء بعين البصر فقط و تنحية البصيرة جانبا . و لو خيرت بين ان اكون اعمى كما انا عليه او الانقياد الاعمى لنظرية المؤامرة فلن اتردد لحظة واحدة في اختيار ما انا عليه لسبب بسيط وهو ان ضحايا نظرية المؤامرة يسلبون ارادة الشعوب والمجتمعات تماما ويحولوننا الى مختبرات فئران او على وجه الدقة فئران مختبرات للاخرين يطبقون فيها خططهم المخابراتية كما يشاؤون ومتى يشاؤون ، حتى وان كان هؤلاء الاخرون دولا مجهرية تكاد لا ترى بالعين المجردة على الخرائط . عندما سئل الكاتب المصري الكبير هيكل عن نظرية المؤامرة قال ما معناه : ان الساذج من الغى المؤامرة تماما ، والاكثر سذاجة منه من يفسر جميع الظواهر والاحداث على انها نتيجة لمؤامرة دولية تحاك ضدنا دائما .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33223
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28