• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تسييس المجتمع .
                          • الكاتب : علاء كرم الله .

تسييس المجتمع

 

أن طبيعة العلاقات والتعاملات اليومية بين الناس في أي مجتمع هي أنعكاس لطبيعة الوضع العام في ذلك المجتمع وما يتمتع به من رقي وتحضر وثقافة عامة بكل صورها وأشكالها . ففي الغرب مثلا ترى المواطن الأوربي هو الذي يبادرك بالتحية ومعها أبتسامة عريضة خاصة أذا أردت أن تسأله قائلا لك(يس سير) أو (ويل كام سير) وتعني نعم سيدي أو تفضل سيدي. هذه الصور من التعامل تراها وتسمعها ليس عند مراجعتك لدائرة معينة بل في كل مكان. وفي البلدان الأشتراكية وقبل أنهيار النظام السوفيتي السابق أنعكست صورة النظام السياسي وطبيعته على تعامل الناس في حياتهم اليومية فدائما ما تسمع عبارة( بجالستا موي تفاريش) وتعني باللغة العربية (أتفضل رفيقي) وكلمة (تفاريش) باللغة الروسية تعني كلمة (رفيق ) باللغة العربية. وهذه الكلمة ينادي بهاالشيوعيون الروس بعضهم للبعض أثناء الأجتماعات واللقاءات والمؤتمرات الحزبية، وبالتالي يأتي أستعمال هذه الكلمة حتى أثناء الحديث بين الناس من باب تسييس المجتمع حيث أن الكل رفاق في الحزب الشيوعي حتى وأن لم ينتموا!. في العراق وقبل أستلام حزب البعث للسلطة  كان العراقيون يستعملون عبارة ( أتفضل أخوية او أختناأو يستعملون كلمة يمه عندما تكون المرأة كبيرة) وينادون الشخص بكلمة( أستاذ) عند مراجعة أحدى دوائر الدولة وخاصة أذا كان يرتدي (القاط والرباط)!. وبعد تسلم البعثيين السلطة بالعراق وأحكام قبضتهم عليها بدأوا بسياسة تسييس المجتمع بعد أن رفع الحزب شعار( كل العراقيين هم بعثييون وأن لم ينتموا)! فصرنا نسمع كلمة ( أتفضل رفيقنا ) عند مراجعة دوائر الدولة! حتى شاع أستعمال هذه الكلمة بين الناس وخاصة في المناطق التي فيها مقرات للحزب!. وبعد سقوط النظام السابق على أيدي الأمريكان وسيطرت الأحزاب الدينية على مقاليد الحكم في البلاد بشكل واضح سرعان ما بدأنا نسمع كلمة أتفضل( مولانا او سيدنا أو حجي) أينما تذهب  وبغض النظر عن العمر أو أكان الشخص يعتمر العمامة السوداء أوبيضاء أو بدونهما!! ويخاطبون المرأة بكلمة ( علوية أو حجية) بغض النظر ان كانت شابة أو امرأة كبيرة في السن! مادام غالبية بناتنا ونسائنا قد وضعن الربطة( الحجاب) على رؤؤسهن والنقاب على وجوههن سواء أكان ذلك بقناعتهن أو اجبارا أو خوفا!!. أن أنتشار أستعمال هذه الكلمات والعبارات بين الناس هي أنعكاس واضح للحالة السياسية في العراق بعد أن لبس الغالبية ثوب الدين زورا وبهتانا! والملفت للأنتباه هي شيوع أستعمال هذه التسميات والعبارات وعلى نطاق واسع في الحياة العراقية اليومية وحتى في دوائر الدولة!!. ويبدوا ان عراق اليوم السياسي لم يختلف كثيرا عن عراق الأمس في الكثير من صور الحكم!. اتمنى ان يقلع الجميع من أستعمال مثل هذه العبارات والتسميات أحتراما لقدسية الدين ومضامينه الرائعة وياحبذا لو نستعمل كلمة ( أتفضل أستاذ أو ست) في الحياة اليومية أو نسمعها عند مراجعتنا لدوائر الدولة فهي أكثر شفافية وأحترام وتعكس شيئا من التحضر وكفانا كذبا ونفاقا بأسم الدين!.  

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=28079
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 03 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28