• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بحث الدعاء في فكر السيدة الزهراء (ع) .
                          • الكاتب : د . خليل خلف بشير .

بحث الدعاء في فكر السيدة الزهراء (ع)

الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد ،وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وبعد : فهذا بحث يتناول شيئاً من تراث ابنة أعظم نبي ،وزوجة أول إمام وبطل ،وأم أينع برعمين في تاريخ الإمامة ،وسيدة نساء العالمين ،والوعاء الطاهر للسلالة الطاهرة ،والمنبت الطيب لعترة رسول الله - صلوات الله عليهم أجمعين – وقد اخترتُ أدعيتها المباركة لاسيما حينما وقعت يدي على كتاب الصحيفة الفاطمية لمؤلفها محمد تقي دخيل الذي كفانا تعب التنقيب في المصادر التي ذكرت أدعية السيدة الزهراء فَرُحْتُ ممهداً لبحثي بتمهيد سميته ( الدعاء ودوره في تربية الإنسان ) ذكرتُ فيه معنى الدعاء لغة واصطلاحاً ثم عرجتُ على دور أهل البيت الدعاء في تهذيب الإنسان من خلال الدعاء ،وأهمية الدعاء في حياة الفرد والمجتمع ثم ولجتُ إلى الموضوع بحديث عن تراث السيدة فاطمة الزهراء ،والسمات الدلالية لأدعيتها المباركة ،ويبدو أن قصر أدعية الزهراء ،وعدم ضخامتها قياساً إلى أدعية أهل البيت  مرده إلى عدة عوامل منها : قلة رواة أحاديثها – ومن ذلك أدعيتها – فقد رافقتها خادمتها فضة التي روت بعضاً من أحاديثها، انشغالها بأمور البيت والزوجية ،وأنها لم تعمر في الحياة الدنيا بل إنها انتقلت إلى الرفيق الأعلى وهي في عمر الشباب فلم تكمل العشرين من عمرها المبارك لذا قصر حياتها في الدنيا يدل على قصر أدعيتها، ويبدو أنها كانت منشغلة بالعبادة ومن ذلك الصلاة أكثر من الدعاء.
ومن السمات الدلالية البارزة في أدعية السيدة الزهراء (ع):
1- التكرار : وشمل تكرار الكلمات والجمل فتكرار الكلمات مثلت له بكلمة )( اللهم ) التي تكررت كثيراً لاسيما في أدعية الأيام ،ويشير هذا التكرار إلى الإعلان للتبعية ،والإيذان السرمدي بالحاجة الملحة التي تتخذ من علاقة بين الله والإنسان بمثابة انطلاقة روحية تستفرغ جهداً في السلوك المستقيم في حين يشير تكرار الجمل الذي مثلت له بجملة ( اللهم صل على محمد وآل محمد ) ويبدو أن هذه الجملة تحتل مساحة واسعة جداً من أدعية أهل البيت  – ومن ذلك أدعية الزهراء ،وقد ورد في أحاديثهم تركيز وتأكيد كبيران  على هذه الصلوات ، والسبب واضح هو أن الله تعالى يريد أن يجعل من الدعاء وسيلة لارتباط المسلمين بأولياء أمورهم واعتصامهم بحبل الولاء الذي جعله الله عصمة للمسلمين ،والصلوات من أهم أسباب هذا الارتباط النفسي فإن حلقات الولاء ممتدة بين الله تعالى وعباده ،وولاء الرسول (ص) وأهل بيته (ع) من أهم هذه الصفات كما في قولها (( اللهم صل على محمد وأهل بيته المباركين ،وصل على جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وحملة عرشك أجمعين والملائكة المقربين ... اللهم صل على محمد وآل محمد ،وصل على ملك الموت وأعوانه ،وصل على رضوان وخزنة الجنان ... اللهم صل على محمد وآل محمد ،وصل على أبينا آدم وأمنا حواء وما ولدا من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .... اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم إنك حميد مجيد ... )).
2- السجع والتوازن :  وهو سجع غير متكلف في الصياغة يأتي على السليقة والبديهة ،ويؤدي إيقاعاً منتظماً ، وهو سمة مميزة للدعاء، ولعل السر الفني وراء ذلك يكمن في طبيعة عنصر التلاوة التي يمتاز بها الدعاء عن غيره فالدعاء لا يُسمع ولا يُقرأ فحسب بل يُتلى فالتلاوة تتطلب إيقاعاً متناسباً مع وحداته الصوتية التي تنتظم في السجع أو التجانس اللفظي، كما في قولها (( الحمد لله رفيع الدرجات ، منزل الآيات ، واسع البركات ، ساتر العورات ، قابل الحسنات ، مقيل العثرات ، منفس الكربات ، منزل البركات ، مجيب الدعوات محيي الأموات ، إله من في الأرض والسموات ، الحمد لله على كل حمد وذكر وشكر وصبر وصلاة وزكاة وقيام وعبادة وسعادة وبركة... )).
3- استعمالها المحسنات البديعية لاسيما جناس الاشتقاق، لبعث الأمن والطمأنينة في نفس الداعي حينما يكون في رحاب المدعو الرحمن الرحيم ، الغفور الودود ، كما ورد ذلك في  تعقيب صلاة العشاء في قولها (( اللهم إني عائذ بك فأعذني ،ومستغيث بك فأغثني ،وداعيك فأجبني ،ومستغفرك فاغفر لي، ومستنصرك فانصرني ومستهديك فاهدني ،ومستكفيك فاكفني وملتجئ إليك فآوني، ومتمسك بحبلك فاعصمني ... اللهم اكفني حسد الحاسدين ،وبغي الباغين ،وكيد الكائدين ،ومكر الماكرين ،وحيلة المحتالين ،وغيلة المغتالين ،وظلم الظالمين، وجور الجائرين ،واعتداء المعتدين ،وسخط المتسخطين ،وتسحب المتسحبين ،وصولة الصائلين ،واقتسار المقتسرين ،وغشم الغاشمين ،وخبط الخابطين ،وسعاية الساعين ،ونمامة النمامين ،وسحر السحرة والمردة والشياطين)).
4- تأثرها بالبلاغة القرآنية والأشكال الفنية القرآنية التي حكاها الله تعالى في كتابه المجيد على ألسنة الصالحين من الأنبياء والملائكة المقربين والعباد المؤمنين فقد اقتبست السيدة الزهراء آيات من الذكر الحكيم. كما في قولها في تعقيب صلاة العشاء  (( ربنا عليك توكلنا ،وإليك أنبنا ،وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا،واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً  رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ  رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ  رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ  رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ  وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليماً )).
جامعة البصرة كلية الآداب
Dr_khalelalamery@yahoo.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=29593
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 04 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29