تلفت نظرنا في هذه الأيام ظاهرة المجهول التي ربما لم تكن في بال احد إلا أيام الحروب والدمار الذي يلحق بالبشرية الرعناء في عصر صناعة الإنسان الرقمي البعيد عن المشاعر الوجدانية!.

ومن ظواهر المجهول ظاهرة المعلم المجهول فمما لاشك فيه ان المعلم أساس الثقافة وانه صانع المبدعين منذ الطفولة حتى آخر لحظات العمر والذي يؤلم ان هذا الدور المقدس وبرغم وجوده العملي لا يذكر من قبل المجتمع الا قليلا وربما كان الأمر شكليا لينطوي المعلم وحيدا في زاوية النسيان متحسرا على ما مضى !!

وظاهرة الإنسان المجهول ظاهرة أثبتت وجودها في مجتمعنا الكريم فهناك المثقف المجهول الذي ظن الحياة مبادئ كما سنتها الكتب بأنواعها الادبية والعلمية والفنية حتى اذا اصطدم عشرات المرات انطوى إلى عالمه المجهول وظل مثقفا مجهولا وانعكس ذلك لدى الشعراء والأدباء فهناك شاعر مجهول خدم الشعر والشاعرية وكتب أروع الكتابات لكنه بعد رحلة الإبداع الحقيقي وعدم التنازل أدى به إلى ان ينطوي في عالمه الخاص بعد تلك الصدمات حيث يقدر التاجر المادي في العلاقات المنفعية وينسى الشاعر الذي صاغ الجمال وصنع منه تمثالا للوجدان الجميل ومثل ذلك الروائي المجهول والعالم الذي حاول عشرات المرات ان يختلي من اجل بحثه العلمي للوصول الى نتائج فيخذله اقرب الناس اليه

لقد ذهب ذلك العصر في مجتمعنا طبعا الذي يقف وراء المبدع الخلاق امرأة أو رجل أو أم لصنع مبدع خلاق وأصبح المبدع الخلاق تصنعه قسوة الحياة وظروفها كالتشرد والحرمان والرحلة بين أطلال الحياة البالية 

وفي الصعيد الاجتماعي سابقا فان هناك ابا مجهولا ركن في الهامش بعد ان سكب العمر كله وأما مجهولة تعاني ويلات الكبر والعوز ونكران الجميل!!

والسؤال الذي يقلقني ويقلق كل إنساني أصيل هو :هل نكون في يوم من الأيام في عداد المجهولين ؟ 

أم سيكون الأمر غير ذلك فتعاد المقاييس والتقدير الحقيقي للإنسان الحقيقي المجهول!!؟