• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التطاول على المقدس ظاهره مدانه .
                          • الكاتب : كريم السيد .

التطاول على المقدس ظاهره مدانه

 

تعد هذه الظاهرة من الظواهر السلبية التي يطول شرحها وتتعدد اسبابها ومعروفة نتائجها, ولا تحتاج الا للكشف عنها; لرسوخها لدى الجميع سواء كان موحدا ام ملحدا وسواء آمن بالله ام لم يؤمن, ولكي لا يتصور القارئ ان هذا الكلام خطاب ديني معتاد فاني اطمأنه بالتطرق لهذه الحالة من زاويتها الاجتماعية والقانونية تاركا النظرة الدينية لأهل الاختصاص والتي لها من البحوث بهذا المجال الشيء الكثير.

في مجتمعنا العراقي خصوصا والعربي عموما اصبح من الطبيعي ان تسمع احدهم يسب الله او الدين او الرسل والصالحين جهرة امام الملأ او يصف الله بما لا يوصف به اراذل البشر او ان يجرد الله من قدسية الرب, ولعمري ان هؤلاء مساكين فهم  ما عرفوا قدر انفسهم قبل ان يعرفوا قدر ربهم.

نلحظ ذلك جليا في حالات الغضب والدهشة والاستفسار والفرح المفرط وغيرها فنجد كلاما بذيئا ليس بمحله على الاطلاق ولا داعي لقوله اصلا قد يستقبحه البعض وينهره وقد لا يحرك له البعض الاخر اي ساكن, وهذا امر طبيعي نتيجة تعطل دور المؤسسات الدينية في الوعظ الحقيقي والواقعي وانشغالها بالتنظير والخلافات الدينية الداخلية او الطائفية او السياسية لذلك غاب الرادع والارشاد الحقيقي للشباب بحلول الثقافات الدخيلة بمجتمعنا وتشنج الخطاب الديني بروح تميل عن التطبيق الامثل المتمثل بسهولة الدين ورفع الحرج عنه فضلا عن كونه وسيلة لسمو الانسان ورقيه الفكري والحضاري.

ان تداخل قيم الدين بما يتماشى والمجتمع امر حسن, واظن ان مجتمعنا العراقي مجتمع نصف مدني يميل الى التحضر بحكم تمسكه بالعصبيات القبلية والعشائرية وقبول الدين من اهم سماته, كما ان التدين بذاته يعتبر امر اجتماعي يستحق الاحترام, ولهذا فرض المجتمع قيودا وايحاءا بضرورة احترام الدين وعدم المساس بكل ما هو مقدس وديني ويدخل في معتقدات ذلك المجتمع.

الاعتياد كفيل بان يجعل الامور مقبولة بمرور الزمن ولعل امر فاسد اليوم سيكون مباحا غدا في حدود تقبل المجتمع لذلك الامر وهذا معناه ان استفحال هكذا ظواهر سيجعل سماعها او تلفظها امر بديهي وطبيعي وبالتالي سنطل على واقع ديني صوري يحترم الدين شكلا ويلعنه جهرا متى ما شاء.

الواقع اننا لا ندعو لتقييد حرية الفكر التي ينادي بها اهل الحداثه, كما ينادي بها الاسلام ايضا,  فلكم دينكم ولي دين دون ان يصل الى مرحلة السب لله تعالى امام الملأ وبدون مناسبه بما يبعث انعدام الذوق العام, كما ان هذا الفعل شخصي وضع الله تعالى حسابه وعقابه عليه لذلك فأننا لا نركز الا على ما يصل لخدش كرامة ومعتقد الاخرين, وان من النبل ان نبث روح التسامح والذوق العام بعد ان فقد مجتمعنا هذه المسميات بأيدولوجيات تكفيرية طائفيه جرت مجتمعنا لان يلعن ارثه الديني والحضاري, بل ويفرق بينهما وكأنهما ندان.

هذا الامر ليس في العراق وحسب بل يكاد يكون العراق اقل من بعض الدول العربية الاخرى, فقد قرات تقاريرا عربيه تشير الى ذات الامر بانتشار هذه الافعال حتى ان احد التقارير يذكر ان سب الاله في دولة ما طبيعي جدا ويوازي صباح الخير بنسبة قبوله!.

ما تطرقنا له اعلاه كان من الناحية الاجتماعية والان سنتطرق للناحية القانونية. فمن المعلوم ان القاعدة التشريعية تكون مطلبا وغرضا لمعالجة حالة الجماعه لتنظيم شؤونهم بما يتفق واعتقاداتهم وتأخذ شرعيتها من تقبلها وعدم تعارضها مع تلك الاعتقادات, وبهذا فان القاعده هي رغبة مُلحه يسعى التشريع ان يرصدها ويضع ما يناسبها بما يتماشى وعقيدته المعتبره.

التشريعات تكاد تخلو من الإشارة بشكل مباشر من ايلام الساب لله تعالى جهرا وعلانيه  في حين نجدها افردت ابوابا لمعالجة ظواهر السب وقذف المتعلقة بالأفراد وهنا محض مفارقه قانونية, فالدستور العراقي ينص في المادة (2):والتي تنص على الاتي

 اولاً :ـ الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدرٌ اساس للتشريع:

ثانياً :ـ يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية، كالمسيحيين، والايزديين، والصابئة المندائيين,

في حين نجد ان قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل يخلو من تشريع يحاسب الافراد على سب الله عنوة او اهانة الدين والتي تعتبر الاساس والاصل الذي تبنى عليه الهوية الاسلاميه فأساس احترام الدين والعقيدة هو التصديق بها وعدم جواز الانتقاص منها وهو امر بديهي لا يحتاج لإثباتات وادله منطقيه, حيث أن سب الله - عز وجل -  يعد أقبح وأشنع أنواع المكفرات القوليه وإذا كان الاستهزاء بالله كفراً سواء استحله أم لم يستحله فإن السب كفر من باب أولى, كما نجد ان القانون افرد فصلا لجريمة القذف والسب وافشاء السر للمواد (433-438) ناهيك عن عدم الإشارة اليها في باب الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة للمواد (393-404),

ان هذه الفعل يشكل جريمة وفقا للتشريع الاسلامي وحتى الاديان الاخرى التي اساسها التوحيد والتي يستلهم منها لمصدر التشريع, وهو ان الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف وما يفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوه.

هناك ثمة مفارقة اخرى, اننا نجد تشريعات تمنع سب او اهانة اشخاص معينه حتى ان سب الاله ليبرئ المرء عندما يتهم بسبه لزعيم ما وشتان بين هذه المفارقة فاين الخالق من المخلوق؟ واين الرب من المربوب؟

لذا بات علينا ان نراجع مثل هكذا حالات من بعد اجراء دراسات ميدانية من قبل مؤسسات واشخاص مختصين ووضع حلول لها, سواء كانت هذه الحلول ارشادية وعضيه ام قانونيه جزائية لنكون بمجتمع يسوده الذوق والخلق ووضع موازين القداسه في موضعها ولنرتقي بمجتمع يوري اهتماما بما يعتقد ويقدس.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=28963
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 03 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29