• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الذئب الابيض ! ح3 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

الذئب الابيض ! ح3

يستمع الملك سبهان بأنتباه شديد , الى الضابط الذي يقرأ التقارير بحضرته , في هذه الاثناء , دخل احد الضباط وقال بصوت مرتفع : 

- رسول الملك سنافي ! . 

فأذن له الملك سبهان بالدخول , لكنه منعه من قراءة الرسالة , وأومأ الى الضابط ان يكمل قراءته للتقارير , فدخل نفس الضابط , ليقول : 

- رسول الملك عنيجر ! . 

أذن له بالدخول , لكنه منعه من الكلام أيضا , واومأ الى الضابط ان يواصل قراءته للتقارير , بعد ان أتم قراءته , التفت الملك سبهان للرسولين وقال لهما : 

- اعلم ماذا يريد الملكان ... لكن انتظرا حتى احملكما رؤوس اولئك اللصوص ! . 

نظر الى الوزير مريطي , وقال له : 

- هل علمتم اين يختبأ اولئك اللصوص ؟ . 

- نعم سيدي ... أنهم يختبؤون في كوخ سندال .  

- وماذا تنتظر ... لماذا لم تهجم عليهم ؟ . 

- سيدي الملك ... ان الكوخ يقع على ساحل البحر ... ولا يمكن الوصول اليه الا عن طريقين ... الاول من خلال الغابات الكثيفة ... ثم من خلال ممر جبلي ضيق ... لم نسلكه خشية ان تكون هناك كمائن معدة لجيشنا ... والثاني عن طريق البحر ... ولا املك الامر بتحريك الاسطول نحوهم ... فأوامر الاسطول تصدر من الملك فقط ! . 

- نرسل اسطولا لقتال حفنة من اللصوص ... أرسل سرية واحدة فقط وليجلبوا رؤوسهم الى هنا ! . 

أقتربت سرية تتكون من خمسين فارسا من الغابات , فعلم الوزير حواس ورفاقه , واستعدوا لمواجهتها , فقال الوزير حواس :

- لسنا بحاجة الى قتل الفرسان ... بل نحن بحاجة الى سلاحهم والجياد ! .  

أشتبك الطرفان في قتال من غير هوادة , حديد يصطك بحديد , وحديد يقطع اللحم , ويكسر العظام , بعد ساعة , أنفض الاشتباك , وأنتهت المعركة لصالح الوزير حواس ورفاقه , جمعوا الجياد والسلاح , وأختفوا في الغابات . 

وزع الوزير حواس السلاح على من التحق بهم من سكان المملكة , وأمر ببناء سورا من الخشب على ساحل البحر , قريب جدا من امواج البحر , وترك منفذين للبحر من خلاله , كان سندال قد استغرب الامر , فساله : 

- لماذا هذا السور ؟ . 

- سوف يقرر الملك سبهان القضاء علينا بأي وسيلة ... وليس له منفذ الى هنا سوى البحر ... ستأتي سفنه لتقف هناك ... ثم ترسل قوارب الجنود الينا ... فلابد ان نستعد قبل فوات الاوان ! . 

                             *************************** 

أستشاط الملك سبهان غضبا لدى سماعه بهزيمة جنوده , فقال له الوزير مريطي : 

- لا يمكننا شن الهجوم عليهم من جهة الغابات ... بل نستطيع ان شنه من جهة البحر ! . 

- أرسل احدى سفننا .. وأقضوا عليهم هذه المرة ! . 

أرسلت السفينة مرساتها قبالة ساحل كوخ سندال , وبدأت بأنزال الجنود الى قوارب صغيرة , فأمر الوزير حواس بصب الزيت على جذوع الاشجار , وأضرام النار فيها , ثم دفعها نحو القوارب , كان الموج مرتفعا , يدفع القوارب بقوة , وكذلك جذوع الاشجار , فأرتطمت ببعضها , وسقط الجنود في البحر , ليصبحوا فرائس سهلة لاسماك القرش ! . 

أقبلت سفينة اخرى محملة بقوارب اكثر , وعددا اكبر من الجنود , فأنزلت قواربها , وبدأت تقترب عائمة من الساحل , عند اقترابها اكثر واكثر , أمر الوزير حواس بسكب الزيت في البحر , فسكبت كميات كبيرة منه , ثم أشعلت فيها النيران , فعامت بقع كبيرة من الزيت الملتهب على سطح البحر , وكانت الامواج هادئة , مما ساعد في التصاقها بالقوارب , حارقة اياها بما تحمل من الجنود , فقرر الكثير منهم خطئا ان يلقي نفسه بالبحر ليطفئ النيران , لكن اسماك القرش كانت لهم بالمرصاد ! . 

عادت السفينتان تجران ورائهما اذيال الهزيمة , لكن سفينة اكبر حلت محلهما , وأنزلت عددا اكبر من القوارب المحملة بالجنود , لكن الزيت قد نفد , ولم يبق منه الا عدة براميل , فأمر الوزير حواس بوضعها بجانب السور , ثم امر النبالين ان يصوبوا نبالهم نحوها بعد ان أشعلوا النار في رؤوسها , وأنتظر حتى يقتربوا من السور , فرفع سيفه الى الاعلى ليصرخ امرا في الوقت المناسب : 

- الان ! .     

بمجرد ان سمعوا الصوت , أطلقوا النبال نحو البراميل , فأصابوها , فأنفجرت انفجارا مدويا , وارتفعت السنة النار عاليا في الفضاء , أحترق الكثير من الجنود , وحاول بعضهم التراجع , فأمر الوزير حواس نبالين كانوا متمركزين فوق الجبال , بتوجيه نبالهم , مستهدفين الضباط اولا , فعمت الفوضى بين صفوف الجنود , بعد ان شهدوا مصارع ضباطهم , تراجع بعضهم الى القوارب , بينما فضل اخرون ألقاء السلاح والاستسلام ! . 

                        *********************************** 

أستمرت غارات الوزير حواس على القوافل المتجهة نحو قلعة الملك سبهان , ومصادرة ما فيها , فقرر الملك عنيجر ان يتدخل لمصلحة صديقه الوفي الملك سبهان , ويسعفه قبل ان ينفد ما لديه من الطعام والشراب , فأرسل قافلة محملة بالطعام , يحيط بها حراس النخبة , ما ان دخلت في المداخل الضيقة بين الجبال , شن الوزير حواس ورفاقه الهجوم عليها , ودارت معركة دامية , أنتهت كالعادة لصالحه , ثم سيقت العربات المحملة بالطعام نحو الغابات الكثيفة , لكنهم بالطريق مروا على قرية ريكان , التي يتضور سكانها جوعا , أغلقت بيوتهم وختمت بختم المملكة , بعد ان صودرت لعدم تمكنهم من دفع الضرائب , فلا يمكنهم دخولها , قرر الوزير حواس التوقف , وأطعامهم مما غنم , هبّ الناس نحوهم , فأكل الجميع , الاطفال والنساء , الشباب والشيوخ , لم يمر وقتا طويلا , حتى بدأ الجميع بالتجشؤ , وألقاء ما اكلوه , ليستسلموا اخيرا الى الموت . 

ترجل الوزير حواس من جواده , وأخذ يحثو التراب على رأسه , ويقول باكيا : 

- لقد خدعنا ! .      

ترجلت تليفه , أقتربت منه , وقالت : 

- لو كان معنا لما استطاع احد ان يخدعنا ! . 

ردد الجميع كلماتها , فقال الوزير حواس بغضب وحرقة : 

- نعم ... لو كان معنا الذئب الابيض لما استطاع احدا ان يخدعنا ! .

- اذا ... فلنذهب اليه ! . 

أعترت المرارة جسده وقال : 

- كيف سوف اذهب اليه ... وماذا سوف اقول له ... هل اقول له اني قتلت شعبي بسبب غبائي ؟ ! . 

- سيتفهم الامر ... لوجوده بيننا اثر كبير على الشعب ... وعلى جيش الملك سبهان ! . 

- حسنا سوف نذهب اليه ! . 

                         ********************************** 

أستغل الملك سبهان هذه الحادثة , ليبث الشائعات بين الناس , ان هؤلاء محاربي الذئب الابيض الذين خدموا الشعب , ودافعوا عنه طويلا , لم يعودا كذلك , الان هم مجرد لصوص , وقتلة , وما جرى في قرية ريكان , لهو خير دليل على ذلك . 

أثرت الشائعات في كثير من الناس , لكن كثيرا منهم لم يتأثروا , وأستمروا بالالتحاق بركب الوزير حواس , من اجل ان تستمر الثورة ! . 

                     ************************************* يتبع 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=30325
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 04 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28