• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الذئب الابيض ! ح10 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

الذئب الابيض ! ح10

عمت الاحتفالات في المملكة , لتنصيب الملك الجديد طامي وزواجه الاجباري من نجود , زينت الشوارع والبنايات , واطلقت الالعاب النارية لتزين السماء , الفرح والحبور يغمر الناس , المزيد من الطعام والشراب المجاني , غناء ورقص , لكن الوزير حواس لاحظ ان المستشار الحكيم جوحي و الذئب الابيض لم تظهر عليهما علامات الفرح , وقد استغرقا في همس متبادل , فاقترب منهما وقال مقاطعا : 
- لعلكما تفكران في ابا كرشوله ! . 
- نعم ... انه قادم ... بجيوش لا قبل لنا بها ! . 
طلب منهما ان يتركا التفكير في هذه المسألة , وان يشاركا في الاحتفال والمرح , والا لاحظ الناس قلقهما . 
                               ******************** 
في اليوم التالي , وصل الملك عنيجر ليهنأ الملك الجديد طامي , تلاه الملك سنافي والملك هويدي والملك جياد , قدموا الهدايا وبادلوه التهاني بتتويجه ملكا وكذلك زواجه , فبادلهم الترحاب , بعد ان جلسوا في الاماكن المخصصة لهم , واحتسوا الشراب , نهض الملك عنيجر ليقول : 
- ايها الملوك العظام ... استغل اجتماعنا ها هنا لنتكلم بأمر هام ! . 
- ما هو ؟ . 
- جاءني كتابا من الملك ابو كرشوله  ... يعاتبني فيه على خذلان الملك سبهان ... ويتوعدني بالعقاب ... الامر لا يعنيني لوحدي ... بل يعني الجميع ... قصدني اولا ... كون مملكتي اول مملكة ستكون في طريقه ! .   
صدرت من الملك طامي قهقهات ساذجة حمقاء , وقال : 
- ابو كرشوله ... يا له من اسم مضحك ! . 
لكنه لاحظ علامات الوجوم والهلع على وجوه الحاضرين , ومن ضمنهم المستشار الحكيم جوحي و الذئب الابيض , فكفكف ضحكاته وتمالك نفسه ليسأل بشيء من الجدية : 
- من هذا ابو كرشوله  ؟ .   
انبري المستشار الحكيم جوحي للاجابة : 
- انه الملك الذي قاتل ابيك الملك شكاحي في حرب ضروس ... اريقت فيها الكثير من الدماء من كلا الطرفين ... ففعل سبهان فعلته بعد ان تآمر معه لينقلب من داخل المملكة ... فقتل الملك شكاحي وتفرق جيشه ... وتسنت لابو كرشوله السيطرة على مقاليد الامور ... فنصب سبهان ملكا ... واعلن الممالك المجاورة حلفاء له ... اما الان وقد حدثت الثورة فأنه سيأت مرة اخرى لينصب احد ابناء ابنته ... زوجة سبهان ملكا ! . 
- ملكا في مكاني ... لكن هذا حقا شرعيا لي ! . 
- لكن ابو كرشوله لا يعرف سوى منطق القوة ... ولا يعير اي اهتمام الى الشرعية والقانون ! . 
- اذا فلنقاتله ! . 
- ليس الامر بهذه البساطة ... حيث لديه من العدة والعدد ما لا طاقة لنا به ! . 
قال الملك عنيجر مقاطعا : 
- يجب ان نتحد اولا ... ونوحد جيوشنا في صف واحد ... وتحت قيادة موحدة وحكيمة ... ولا ارى اجدر من الذئب الابيض  لهذه المهمة ! .     
وجه الملك طامي سؤالا للذئب الابيض : 
- ما تقول ؟ . 
فبادر الذئب الابيض للجواب قائلا : 
- قبل عشرون سنة واجهنا ابو كرشوله في حروب طاحنة ... صمدت بمن معي لكني لم انتصر عليه حتى كانت الخيانة من سبهان ... ومن حينها تركنا القتال والتدريب ... بينما استمر ابو كرشوله بتدريب جيوشه ! . 
- اتريد القول انك ستهزم امامه ؟ . 
- تقدمت بي العمر ... وفقدت مهاراتي على القتال ... بينما الملك ابو كرشوله يعتمد على المقاتلين الشباب المدربين جيدا ! . 
تقدم الملك عنيجر منه وقال : 
- أتريد اخافتنا بكلامك هذا ... اتريد القول ان ابا كرشوله سيسحقنا ؟ ! . 
- لا اقصد ذلك بالتحديد ... لكني اعني اننا نعتمد على مقاتلين تقدمت بهم السن ... واثر فيهم المشيب ! .  
التفت الملك عنيجر نحو الملوك الجالسين سائلا : 
- هل انتم متفقون على ان نتحد ... ونوحد الجيوش ؟ . 
- نعم ! . 
- اذا لا يهمكم كلام الذئب الابيض ... سنجبره على ذلك وسيحقق النصر ... فأني اثق به وبالمستشار الحكيم جوحي كثيرا ... واعلق عليهما امال ممالكنا بالنجاة ! . 
رحب الجميع بذلك , ووعدوا ارسال جيوشهم في اقرب فرصة ! . 
                   ********************************** 
توافدت الجيوش على مملكة طامي , وانشغل المستشار الحكيم جوحي والذئب الابيض بالتنظيم واعداد الخطط , فبادر المستشار الحكيم جوحي قائلا : 
- يجب ان نعد لمواجهة ابو كرشوله خارج مملكة عنيجر بمسافة بعيدة ... وان نحرص على عدم وصولهم اليها .
- نعم ... جل ما يهم الملك عنيجر الحفاظ على مدنه الجميلة ... التي يفاخر بها الممالك . 
في هذه الاثناء وصل رسولا يحمل رسالة من الوزير خنيفر ابلغهم ان جيوش ابو كرشوله على مسافة سبعة ايام من مملكة عنيجر , فأمر الذئب الابيض  الجيوش ان تتوجه الى الوادي الكبير , الذي يقع خلف المملكة . 
الوادي الكبير محاطا بالجبال الشاهقة , والاراضي الوعرة والغابات الكثيفة , فلابد لجيوش ابو كرشوله من السير في الاراضي المنبسطة المكشوفة لتضمن التقدم السريع , امر الذئب الابيض بوضع منجنيق عملاق خلف كل جبل , ووضع خمسة كمائن امام كل منجنيق , تعيق تقدم الجيش المعادي نحوه , ووفر سريتين من الجيش لحماية كل منجنيق , ووزع باقي الجيش على قمم الجبال وسفوحها , واختبأ بعضهم في الغابات . 
                           *************************** 
في الموعد المتوقع , لاحت رايات جيوش ابو كرشوله بالظهور , يتقدمهم القائد جدعان , حتى غص بهم الوادي على سعته , توقف القائد جدعان يحدق في الجبال والغابات , اجال نظره في كل الاتجاهات , ثم رمق جيشه بنظرات مريبة , فتقدم نحوه الضابط دبعون مقاطعا تأملاته : 
- سيدي ... انستريح ها هنا ؟ . 
- يا احمق ... لا يجب ان نلج هنا ... لقد اخبرت الملك ابو كرشوله ان نتقدم بحذر لا على وجه السرعة ... فنقع في المحذور ! . 
- سيدي ... اي محذور تقصد ؟ . 
- انظر الى هذه الجبال والغابات ! . 
- ما بها سيدي ؟ . 
- الم تلاحظ الهدوء والسكون المطبق ... حيث لا طيور ولا حيوانات . 
اثناء ذلك امر الذئب الابيض بأطلاق المنجنيق , فأرتفعت الحجارة الملتهبة الى عنان السماء , من ستة جهات , لتسقط في وسط الجيش الزاحف , فعم الاضطراب والهلع بينهم , ثم امر الذئب الابيض بأنزال الصخور من قمم الجبال نحو الوادي , امر القائد جدعان توجيه سرايا نحو كل منجنيق , فتقدمت السرية الاولى , التي حالما وصلت على الاشجار , حتى اصبحوا فريسة للافخاخ , افخاخ صيد حيوانات مفترسة , رماح كانت معلقة ومخبئه على الاشجار , لكنهم استمروا بالزحف , واجتازوا الاشجار , واشرفوا على مكان مكشوف , فأذا بنبال ملتهبة تسقط فيه , فأضرمت النيران بشكل سريع , بعرض عدة امتار , وبطول عشرون مترا , حاولوا اطفاء النار واقتحامها , من تمكن منهم من العبور , تلقفته النبال والرماح , شاهد القائد جدعان الامر , فقرر ان يوقف التقدم , وامرهم بالعودة والانسحاب , بعد ان لاحظ توقف الصخور من التساقط من قمم الجبال , وتوقف المنجنيق من رمياته . 
- لو تقدمتم اكثر ... ستجدون مفاجأت اكثر ... سنخسر فيها الكثير من الجنود ! . 
نفدت الحجارة المعدة للرمي بالمنجنيق فتوقف , والقى المتربصين في الجبال كل ما لديهم من الصخور , وانتظروا اوامر الذئب الابيض وسير المعركة , بينما اعاد القائد جدعان تنظيم صفوف جيشه , واخراج الجثث والجرحى من المكان , وانتظر اوامر الملك ابو كرشوله . 
تقدم الملك ابو كرشوله راجلا برفقه اربعة من فرسانه , وصاح مناديا : 
- ليس هناك كفؤا لي سوى الذئب الابيض ... لقد انتظرت هذه اللحظة طويلا ! . 
اختار الذئب الابيض اربعة من المحاربين , بريبر , هيطان , خنياب , مرهج , وقف كل قبالة نده , رحب ابو كرشوله بذلك واستل سيفيه , وبدأت المبارزة , تكافأ ابو كرشوله مع الذئب الابيض في الدفاع والهجوم , فجأة سمع الذئب الابيض هتاف معسكر ابو كرشوله بالنصر , نظر يمينا وشمالا , فوقع نظره على بريبر , جاثيا على ركبتيه وقد اخترق السيف ظهره ليخرج من بطنه , ابتسم للذئب الابيض وسقط جثة هامدة , أعتصر قلبه لذلك , فلم يعتد ان يرى محاربا من محاربيه يسقط امامه , هم بالهجوم على ابو كرشوله , فسمع تهليلات المعسكر المعادي , نظر الى يمينه , فشاهد هيطان جثة بلا رأس , لم يدم ذلك طويل , حتى شاهد مصرع خنياب ومرهج , اثر ذلك فيه كثيرا , لكنه تمالك نفسه واستمر بالقتال , كل منهما يستعمل سيفيه بهمة وعزيمة , لم يفلح احدهما بالنيل من الاخر , حتى نال منهما التعب , فقرر ابو كرشوله التوقف : 
- فلنكتف بهذا ... الان كطريقتي في القتال ... اختر سرية من جيشك لتبارز سرية من جيشي ! . 
التفت الذئب الابيض الى اماكن جيشه , وطلب خروج الضابط خريجان بألف مقاتل , بينما الاخير يستعد للخروج , قاطعه المستشار الحكيم جوحي موصيا :        
- حكم عقل ... ولا تسمح لعضلاتك من السيطرة عليه ... واياك وان يستولي عليك الغضب ... فتعدم التفكير ! . 
بينما امر ابو كرشوله  الضباط سنكوح بالخروج بأربعمئة مقاتل لمواجهتهم , فألتقى الجمعان , والتقى معهم الحديد بالحديد , وانغرس الحديد في اللحم , لتسيل انهر الدماء , استمرت المعركة عدة ساعات , لتنتهي بنصر محقق للضابط سنكوح , وهزيمة منكرة للضابط خريجان وسريته التي لم يبق منها الا القليل . 
القى الضابط سنكوح التحية امام الملك ابو كرشوله , الذي ابتسم له وقرر ان يرفعه ويمنحه بعض الهدايا , ثم التفت للذئب الابيض ضاحكا وقال له : 
- اذا فلنكتف بهذا المقدار لهذا اليوم ... على نلتقي غدا ! . 
انصرف كلا الى معسكره . 
عند حلول الليل , التف الجميع حول المستشار الحكيم جوحي و الذئب الابيض لتدارس الموقف , فقال المستشار الحكيم جوحي : 
- يجب ان نفكر بخطط فعالة ! . 
فرد عليه الذئب الابيض : 
- همي وحزني يمنعني من التفكير ... لا يمكنني ان افكر بعد كل هذه الخسائر ! . 
                    ********************************** 
وصلت انباء هزيمة الذئب الابيض في اللقاء الاول الى الملك طامي والملكة نجود , فأرتعدت فرائصه , وبادر الى القول بسذاجة طبعه : 
- نجود ! . 
- نعم . 
- الست انا الملك ؟ ! . 
- نعم . 
- وانت الملكة ؟ ! . 
- نعم . 
- اذا ابقي هنا وانا سأذهب ! . 
- الى اين ؟ ! . 
- الى الكوخ الذي كنت فيه ... هناك سوف اكون بمأمن من ابو كرشوله هذا ! . 
- اتهرب في هذا الوقت العصيب ؟ ! . 
- اذا ماذا سأفعل ... سيقضى على عمي الذئب الابيض وعلى جنوده ... ويقضى على مملكة عنيجر ... ثم يأتي دوري ! . 
- احمق كما عهدتك دائما ... لم يخب ظني فيك ابدا ! . 
- اذا ما العمل ؟ . 
- يجب ان تذهب الى ميدان القتال وتطلب من جميع الملوك الذهاب الى هناك ... لتشدوا من عزائم الجنود ... فلوجودكم هناك الاثر الابرز في رفع الهمم والمعنويات ! . 
- يا ويلي ! . 
- نعم هذا ما ينبغي لك فعله ... فتثبت شجاعتك لجنودك ... ويهابك ابو كرشوله وجنوده . 
- بشرط واحد ! . 
- ما هو ؟ ! . 
- ان اكتفي بالجلوس فقط ... ففي ذلك المكان لن اقوى على النهوض . 
- حسنا . 
نهضت نجود لتأمر بتجهيز موكب الملك طامي للذهاب الى ساحة المعركة , وامرت بأرسال الرسائل بأسم الملك طامي لدعوة الملوك للحضور الى الميدان .   
 
                         ******************** يتبع انشاء الله  
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32703
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28