• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح118 سورة الانفال الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح118 سورة الانفال الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ{35} 
تبين الاية الكريمة ان صلاة كفار ومشركي مكة كانت ( مُكَاء ) الصفير و( وَتَصْدِيَةً ) تصفيق , (  فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) , فذوقوا عذابا عاجلا في الدنيا , يوم بدر بالقتل والاسر والجروح , والامر من كل ذلك كان الهزيمة ! .     
 
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ{36}
نستقرأ الاية الكريمة في اربعة موارد : 
1- ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ ) : التمويل ضروري للحرب , فيكشف النص المبارك ان الكفار ينفقون اموالهم بقصد منع الناس عن طريق الهداية ومحاربته . 
2- ( فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ) : يرد النص المبارك منذرا , ان هذه الاموال ستنفق , لكنها ستضيع بضياع الهدف والغاية المرجوة منها .
3- ( ثُمَّ يُغْلَبُونَ ) : في الدنيا , يوم بدر . 
4- ( وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) : هؤلاء الكفار ( الممولين والمحاربين ) سيكون مصيرهم وعاقبة امورهم ان يحشروا في جهنم حشرا .        
جاء في تفسير البرهان ج2 / سيد هاشم الحسيني البحراني ( علي بن ابراهيم : قال : نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم واخبرهم بخروج رسول الله (ص واله) في طلب العير , فأخرجوا اموالهم وحملوا وانفقوا , وخرجوا الى محاربة رسول الله (ص واله) ببدر , فقتلوا وصاروا الى النار , وكان ما انفقوا حسرة عليهم ) .  
 
لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{37} 
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 
1- (  لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) : يفصل بين الخبيث وهو الكافر , وبين الطيب وهو المؤمن . 
2- (  وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ) : يجمعه بشكل متراكم , بعضا فوق بعض , ثم يجعله في نار جهنم .  
3- (  أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) : من كان في الجمع المتراكم , هؤلاء هم الخاسرون , خسروا طيب العيش في الدنيا والحياة الابدية في الاخرة .             
 
قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ{38} 
تأمر الاية الكريمة الرسول الكريم محمد (ص واله) ان يقول ويخير الذين كفروا بين امرين : 
1- (  قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ) : يدعوهم النص المبارك ان يتركوا ويتراجعوا عن عدواة النبي محمد (ص واله) والمؤمنين , ويعودوا الى حضيرة الايمان , فأن الاسلام يجب ما قبله , ستغفر كل ذنوبهم في ذلك , وهذه الدعوة تمثل الفرصة الاخيرة لهم . 
2- (  وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ ) : وان يعودوا الى ما هم عليه من الكفر والعداوة , فيعلمهم النص المبارك ان الله تعالى قد قضى بأهلاك الكفار , كما اهلك جل وعلا الامم السابقة .        
 
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{39} 
نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 
1- ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه ) : يأمر النص المبارك المؤمنين بقتال الكفار لسببين : 
أ‌) ( حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ) : شرك . 
ب‌) ( وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه ) : فلا يعبد سواه جل وعلا  . 
 لكن هذا لم يتحقق في زمانه (ص واله) , وهي مطابقة لعصر ظهور المهدي (ع) ! . 
2- ( فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) : فأن تركوا ما هم عليه من قتال المؤمنين والصد عن سبيل الله تعالى , فأن الله تعالى بصير بكل ما يعملون .       
 
وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ{40}
تخاطب الاية الكريمة المؤمنين , ( وَإِن تَوَلَّوْاْ ) , وان انصرفوا  عن الايمان وتمسكوا بباطلهم , ( فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ ) , المتولي لاموركم وناصركم , وهو جل وعلا ( نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) .      
 
وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{41} 
نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 
1- ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) : يقسم النص المبارك موارد صرف الخمس : 
أ‌) ( فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ ) : يأمر فيه بما يشاء . 
ب‌) ( وَلِلرَّسُولِ ) : (ص واله) . 
ت‌) ( وَلِذِي الْقُرْبَى ) : قرابة الرسول (ص واله) . 
ث‌) ( وَالْيَتَامَى ) : اطفال المسلمين من مات ابائهم , شرط ان يكونوا فقراء . 
ج‌) ( وَالْمَسَاكِينِ ) : ذوي الحاجة من المسلمين . 
ح‌) ( وَابْنِ السَّبِيلِ ) : المسافر .   
2- ( إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) : ( عَبْدِنَا ) النبي الكريم محمد (ص واله) , (يَوْمَ الْفُرْقَانِ ) يوم بدر , حيث انه كان فارقا بين الحق والباطل , ( يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ) معسكر المؤمنين , ومعسكر الكافرين , ( وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وهو جل وعلا قادرا مقتدرا قديرا على كل شيء .                
 
إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ{42}
تصف الاية الكريمة حال واقعة بدر , ونستقرأها في عدة موارد : 
1- ( إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا ) : حيث كان المسلمون في الجانب الاقرب الى المدينة , وتسمى ايضا بـ ( العدوة الشامية ) .  
2- ( وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى ) : وكان الكفار في الجانب الابعد عن المدينة , وتسمى ايضا بــ ( العدوة اليمانية ) . 
3- ( وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ ) : ( وَالرَّكْبُ ) قافلة ابي سفيان , ( أَسْفَلَ مِنكُمْ ) على ساحل البحر الاحمر . 
4- ( وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ) : لو تواعدتم ايها المسلمون , انتم والنفير على القتال في هذا المكان , لاختلفتم في الميعاد ( الموعد ) .
5- ( وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً ) : ليقضى الله تعالى بنصر المسلمين , وهزيمة وخذلان الكفار . 
6- ( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ) : فمن يهلك من الكفار في هذه المعركة , يكون قد هلك على بينة او حجة  قامت عليه , فلا عذر له بعدها .  
7- ( وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) : ويؤمن من يؤمن على بينة وحجة ظاهرة . 
8- ( وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ) : ان الله تعالى , سميع بأقوال الفريقين , عليم بنواياهم .    
 
إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَـكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{43} 
تخاطب الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) , والمعني بها المؤمنون , جاء في تفسير البرهان ج2 / سيد هاشم الحسيني البحراني (  قوله " إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ" المخاطبة لرسول الله (ص واله) والمعنى لاصحابه , أراهم الله قريشا في نومهم قليلا ولو اراهم كثيرا لفزعوا . 
نلاحظ ان الاية الكريمة فيها تحفيزا معنويا للقتال , فلما رأى المسلمون في منامهم قريشا كانوا قلة , شحذ ذلك هممهم , وزاد في عزائمهم , وهذا الامر من الامور المطلوبة في المعارك . 
 
وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ{44}
نستقرأ الاية الكريمة في اربعة موارد : 
1- ( وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً ) : بقدرته جل وعلا شاهد ورأى المسلمون عدد قريشا قليل , فشدوا العزيمة , وحملوا عليهم بشجاعة منقطعة النضير . 
2- ( وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ) : وبقدرته جل وعلا , قلل عدد المسلمين في اعين قريش , في ذلك رايان : 
أ‌) عندما رأت قريش ان عدد المسلمين كان قليلا , اهملت الاستعداد لحربهم كما ينبغي ويحدث في الحروب , وبذلك يكون الاهمال سببا في الهزيمة . 
ب‌) عندما رأت قريش ان عدد المسلمين كان قليلا , كي لا يتراجعوا او يهربوا او يتركوا قتالهم , فيقدموا عليها , ويستعدوا لها , فيقضي عليهم المسلمون والملائكة , ويوقعوا بهم الهزيمة والعذاب , عندئذ يتحقق الوعد الالهي بعذابهم .  
3- ( لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً ) : يتحقق الوعد الالهي للمسلمين بالتأييد والنصرة , والهزيمة لمعسكر الكفار . 
4- ( وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) : اليه عز وجل تعود كل الامور , ما خفى منها وما بطن .      
يلاحظ في الاية الكريمة , أنها ذكرت امرا خافيا , وهو ان المسلمين لم يروا العدد الحقيقي للكفار , بل رأوهم اقل بكثير , وكذلك الحال في معسكر الكفار , نطرح في ذلك ثلاث اطروحات : 
1- معجزة ربانية , لا يمكن ادراكها , او وصفها , او فهمها , فتنسب الى قدرته عز وجل على كل شيء . 
2- خطة عسكرية ( حربية ) , لم يدركها او يفهمها كلا المعسكرين , وعلمها وخبرها وسرها عند النبي الكريم محمد (ص واله) , كونه (ص واله) قائدا لمعسكر المسلمين . 
3- خدعة بصرية , من نوع خاص , كرؤية السراب ماءا في الصحراء , هيأ الله تعالى لها الاسباب المناسبة , فكانت بأمره جل وعلا , لعل العلم الحديث سيكشف عنها ! .    



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32151
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29