• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح102 سورة الاعراف الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح102 سورة الاعراف الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{73}
تنعطف الاية الكريمة وما يليها من ايات كريمة لتذكر شيئا موجزا عن النبي صالح (ع) وما جرى له مع قومه ثمود , ويلاحظ فيها : 
1- (  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً ) : لكل امة نبي او رسول منهم وفيهم , يتكلم لغتهم , ويرتبط بهم بروابط اجتماعية ونسبية واقتصادية وثقافية . 
2- (  قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ) : كل نبي يدعو قومه الى عبادة الله عز وجل , وذلك دليل على ان كافة الانبياء والرسل مهمتهم واحدة , فلا ينبغي التفريق بينهم , كما اشارت الى هذا المضمون الايات الكريمة { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة136 , {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285 , {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }آل عمران84 .  
آمن اليهود واعتقدوا ببعض الانبياء وكفروا بالبعض الاخر , وآمن النصارى ببعض الانبياء وكفروا بالبعض الاخر , بينما فرض الاسلام وجوب الايمان بكافة الرسل والانبياء , وعد ذلك من ضروريات الدين ! .  
3- (  قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ) : لكل نبي ورسول بينة خاصة به , تثبت رسالته , وتدعم حجته .
4- (  هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) : يذكر النص المبارك بينة النبي صالح (ع) الخاصة به , ويدعوها بــ ( ناقة الله ) , وتسمى ايضا بــ ( ناقة صالح ) .                 
 
وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ{74}
نستقرأ الاية الكريمة في خمسة موارد : 
1- (  وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ ) : يكمل النص المبارك مضمون النص المبارك الاسبق (  وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ) اية 69 , وبعبارة اخرى , قوم عاد اخلفوا قوم نوح (ع) , وقوم ثمود اخلفوا قوم عاد .   
2- (  وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ ) : اسكنكم في الارض , وهذا النص المبارك يدفع المتأمل الى حدود بعيدة , نذكر منها على سبيل المثال : 
أ‌) هل كان قوم ثمود الوحيدون في الارض ؟ ! . 
ب‌) ام ان قوم ثمود كانت لهم السيادة على كافة شعوب الارض في زمانهم ؟ ! . 
ت‌) ام ان النص المبارك ميزهم عن غيرهم من الامم كونهم اصحاب حضارة ؟ ! .
ث‌) ام ان النص المبارك يحمل على مفاهيم ومعاني اخرى ؟ ! . 
ينبغي للمتأمل اللبيب ان يتابع الموضوع لمزيد من الاطلاع ! .  
3- (  تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً ) : كان قوم ثمود يسكنون القصور في الاراضي المنبسطة في الصيف .      
4- (  وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً ) : وكانوا يسكنون في بيوتا منحوتة في الجبال شتاءا .  
5- (  فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ ) : يأمر النص المبارك بوجوب ذكر نعم الله تعالى , وان كان موجها لقوم ثمود بالخصوص , الا انه يشمل جميع الثقلين بالعموم ! . 
6- (  وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) : ينهي النص المبارك عن الفساد والافساد , فأنه السبب في هلاك الامم والشعوب .                                  
 
قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ{75} قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ{76}
تروي الايتين الكريمتين حوارا بين سادة وكبراء قوم ثمود وبين المؤمنين الذي استضعفوا , ونلاحظ فيه : 
1- ان المؤمنين وبالرغم من استضعافهم لا زالوا متمسكين بما آمنوا به (  قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ) . 
2- ان السادة وكبراء القوم استمروا في نهجهم التعنتي والاستبدادي (  قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) . 
3- في كل قوم او امة , غالبا ما يؤمن بدعوة النبي الفقراء والضعفاء والمساكين والمحرومين ... الخ , وسائر من ينتمي لهذه الطبقة , اما طبقة السادة والاشراف فغالبا ما تكفر بتلك الدعوة , الا من شذ , لعل ابرز اسباب ذلك , كون دعوات الرسل والانبياء تسير بخط مواز لمتطلبات وتوجهات طبقة المحرومين , وتتقاطع مع رغبات واماني طبقة السادة و الكبراء .                    
 
فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ{77} 
تروي الاية الكريمة ان قوم ثمود قاموا بثلاث امور مشينة :
1- (  فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ ) : العقر هو قطع عرقوب البعير .
2- (  وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ) : تكبروا وتجاوزوا الحد . 
3- لم يكتفوا بذلك , بل استخفوا بوعيد صالح (ع) لهم بالعذاب ( وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) .          
تجدر الاشارة الى ان عاقر ناقة صالح وهو ( قدار او قيدار بن سالف ) ويسمى ايضا ( احمر ثمود ) وهو اشقى الاولين ! . 
 
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ{78}
تروي الاية الكريمة ان عذاب قوم ثمود كان في الرجفة , والرجفة ( هي الزلزلة او الصيحة ) " مصحف الخيرة/ علي عاشور العاملي" , والرجفة هي (  الزلزلة الشديدة من الأرض والصيحة من السماء ) " تفسير الجلالين / السيوطي" . 
الجدير بالملاحظة امرين : 
1- ان لكل امة كذبت وكفرت بآيات الله تعالى نوعا خاصا من العذاب , عرفوا و اشتهروا به ! . 
2- (  فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) : ( موتى قعودا ) " مصحف الخيرة/ علي عاشور العاملي" , ( باركين على الركب ميتين ) " تفسير الجلالين / السيوطي" .          
 
فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ{79}
تروي الاية الكريمة , ان صالحا (ع) اعرض عن قومه عند حلول الهلاك والعذاب عليهم , وخاطبهم مصرحا بأمرين : 
1- ( وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي ) : التبليغ . 
2- (  وَنَصَحْتُ لَكُمْ ) : النصيحة .                     
وأضاف (ع) مبينا سبب نزول الهلاك والعذاب عليهم (  وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ) ! .            



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=29087
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 03 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18