• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حجر الخير بن عدي الكندي شهيد المبادئ .
                          • الكاتب : د . عبد الهادي الطهمازي .

حجر الخير بن عدي الكندي شهيد المبادئ

هو: حجر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي، الملقب بحجر الخير، ويكنَّى بابنه الأكبر عبد الرحمان، وكندة قبيلة من قبائل اليمن.
أدرك الجاهلية، ثم أسلم ووفد على النبي’ (الطبقات الكبرى: 6/217)، وكان من فضلاء الصحابة مع صغر سنه عن كبارهم (الاستيعاب:1/329)، وحمل راية النبي’في بعض غزواته، ويعدُّ من الرؤساء الزهَّاد، ومحبته وإخلاصه لأمير المؤمنين علي ين أبي طالب×أشهر من أن تذكر. (الدرجات الرفيعة: علي خان مدني:428).
وكان حجر شريفا، أميرا مطاعا، أمَّارا بالمعروف، مُقدِما على الإنكار، ذا صلاح وتعبد (سير أعلام النبلاء: الذهبي:3/463)، وفي حقِّه شهادة من النبي’بالإيمان، فقد كان من العصابة التي وارت جسد الصحابي الكبير أبي ذر الغفاري في الربذة. (الإصابة: 2/32)
دور حجر في الجهاد
 شهد حجر فتوح الشام وهو الذي فتح مرج عذراء _قرية بغوطة دمشق وتسمى اليوم عدرا وهي نفس المكان الذي استشهد فيه فيما بعد_، ثم انتقل الى العراق فكان قائدا للميسرة يوم القادسية، وحضر فتح المدائن، وجلولاء قائدا على الميمنة، وأغنى غناءا عظيما في فتح حلوان (قراءة جديدة للفتوحات:2/327)، وكان عطاؤه ألفين وخمسمائة (الطبقات الكبرى:2/217)، وهو عطاء خُصِّص لأهل البلاء والنجدة والشجاعة في المعارك. 
ثم سكن الكوفة، وشهد الجمل مع الإمام أمير المؤمنين×أميرا على كندة وحضرموت وقضاعة ومهرة (أنساب الأشراف: البلاذري:236)، وحضر معه×صفين أميرا على تلك القبائل (الغارات: 1/52)، كما حضر النهروان أميرا على الميمنة (أنساب الأشراف3/371). وكانت له في كل تلك الوقعات مواقف مشهودة، قال نصر بن مزاحم في وقعة صفين:243 ((أن أول فارسين التقيا في اليوم السابع من صفر، وكان من الأيام العظيمة في صفين، ذا أهوال شديدة، حجر الخير وحجر الشر _وهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة الكندي كان الى جانب معاوية_. وذلك أن حجر الشر دعا حجر بن عدي إلى المبارزة، وكلاهما من كندة، فأجابه فاطعنا برمحيهما، ثم حجز بينهما امرؤ من بني أسد، وكان مع معاوية، فضرب حجرا ضربة برمحه، وحمل أصحاب علي فقتلوا الأسدي، وأفلتهم حجر الشر هاربا)). ومن أراجيزه الحماسية يوم صفين:
يا ربنا سلم لنا عليا
سلم لنا المهذب النقيا
 
المؤمن المسترشد المرضيا
واجعله هادي أمة مهديا
 
لا أخطل الرأي ولا بغيا
وأحفظه ربي حفظك النبيا
 
فإنه كان له وليا
ثم ارتضاه بعده وصيا
 
 (وقعة صفين)
ومن مواقفه المشرفة في نصرة أمير المؤمنين×موقفه في الاستجابة له×يوم دعا أهل الكوفة لمواجهة الضحاك بن قيس حين أغار على القطقطانة، قال اليعقوبي في ج2 ص196: ((وأغار الضحاك بن قيس على القطقطانة، فبلغ عليا إقباله، وأنه قد قتل ابن عميش، فقام علي خطيبا، فقال: يا أهل الكوفة اخرجوا إلى جيش لكم قد أصيب منه طرف، وإلى الرجل الصالح بن عميش، فامنعوا حريمكم، وقاتلوا عدوكم. فردوا ردا ضعيفا... فقام إليه حجر بن عدي الكندي فقال: يا أمير المؤمنين! لا قرب الله مني إلى الجنة من لا يحب قربك، عليك بعادة الله عندك، فإن الحق منصور، والشهادة أفضل الرياحين، اندب معي الناس المناصحين، وكن لي فئة بكفايتك، والله فئة الإنسان وأهله، إن الشيطان لا يفارق قلوب أكثر الناس حتى تفارق أرواحهم أبدانهم. فتهلل× وأثنى على حجر جميلا، وقال: لا حرمك الله الشهادة، فإني أعلم أنك من رجالها. وجلس علي في المسجد فندب الناس، وانتدب أربعة آلاف، فسار بهم في طلب القوم، وأغذ المسير حتى لقيهم بتدمر من عمل حمص، فقاتلهم فهزمهم، حتى انتهوا إلى الضحاك، وحجز بينهم الليل، فأدلج الضحاك على وجهه منصرفا، وشن حجر بن عدي ومن معه الغارة في تلك البلاد يومين وليلتين)).
حجر يقود المعارضة
وبعد أن استتبت أمور الكوفة لمعاوية شنَّ حملة شعواء لمطاردة كبار القادة من أصحاب أمير المؤمنين×، كصعصعة بن صوحان، وعمرو بن الحمق، وحجر بن عدي وغيرهم، ومراقبة أقوالهم وأفعالهم، وطفق عمال معاوية وبأمر منه بسب الإمام أمير المؤمنين×وشتمه على المنابر وعلى مسامع أصحابه بهدف استفزازهم ليفعلوا شيئا تتذرع السلطات به في قتلهم وتشريدهم، ((وكان حجر بن عدي الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي وأصحابهما من شيعة علي بن أبي طالب×، إذا سمعوا المغيرة وغيره من أصحاب معاوية، وهم يلعنون عليا× على المنبر، يقومون فيردُّون اللعن عليهم، ويتكلمون في ذلك. 
فلما قدم زياد الكوفة خطب خطبة له مشهورة لم يحمد الله فيها، ولم يصل على محمد’، وأرعد فيها وأبرق، وتوعد وتهدد...
 وكانت بينه وبين حجر بن عدي مودة، فوجه إليه فأحضره، ثم قال له: يا حجر! أرأيت ما كنت عليه من المحبة والموالاة لعلي؟ قال: نعم! قال: فإن الله قد حول ذلك بغضة وعداوة، أو رأيت ما كنت عليه من البغضة والعداوة لمعاوية؟ قال: نعم! قال: فإن الله قد حول ذلك محبة وموالاة، فلا أعلمنك ما ذكرت عليا بخير ولا أمير المؤمنين معاوية بِشَرٍّ.
ثم بلغه أنهم يجتمعون فيتكلمون ويدبرون عليه وعلى معاوية، ويذكرون مساويهما، ويحرضون الناس، فوجه صاحب شرطه إليهم، فأخذ جماعة منهم فقتلوا، وهرب عمرو بن الحمق الخزاعي إلى الموصل وعدة معه، وأخذ زياد حجر بن عدي الكندي وثلاثة عشر رجلا من أصحابه فأشخصهم إلى معاوية، فكتب فيهم أنهم خالفوا الجماعة في لعن أبي تراب، وزروا على الولاة، فخرجوا بذلك من الطاعة، وأنفذ شهادات قوم أولهم بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، فلما صاروا بمرج عذراء من دمشق على أميال، أمر معاوية بإيقافهم هناك، ثم وجه إليهم من يضرب أعناقهم، فكلمه قوم في ستة منهم، فوقف عنهم، فقتل سبعة: حجر بن عدي الكندي، وشريك بن شداد الحضرمي، وصيفي بن فسيل الشيباني، وقبيصة ابن ضبيعة العبسي، ومحرز بن شهاب التميم ، وكدام بن حيان العنزي.
ولما أراد قتلهم قال حجر بن عدي: دعوني حتى أصلي، فصلى ركعتين خفيفتين ثم أقبل عليهم فقال: لولا أن تظنوا بي خلاف ما بي، لأحببت أن تكونا أطول مما هما، وإني لأول من رمى بسهم في هذا الموضع، وأول من هلك فيه....ثم ضربت عنقه وأعناق القوم، وكفنوا ودفنوا، وكان ذلك في سنة 52)). (تاريخ اليعقوبي:2/231)
صيحات الاستنكار
استنكر هذه الجريمة النكراء بحق هؤلاء المؤمنين الأبرياء جملة من أعلام الأمة، وعلى رأسهم ريحانة رسول الله’أبي عبد الله الحسين×فكتب رسالة الى معاوية، ومما قال فيها: ((ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة، والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلَّظة والمواثيق المؤكَّدة...)) (اختيار معرفة الرجال: الشيخ الطوسي:1/253)
كما استنكرت السيدة عائشة هذه الجريمة فقالت لمعاوية: ((أقتلت حجرا وأصحابه، فأين عزب حلمك عنهم؟ أما إني سمعت رسول الله يقول: يقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات)). (تاريخ اليعقوبي:2/231)
وسئل ابن إسحاق: متى ذلَّ الناس، فقال: حيث مات الحسن بن علي×، وادَّعى معاوية زيادا، وقتل حجر (مقاتل الطالبيين:50). وقال الحسن البصري: ((ويل لمعاوية من حجر وأصحاب حجر)) (ينابيع المودة: القندوزي:2/27)



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=30774
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28