• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : صدق المنجمون أم تكالب المُتآمرون؟ .
                          • الكاتب : ليالي الفرج .

صدق المنجمون أم تكالب المُتآمرون؟

إن عبارة " المُؤامرة ضد العرب و المُسلمين" أو ما يُسمى " نظرية المؤامرة "، والتي طالما تغنّت بها النُخب من المحللين السياسيين، و أُشبعت طرباً و ترويجاً  كما يعتقد البعض، فمن جهة مقاصدها الخبيثة، يأتي في مقدمة مهامها و أهدافها إضعاف الأمة العربية و الإسلامية و نخر قوامها، لما  يقتضيه الأمر من زرع للفتن و اشتغال بالمشاكل و الصراعات والعمل على تأجيجها، غير أن الكثير أيضاً في المشهد الفكري والثقافي لا يتفق مع هذا الطرح، بل ويعتبرونه اجترار و ضياع للوقت في نقاشات و تحليلات حول قضية تعد هلامية ومبالغ  في سردها، وبعض منهم يصرح بأن ليس ذلك سوى نسيج عدائي، يُشغل العوام عن قراءة الواقع و فضاءاته بشكله الصحيح . 

 

وبين حانا ومانا، كما يقولون، بات  تأثير حاد جرّاء مناخ سوداوي ينشر طبقاته حول أي الرأيين يؤخذ به، أو بتعبير أدق، أيهما يغلّب على مقابله، وأيهما يغدو العملاق ليكون الآخر أقزم الرأيين في هذه المساجلة المتكررة؟

 

وبداية،لنعترف بأن سياسة كل الدول تظهر في عمومها كأنها وجهان لعملة واحدة، لها مصالح و أهداف داخلية وأخرى خارجية، و طريق تحقيقها إما طوعاً أو كراهية، وسياسة عالم الغاب تنضح بها أوعية الأقوياء، وما المُستنقع السياسي إلا مزرعة جرثومية، يتولد فيها أقذر و أقسى الطرق خداعاً و تمويهاً و تآمراً، بإشعال الفتن و الحروب إن استدعى الأمر، و حينها تنشب الميكافيلية  مخالبها في ملعب المواجهة،عبر وتيرة  ولا أشد، فليس سوى الوصول للهدف غاية، والغاية تبرر الوسيلة بمنطق ميكافيلي، ولهذا قد نجد من الدول من يتبع مقولة : أكون أو لا أكون، أو على حد تعبير الأخوة المصريين: عليّ و على أعدائي، ويلعب الإعلام أهم دور في ذلك،  عبر ديماغوجية تتآزر في صناعة رأي عام نحو قضية معينة وإيقاع الأفهام البسيطة في فخاخ استرايجيات الإقناع والتأثير هذه، فيمرر كثير من الأكاذيب التآمرية ويأخذها مَن وقع التأثير عليهم سواءً بمكائن الإعلام الموجه والاتصالات أو غيرها.

 

وهكذا يستمر هذا المُستنقع مطبخاً ساخناً وشرياناً ممتداً لكيد وألاعيب محترفي التآمر، يعد مقادير طبخاتهم  ساسة ومتخصصون في تخفي تارةً، أو تحايل يظهر على وجوه صانعيه الفضيلة والإحسان، وهم أبعد ما يكون عن ذلك، بل هم أعداء كل خير ومجانبو كل إحسان.

  

ويبدو أن ضمن سيناريوهات التآمر هي تلك الظواهر التي يتنبأ فيها عدد من المنجمين وتزامناً مع نهاية عام شمسي وبداية آخر، تعلو صيحات الأفاكين، وتنتفخ أشداق الفضائيات المروجة لهم، ويتسمر مئات الملايين أمام تلفزيوناتهم لعل يتعرفون على مستقبل هذا الكوكب الذي مافتئ ذوو المكر والمؤامرة يأكلون من خيراته، ولكنهم يتربصون به وبمن عليه الشر ويجهزون على كائناته بالشرارة.

 

وهكذا  نجد السواد الأعظم يُتابع بشغف مع تصفيق حار لبراعة ذلك المُنجم، ولكن ألم يخطر ببال هؤلاء أن ما يتم ترويجه من خلال تلك التنبؤات ما هو إلا سيناريو سيتم العمل بجهد و حرفية لتمام إنجازه ؟ 

 

هل تلك  التنبؤات فلكية حقاً أم معلومات تم تقديمها للمتلقي  بعد تسريبها من أدراج تحوي ملفات تُقرأ على لسان عراف و منجم ؟

هل كذب المنجمون أو تكالب المتآمرون؟

   

المؤامرة لا مجال لنكرانها بعد كل هذه السيناريوهات الحاصلة على مستوى العالم وخاصة العالمين الإسلامي و العربي ، و ما زالت تحت المجهر ما بين مُفند مُهوِّن و مُثبِت مُضخم ، و الحديث مُستمر في ظل حركة الوعي المتبلدة والتي مازالت تواجه الفشل في التصدي لمن يتآمر عليها.

 

ما زال تآمرنا على بعضنا هو شغلنا الشاغل، لنكون أدوات تسهل إتمام مهامهم ، وبدل إيقاف مؤامراتهم ضدنا ندمر أنفسنا بمهنية و قصدية لافتة! على بعضنا البعض.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32725
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29