• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : المقــــــــــــــــــــبرة .
                          • الكاتب : عباس فاضل العزاوي .

المقــــــــــــــــــــبرة

خيم السكون على المكان بأسره ... الظلام يبتلع كل شيء ... أرتفعت في أرجاء المكان , أعمدة بيضاء وتناثرت هنا وهناك في حين كتبت على وسط الاعمدة أسماء وتواريخ تدل على اناس عاشوا في هذه الدنيا وكان لهم دور كبير..
انها المقـــبرة ... ذلك المكان الامين الذي تتجردْ فيه الانسانيه عن وجودها فيه فلا نفاق ولاكذب فالانسان في ذلك المكان يتذكر بأنه لاشيء ...
في تلك اللحظات بالذات تتعرى حقيقة الانسانية وتتجرد من عالم الماديات فالروح هنا خير معبر عن الذات , في حين انتصبت في وسط المكان شجرة كبيرة أمتدت أغصانها لتحوي الفراغ بكامله وأغصانها المتدلية تدل على انها شهدت احداثاً كثيرة ...
انتصف الليل بساعتين ... وصوت البوم المشؤوم يدل على الخراب والموت ... فقد كانت الدموع تنحدربغزارة على خده وهو يتكأ برأسه على حافة القبروقد رسم الدهر على وجهه شقوق تدل على التعب والاعياء في حين خط الشيب على جوانبه وقد غزى الشيب رأسه ...
لكن ذلك لم يمنعه من الزيارة وفي كل ليلة..
اما اليوم فموعد اللقاء كان ساخناً ومتميزاً لان هذا التاريخ يمثل شيئاً كبيراً للراقد تحت التراب حبيبه  وقطعة كبده الذي خطفته يد المنون على حين غفلة...
فبالرغم من ايمانه الكبيربعظمة الله الا انه لايستطيع ان يكتب تلك الرغبة في البكاء والحداد وهويناجيـــــه :-
_ ولـــــدي ... حبيبي (أحمد) ترى هل تسمعني ..
_ أرجو ان تعذرني لاني قد تأخرت دقائق عن موعد اللقاء ولكني أعدك بأن ذلك لن يكون بعد الآن ... سأبكيك مابقي من عمري لاني اتخيلك في كل لحظة .. أعيش معك ولكن في عالمنا المزيف ..
لقد وعدت امك بأن أشعل لك الشمعه السابعة عشرمن ربيع عمرك .. فاليوم يتذكرالجرح عيد ميلاده فيبكي .. واليوم تحتفل الدمعه بمرور عامين على انحدارها من خدي وها هوالخنجريفخر لانغرازه في لحمي ..                                                                                                             سنحتفل سوية ياعزيزي بهذه المناسبة .. فقد أبت والدتك ان تشاركنا هذا الاحتفال ولكني ركعت تحت قدميها وتوسلتها بألا تحضر معي .. لاني أعلم بأنها لاتقوى على مثل هذه المواقف ..
(عندها أشعل الشموع فوق ضريحه وأحاطها بالازهار ودموعه تنحدر بغزاره من عينيه)..
 _ كل شيء ياعزيزي في غرفتك بقي ماهو عليه .. لم يتغير شيء
_  كل شيء ياعزيزي في غرفتك بقي ماهو عليه .. لم يتغير شيء
_ أوراقك .. كتبك المدرسية تنتظرك .. حتى قطتك الجميله
  _تبكي عليك وتموء في كل ليلة عند موعد العشـــــــــــاء
 ترى هل تصلكم الصحف الى هناك .. فكل صحيفة ومجله في مكتبتك تحكيك بأنك قد قرأتها فكل صحيفة ومجله في مكتبتك تحكيك بأنك قد قرأتها..
تسابقت الدموع الساخنه بالانحدار.. وقد بدى عليه التعب والارهاق فبدى مهزوزاً وضعيفاً وهويردد مع نفسه ويقول :
 _ لقد سألتني عنك أختك سراب ..وأصرت على أن تلدك ..  
فقد حملت فيك منذ أشهر..وهاهي اليوم تلد لنا أحمد الصغير..
عندها بدأت الشموع بالانطفاء واحدة تلو الاخرى  ...
وقد بدت خيوط الفجرتنسج ضوءها .. أمسك جنبه بيده اليسرى بقوة بينما كانت الشمعه الاخيرة قد أنطفأت .. وقد اودع الرجل رأسه الى القبر في حين صعدت روحـــه الى السمـــــــاء ...
Abbasalazawi@ymail.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=29832
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 04 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19