• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تيتـــانيـــك .
                          • الكاتب : عماد يونس فغالي .

تيتـــانيـــك

    تيتانيك، يكفي اسمها للدلالة على العظمة والأبّهة. هي ملكة البحار، وأميرة السفن وحلُم كلّ مسافر. كم ضحّى ناسٌ بمال ٍ أو بوقت، ليستقلّوا التيتانيك في رحالهم نحو العالم الجديد. ذلك أنّها السفينة التي "لا تحرق ولا تغرق".

    وأبحرتْ تيتانيك في العاشر من نيسان 1912. وسنة 1912 صارت تاريخ التيتانيك. وغرقت التيتانيك التي "لا تغرق". في 14 نيسان اصطدمت بجبل الجليد، لتغرق وتستقرّ في قعر المحيط، صباح 15 نيسان في الثانية فجراً.  

 

    تعدّدتْ الروايات حول أسباب اصطدامها بجبل الجليد، شمالي المحيط الأطلسي. فهاك من يقول إنّ القبطان، الكابتن سميث، أراد أن يُظهر براعته في قيادة أعظم سفن العالم، قبل أن يتقاعد نهائيًّا. وقول ٌآخر مفاده أنّ القبطان لم يُعرْ جبل الجليد أهمّية ً ليحيد عنه، بل أراد أن يحطّمه بسفينته العملاقة. ومقولة ٌمختلفة تعزو الحادث إلى واضع مخطط السفينة، الذي طلب إلى القبطان مضاعفة السرعة، فتسجّل التيتانيك رقمًا قياسيًّا في عبور المحيط. فتعذّر بذلك تفادي جبل الجليد الذي جاءت ضربته للسفينة قاضية.    

 

    تعدّدت الروايات، لكنّ الأكيد هو حصول الكارثة. هذه الكارثة التي طبعَتْ تاريخ الملاحة البحريّة إلى الأبد. لأنّ الأكيد أنّ التيتانيك التي ضمّت على متنها كبار رجال العالم، وأفقر الهاربين من وضعهم المذري إلى "العالم الأفضل"، أبحرت ْ بما يزيد على ألف وخمسمائة مسافر، إلى نهاية مرعبة وموتٍ فظيع. من جميع أنحاء الدنيا ركّابها، في رحلةٍ تاق إليها العالم بأسره. فإذا بسكّان الأرض جميعًا، يبكون صَرعاها، ويتلوّعون على فقدهم المأساويّ. 

 

    ستبقى التيتانيك اسمًا كبيرًا في تاريخ الملاحة البحريّة، على الرغم من العلم والخبرة اللذين يفيدان الحاضر والمستقبل ويقِيان تكرار المآسي المماثلة. ستبقى التيتانيك اسمًا كبيرًا بين سفن العالم، على مرّ الزمان، على الرغم من تطوّر صناعة السفن، وضخامة سفن اليوم، وتقدّمها التكنولوجيّ العصريّ عليها.   

 

    لا، لن يُمحى اسم التيتانيك من الأذهان. ولن تصغر صورتها في أعيُن الناس. ستبقى بكبَرها، كما بهَولها، أسطورة ًفي ذاكرتهم، وملهمة ً لإبداعات الكثيرين، التاريخيّة والفنيّة والأدبيّة. ستبقى موضوعًا خصبًا للكتب والأفلام. وستكون دائمًا، شاهدة ً على عظمة الفكر الإنسانيّ المبدع، كما على أخطاء ضعفه البشريّ وأنانيّته. 

    

    إنـّها التيتانيك، ملحمة بداية القرن العشرين، إلى زرقة المدى، حتى المنتهى.   




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=29481
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 04 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19