• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفقر وليد النظام الجائر .
                          • الكاتب : صادق غانم الاسدي .

الفقر وليد النظام الجائر

 

ما أن يحل الفقر على بلد يجلب معه السقم والكوارث الاجتماعية بإذنابها السيئة وبذلك لا يستطيع الشعب أن يخلع ذلك الثوب المكبل بمختلف المعاناة والمعضلات , فستظهر معاناة لاحدود لها وجرائم بشعة وتخطيط لعمليات سطو بسبب المجاعة التي أنهكت الناس , ولكن تبقى عملية النهب والسرقة وأساليب الجريمة المنظمة هي السائدة , في الوقت الذي يستغل تلك الأمور بعضاً من أصحاب النفوذ البسيط والنفوس الضعيفة  لصالحها فيبدؤا بالاستغلال ويستثمروا المعاناة في سبيل رفع كفأتهم المادية من استغلال وخلق أزمة تعمق الجراح وعدم مراعاتهم الجوانب الإنسانية والتي أكدت عليها جميع الديانات السماوية على فعل الخير ومساعدة المحتاجين ومبدأ التكافؤ , يقول الرسول محمد صلى الله عليه واله لا تجمعوا ما لا تأكلون  ولا تبنوا ما لاتسكنوا ,  وقال أيضا (أن الناس لو أدوا زكاة أموالهم ما بقي فقير ) و يقول الأمام علي عليه السلام ( ما جاع فقير الا بما  متع به غني ) , على عبر التاريخ نجد أن دولا عاشت معاناة الفقر والتسيب الأخلاقي ,وهذه الحالات بدأت بسبب انشغال حكام تلك الدول بالملذات ودفع شعوبها الى الحروب وعدم استغلال مواردها الطبيعية وتنميتها والمحافظة على الثروات داخل البلد باعتبارها ملكا للجميع ,, ففي العصر العباسي كانت طبيعة الحياة الاجتماعية  يغلب عليها الفقر والعوز وينتشر بها  المكارين وقطاع الطرق  ومن خلال شعراء ذلك العصر نجد كلماتهم تؤكد ان الفقر حالة منتشرة فهذا أبن الرومي في قصيدة له يقول ( وما الفقر عيباً ً ما تجملٌ أهله , ولم يسألوا الا مداواة وانهِ , ولا عيب ألا عيب من يملك الغنىِ , ويمنعُ أهل الفقر فضل ثرانه ,)وضل الفقر يدب في جسد الفقراء لا وجود للمأوى والمأكل ,في حين تجد الخليفة العباسي مثل هارون الرشيد يسهر في الليل حتى الصباح وبجانبه الجواري وألذ أنواع الأطعمة  والاشربة مع حاشيته ربما تكلفه الليلة الواحدة مبالغ ضخمة ودام ذلك طيلة فترة حكمة حتى قال المؤرخين أن زوجته زبيدة لا تستطيع النهوض من مكانها لشدة ثقل الذهب التي كانت ترتديه على جسدها ,في الوقت الذي يعاني الشعب الإملاق و البؤس , وقد سجلت رواية إلف ليلة وليلة من خلال صفحاتها معاناة وقصص تعكس الواقع  بتفاصيله المريرة ومعاناة الفرد والاضطهاد وما يحمله من تعسف وضياع للحقوق , ولا يختلف الأمر أيضا أثناء حكم الدولة العثمانية للعراق طيلة أربعة قرون سادت الفوضى وانتشرت الإمراض والسلب والنهب ,وتدهورت الزراعة علاوة على انتشار نظام الالتزام  الذي طبق على الفلاحين بجمع الضرائب منهم وإرسال مبالغ قليلة الى المماليك والباقي يذهب الى إرباح الملتزمون بجمع الضرائب, وهو نظاما مجحفا وباطلا كوٌن ثورة عند بعض أفراد المجتمع, وترك المزارعون ارضايهم  وساد الفقر ولازمه الجهل والمرض , وبقى الشعب يعاني الحرمان من ابسط حقوق الحياة والتمني للعيش ,في حين انشغل السلاطين العثمانيون بالملذات والحروب والحصول على الجواري وبناء القصور والجوامع الضخمة التي لم يرتادها المصلون , أما في عصر الطاغوت صدام حسين فالعراق يمتلك قوة اقتصادية كبيرة بما فيها السياحة الدينية والثروات الطبيعية في مقدمتها النفط , ولسوء التخطيط  واندفاع الحاكم الى شن حرب على الجارة إيران والشقيقة دولة الكويت من اعتداء صارخ ضانا انه سيصبح رئيس يخلد في التاريخ وتتناقله الأجيال باعتباره بطل قومي هزم كل الأعداء , لهذه السياسة الرعناء وتبديد ثروات العراق وحرمان شعبها من التمتع بها وهجرات ملايين من الشعب خوفا من المحرقة التي أشعلها والقى  فيها كافة أطياف المجتمع طيلة فترة حكمه أدى الى انتشر الفقر بشكل لامثيل له  مصحوب بألوان الجريمة وتطور أساليب العمل وحياكتها  فقد عجزت أجهزة الشرطة من كشفها وملاحقة منفذيها وتم عسكرة الشعب فقد ضاعف المعاناة أيضا خلال فترة حكمة ,وسادت البطالة واندثر التعليم واتجه الكثير من الطلبة لترك الدراسة والعمل من اجل سد رمق العائلة والسيطرة على التدهور الحاصل في المستوى المعيشي والتقلبات الطارئ التي تحدث بين فترة وأخرى , رغم حكمه بالحديد والنار وظهور طبقة في عهد المقبور البرجوازية العسكرية وهم المقربون الذين استلموا منح وأكثر من سيارات وهداية وأراضي اقتصر التوزيع عليهم  , وما أراه اليوم ان الحكومة بعد التغير عالجت الكثير من القضايا ووضعت سلم من الرواتب للارتقاء بمستوى المعيشي للمواطن العراقي وتحسين مستواه وانعكس ذلك من خلال البيع والشراء والتحسن الملحوظ في شراء أجهزة وأثاث حرم منها سابقا , وعلى الرغم من تحسن أحوال المواطن من الناحية المادية وهذا شيىء ملموس الا ان بعض الأمور انعكست سلبا على فئة متوسطة من الشعب بسبب التفاوت الحاصل بمستوى ارتفاع الرواتب والمخصصات لأعضاء مجلس النواب وهم لا يؤدون الخدمات وأماني الشعب ,وبين البطالة التي أخذت بالتزايد ولم  تقضي الدولة عليها او على الأقل ان تقلص حجم البطالة خوفا من انجرار الشباب للتيارات المعادية  وما تقدمة من إغراءات مادية في الشارع العراقي  وتجنيدهم لتخريب البلد اذا لم نمد يد العون إليهم وتذليل الصعاب عنهم , بعد ما أصبح البلد مفتوحا أمام التطور والانفتاح العالمي ودخول الأجهزة والكماليات المغرية والتي تتطلب المواظبة عليها وإتقانها , ولا نكتفي فقط بالوعد ورسم صورة المستقبل من خلال الكلام دون الأفعال الواقعية , وخصوصا  بعد ما أصبحت القوات الأمنية اليد الضاربة للدولة وسيطرتها على أوكار الإرهابيين وشهد أيضا العراق بالفترة الأخيرة استقرارا امنيا ملحوظ وتعايش سلمي بين أطياف المجتمع وازدحام في الأماكن التجارية والمباريات الثقافية والرياضية ,وسٌرنا أيضا حينما نشاهد البناء اخذ يعلوا وترتدي مدينة بغداد حلية جديدة ونهضة عمرانية مع أنها بطيئة ولكن تبشر للخير وهذه بداية الطريق الصحيح .  




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=27769
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 02 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29