• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أخلاق ملوك الأعراب ..القصر الاموي مثالا .
                          • الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي .

أخلاق ملوك الأعراب ..القصر الاموي مثالا

هناك مثل يقول : الناس على دين ملوكهم ، فإذا كان الملوك صالحين تكن الرعية صالحة ومباركة ، واذا كان الملوك طالحين فان الرعية ستكون ساقطة و مرذولة . و هناك مقولة اخرى- ايضا - تنص :  ان الامثال تضرب ولا يقاس عليها . لذلك سنطرح بعض الامثلة حول الملوك و اخلاقهم ويبقى الحكم للقارئ الكريم حول مصداقية المثل وانطباقه على بني امية.

الحكاية تقول : ان هناك خليفة اعرابيا يدعى معاوية بن ابي سفيان ، كان ابوه  من اشهر العتاة الواقفين بوجه الدعوة الاسلامية ، وبعد ان اصبح مُلك (محمد) عظيما ، دخل ابو سفيان عنوة الى الاسلام  . امّا امه  فهي هند بنت عتبة والتي تلقب بـ (آكلة الاكباد) . واستكمالا لسلسلة الشرف الرفيع اقترن  معاوية  بزوجة من الاعراب تدعى ميسون بنت بحدل الكلبية. وتذكر اغلب كتب السنة والجماعة ان معاوية هذا قد حول الخلافة الى ملك عضوض. 

 ويبدو ان ميسون لم تكن راضية في عيشها مع زوجها الامير فقد رأت فيه اخلاقا مجافية لما اعتادت ان تراه في رجال الاعراب في البادية. لذلك نظمت ابياتا قارنت  فيها بين حياة القصور التي تكتنفها في بلاط معاوية والعيش في البوادي المقفرة ، ولكن حكاية (الف ليلة وليلة )!! تقول غير ذلك  على الرغم من ذكرها للأشعار التي قالتها ميسون والتي تهجو فيها معاوية صراحة واصفة اياها بالعلج (والتي جمعها الصحّاف على علوج ).

تقول الرواية : (وكانت ميسون ذات جمال باهر وحسن غامر، فأعجب بها معاوية وهيأ لها قصراً مشرفاً على الغوطة وزينه بأنواع الزخارف ، ووضع فيه من أواني الفضة والذهب ما يضاهيه ، ونقل إليه من الديباج الرومي والموشى ما هو لائق به ، ثم أسكنها مع وصائف لها كأمثال الحور العين ، فلبست يوماً أفخر ثيابها وتزينت وتطيبت بما أعدّ لها من الحلي والجوهر الذي لا يوجد مثله ، ثم جلست في روشنها وحولها الوصائف ، فنظرت إلى الغوطة وأشجارها ، وسمعت تجاوب الطير في أوكارها ، وشمت نسيم الأزهار ورائحة الرياحين و النّوار ، فتذكرت (عشيقها ليو ) وحنت إلى (غابات روسيا )حيث أترابها وأناسها وتذكرت مسقط رأسها ، فبكت و تنهدت ، فقالت لها بعض حظاياها ما يبكيك (يا هيام ) وأنت في قصر السلطان سليمان ؟ بين الجواري والغلمان ؟ فتنفست الصعداء ثم أنشدت :

-          لبيـت تخفـق الأرواح فيـه     /   أحب إليّ من قصـر منيـف

-          ولبس عبـاءةٍ وتقـرّ عينـي    /   أحب اليّ من لبس الشفـوف

-          وأصوات الريـاح بكـل فـج   /  أحب إلى من نقـر الدفـوف

-          وكلب ينبـح الاضياف دونـي  /   أحب إلـي مـن قـط أليـف

-          وبكر يتبع الأظعـان صعـب   /    أحب الي مـن بغـل رفـوف

-          وخرق من بني عمي نحيـف  /   أحب الي من علـج علـيف

فلما دخل السلطان عرفته احدى الجواري  بما قالت : السلطانة هيام ، فقال غاضبا : ما رضيت يا ابنة بحدل حتى جعلتني علجا عليفا ؟ الحقي بأهلك ، فآنت طالق بالثلاثة !! فمضت الى بني كلب وهي حامل بيزيد . (انتهى المشهد الاول)

وبعيدا عن اجواء الرواية الرومانسية  الفنتازية وتحليلاتها النقدية ، نركز على وصف ميسون لبعلها معاوية بانه ( علج ) لنتعرف على ماهية العلاقة الاسرية التي كانت سائدة في ذلك البيت الاموي ، وخير من يسعفنا في تحديد معنى تلك المفردة هو معجم ( لسان العرب )لابن منظور المصري والذي نص على ان : العلج  هو :   الرجل من كفار العجم ، والجمع علوج ، و الانثى علجة . و العلج : الكافر ، ويقال للرجل القوي الضخم من الكفار : علج . وفي الحديث : فأتني باربعة اعلاج من العدو ، يريد بالعلج الرجل من كفار العجم وغيرهم . وفي حديث قتل عمر قال لابن عباس : قد كنت انت و ابوك تحبان ان تكثر العلوج بالمدينة ) و العلج حمار الوحش لاستعلاج خلقه وغلظه ، ويقال للعير الوحشي اذا سمن وقوي : علج . 

اذن ماذا كانت تقصد ميسون عندما وصفت معاوية بـ (العلج) ؟ و اذا استبعدنا المعنى الاول : (الكافر) على الرغم مما قيل عن اسلام معاوية في البحث الاكاديمي الذي الفه  الاستاذ حسن المالكي لم يبق إلا المعنى الاخير : العلج : هو حمار الوحش او العير الوحشي  السمين القوي ، لا سيما وان ميسون قد اضافت صفة اخرى مميزة وهي : عليف  والعليف يعني السمين الذي يكثر من اكل العلف (كل ما تاكله الحيوانات ) وفي العامية يقولون : حيوان معلوف يريدون انه سمين .

اذن هكذا كانت السلطانة ميسون تنظر الى مليكها السلطان معاوية ( حمار وحشي بدين ).. هذه  المرأة العنود انجبت ابنا يدعى يزيد تربى في بوادي الاعراب ، ولكي تكتمل الصورة عن تصرف وسلوك هذه الاسرة مع بعضها  نعود الى كتب التراث ، ولكن هذه المرة ستكون الوقفة مع احد المستشرقين الذين يحبهم الاعراب كما احبهم من قبل ابو سفيان نفسه عندما كان يدعو لهم  بالانتصار على المسلمين بقوله : ايهٍ بني الاصفر !! لكي نرى الكيفية التي  كان يتصرف بها ابن ميسون  الاعرابي يزيد مع ابيه.

يقول جوزيف كارلايل (1770 م ) في كتابه ( شذرات من الادب العربي) اثناء ترجمته ليزيد : ( ذاب يزيد بشرب الخمر واللعب بالكلاب والتهاون بالدين واظهر ثلبه ونقصه للناس باليقين المنسوبين له ( ولا شك في ان يوحنا الدمشقي الذي الف كتابا يتهجم فيه على الرسول الكريم و الاسلام  قد سمع شيئا كثيرا من تلك الاساءات على لسان  صديقه يزيد  فدبجها في كتابه : هرطقات الاسلام ).

ويستمر كارلايل في روايته (المشهد الثاني ) : قيل ان والده معاوية كان انكر عليه شرب الخمر وملازمته فقطعه اياما ، فقال يزيد :

-          أ من شربةٍ من ماء كرم شربتها / غضبت عليَ الان طاب لي السكر

-          سأشرب فاغضب  لا رضيت كلاهما / حبيبٌ الى قلبي عقوقك والخمر

وهذا المشهد يعكس علاقة الابن العقوق بوالده الذي نهاه عن شرب الخمر امام الناس فقط ، بعدما اباحها له في الخفاء ..وبذلك يختتم  ملخص يسير عن سيرة تلك الاسرة المالكة التي اباحت لنفسها كل شيء من قتل الاولياء الصالحين الى تزييف قيم الدين . فهنيئا لكم  ايها الاعراب بإسلام ملوك بني امية.  




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32394
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28