• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : صابر حجازى يحاور الأديبة السورية لبني ياسين .
                          • الكاتب : صابر حجازى .

صابر حجازى يحاور الأديبة السورية لبني ياسين

الاديبة  لبني ياسين  كاتبة وصحفية وشاعرة سورية ، وهي عضواتحاد الكتاب العرب ،وكذلك عضو  فخري في جمعية الكاتبات المصريات. وعضو في اتحاد كتاب الإنترنت
حازت على بكالوريوس في العلوم من جامعة دمشق.

ولم تنتهي عند البكالوريوس فحازت على دبلوم التأهيل التربوي من جامعة دمشق.

درست لبنى الرسم والنحت في معهد (أدهم إسماعيل) للفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة في دمشق

آراء كتاب كبار في الانتاج الادبي للاديبة لبني ياسين :-

1- الأديب أسامة أنور عكاشة
--------------------
القاصة لبنى محمود ياسين أدهشتني في أول مجموعة قصصية لها تلك التي صدرت بعنوان " ضد الـتيـار ", والدهشة هي الانطباع الوحيد الذي يؤكد الجـدارة, فالأدب الجيـد هو الذي يدهش ويثير ذلك المزيج الساحر من التجاوب بالعقـل مع ما يلمس أوتار القلب, وهذا ما لمسته في قصص لبنـى ياسـين. لبنى ياسـين.. توقفـوا أمام هذا الاسـم راصـدين متابعـين, لأنه لكاتبـة واعـدة ومبشّـرة سنقرأ لها كثيرًا وندهـش.

2- الكاتبة فتحية العسال رئيسة جمعية الكاتبات المصريات
------------------------
 القـاصـة السورية لبنى محمود ياسين في مجموعتها القصصية الأولى(ضـد التيّـار) تؤكـد أنها كاتـبة وأديـبة صاحبة قــلم لـه أسلوب بارع, وأهم ما يميّـز هـذه الكاتبة هو انحيـازها إلى طبقـة البســطاء.. لذلك هي تأخذ من رحيـق الإنسان البسيط الطيـب وتغـزل فنـّـاً.. للبنـى مني كل التحيــة والحــب, وأملـي كبيـر جـداً جـداً وكـذلك ثـقــتي بمستقبلها كـكاتبــة.

3- الكاتب محفوظ عبد الرحمـن
------------------
التجربة الأولى دائما مأزق, فهي تعرفنا إلى الناس, لكنها في الوقت ذاته تورطنا بصورة دائمة, ومن الصعب معرفة الكاتب من تجربته الأولى, إلا إذا كان مبدعا حقا مثل لبنى محمود ياسين, في مجموعتها القصصية الأولى( ضد التيار). فهي من الآن تمتلك قدرات كبيرة, والقصة التي تصدرت مجموعتها تضعها بين كتاب القصة الراسخين...إنها أجمل مجموعة أولى.

كان لنا معها هذا الحوار عن الادب بين الكتابة القصصية والمقال والشعر عبر تجربتها الابداعية 
حاورها : صابر حجازى *




س1:- من خلال العديد من المقالات والحوارات عبر الشبكة العنكبوتية يعرف الكثير عن مسيرتكِ الادبية - ولكن هذة المرة نريد ان يطلع القارئ  علي الاستاذة الكاتبة والصحفية  لبني ياسين الانسانة ؟
كإنسانة تأخذني أوجاع الوطن حالياً، تدس كفوفها الباردة في رئتي، وبالنسبة لي لا تنفصل لبنى الإنسانة عن الكاتبة أو الصحفية أو حتى الشاعرة، تلك مكونات الأنا الخاصة بي، ومن خلالها أرى كل ما يحدث حولي، وأعبر عنه بطريقتي.

س2:- حديثينا عن الوالد الشاعر والكاتب الصحفي الاستاذ محمود ياسين (رحمة الله علية )من حيث تاثيره علي شخصيتكِ وفكركِ ؟
أبي رحمه الله لم يكن أباً فقط، كان صديقاً ومعلماً، عاملني بندية محببة كما لو كنت أخته لا ابنته، وهو بطبيعة الحال كما أي أب في حياة طفلته أول رجل في حياتي كطفلة، وصار بعدها على كل رجل أن يحتمل عبء المقارنة به، تعلمت منه أن أحترم نفسي باحترامه لي، كان صديقاً لي قبل كل شيء، حتى أنه كان يزورني في الجامعة أثناء دراستي فنحتسي كوباً من الشاي معاً في المقاهي القريبة، أبي رحمه الله أطلقني من نفسي وعلمني أن أكون حرة، وأن أكون امرأة حرة في مجتمع ذكوري أمر في غاية الصعوبةً، تغلبت عليه بالصمت لمدة طويلة، أو ربما تغلب هو علي،  وبطريقة ما..بعد فاجعة رحيله تصادمت مع حريتي كمن ينفذ وصية راحل وكانت الغلبة لها..بدعمه لي غائباً، وربما بقيت أبحث عن ملامحه وصوته فيمن حولي، علمني كيف أقبل الاختلاف وأحترم أفكار الآخرين مهما اختلفت آراؤنا، علمني أن الاختلاف سبب في الثراء الفكري والتنوع والإبداع، وليس سبباً للتشقق والخلاف، كنت قارئته الأولى وكان قارئي الأول، وكان يطلب مني دائماً أن أترك لقلمي حرية التحليق دون سقف..ويخبرني أن الأسقف مجرد أوهام وبوسعنا دائماً أن نتجاوزها...باختصار أبي كان رجلاً نبيلاً، أحببته أكثر من أي شخص آخر، وفجعت برحيله أكثر مما كان بإمكاني أن أتجاوزه دون شروخ تغلغلت في أعماق القلب، ومكثت هناك.


س3:- الكتابة النسوية - مصطلح منتشر  - ما رايكِ ؟ وهل هو تصنيف..- اما توصيف ..اما تميز عنصري ..؟
لا أعترف بهذا المصطلح، وأشعر أنه اقصاء لقلم المرأة المبدعة، وهكذا توضع ابداعاتها في تلك الزاوية لكي لا ترقى للمقارنة بأقلامهم، هذا تماماً ما أشعر به عندما أقرأ هذا المصطلح، ونتيجة لذلك تركت أربع روايات بعد أن كتبت منها جزءاً طويلاً نسبياً،  وصممت أن يكون بطل روايتي رجلاً،  لئلا أوضع تحت مظلة الكتابة النسوية التي غالباً ما تكون سيرة ذاتية أو ما يشبه السيرة الذاتية، وكأن الإبداع ذكوري فلما دخلت المرأة تلك الدهاليز المحرمة، خصصوا لها زاوية تنعزل بها عن ردهاتهم بحجة التصنيف، الإبداع انساني ولا يتعلق بالجنس، عندما تقرأ نصاً ابداعياً لا تكوّن رأيكَ عنه نتيجة لجنس كاتبه، وإنما نتيجة للدهشة التي يتركها فيك، لذلك لا أجد في هذا المصطلح ما يجعلني أرضى بأن أنضوي تحت خيمته.

س4:- لماذا تكتب الاديبة لبني ياسين ...؟
لم أسأل نفسي هذا السؤال، فقد كتبت في سن مبكرة جداً قبل أن أعيَ أن للأشياء أسباب أو فلسفة تخصها، لكنني بالعموم أقدِّر الجمال الذي حولي، وأكره القبح، لذلك أظنني أكتب لأكرس قيم الجمال من أخلاق وأفعال وظروف وحتى كلمات، ولكي أحارب القبح بكل أشكاله، أكتب من أجل وطن أجمل، من أجل مواطن حر، من أجل انسان يقدر انسانيته ويحترم نفسه، من أجل بيئة أنظف، من أجل قلوب أنقى ،من أجل غد باذخ الجمال بتفاصيله، ربما أيضاً لأنني أؤمن أن هذا ما خلقت لأجله، وكما قال فنسنت غوغ: فـ"القضية تكمن في أن نخرج، بكل الوسائل، بشيء ما مفيد من هذه الانفعالات".
والسؤال الذي يجب أن نقف عنده طويلا كما يخبرنا نفس الفنان:"إنني أنفع لشيء ما، وهذا ما يسوغ لي حياتي. أعرف أن بإمكاني أن أصبح رجلاً مختلفاً تماماً. ُترى لأي شي أنفع؟ أين أخدم؟ هل ثمة شيء في داخلي؟ ما هو؟".
وبالنسبة لي كان ما في داخلي  يتقمص شكل  "كلمة".

س5:-  اصدراتكِ الادبية - نبذة عنها -... ثم كيف كان ميلاد الاصدار الاول ..وما الفرق بينة وبين مطبوعكم الاخير ..؟
كان اصداري الأول: "ضد التيار"، وهو مجموعة قصصية، بعدها "أنثى في قفص"، وهو أيضا مجموعة قصصية، بعدها "طقوس متوحشة"، ثم "ثقب في صدري"، وآخرها قصصياً:" سيراً على أقدام نازفة"، وبعدها إصداري الأخير كان مجموعة من المقالات الساخرة بعنوان " شارب زوجتي"، وهو مقال ساخر أعتز بأنه حقق حضوراً لافتاً إلى درجة غير متوقعة، فأطلقت اسمه على مجموعة المقالات الساخرة،

 الفرق بين الأول والأخير في مجال القصة سنوات من النضج في قلمي وفي لغتي، وفي أسلوبي وحتى في مواضيع القصص، وأسلوب يخص قلمي ويشبهه بحيث أصبح هويته.

أما عن ميلاد المطبوع الأول فيعود الفضل فيه لإلحاح أبي، ومع ذلك أتى متأخراً ربما خمس سنوات أو أكثر عن موعد طباعته المفترض، لكنه هيأ لي انطلاقة جميلة، كونه تناوله وقرظه أدباء كبار قامة وإبداعاً  كالأديب الراحل أسامة أنور عكاشة، والأديبة الكبيرة فتحية العسال، والأديب الكبير محفوظ عبد الرحمن، كما أنني نلت بسببه العضوية الفخرية في جمعية الكاتبات المصريات، وكانت تلك البادرة الأولى للجمعية في اعطاء العضوية لكاتبة غير مصرية، مما منحني خصوصية في ذلك أعتز بها.

س6 :- كتاباتكِ الساخرة  - ما كل هذا التميز  - وكيف تسطع أفكارها في مخيلتكِ ..وتتحول الي كتابات ..؟
أولاً شكراً لشهادتك لكتاباتي الساخرة بالتميز, شهادة أعتز بها.
ومن ثمَّ: القبح يثير فيَّ امتعاضاً فيتحول قلمي إلى وجهه الساخر تلقائياً، والفكرة تأتي من الملاحظة، فأكثر ما يميز الكاتب سواء كان ساخراً أو لا هو البصيرة الانتقائية التي يلتقط بها تلك التفاصيل الصغيرة ويعجنها ويعيد تشكيلها أدبياً أو مقالياً، لتسلط الضوء على مشهد ربما لم يلتفت إليه بعض من مرَّ به..لولا أن تناوله قلم خلاق.

س7 :- يحتفظ المخزون الثقافي باسماء نسائية قليلة امثال - نازك الملائكة ،فدوى طوقان ،الخنساء ، مي زيادة ،..،...- عدد قليل !..
هل يرجع ذلك لضعف التاثير الانثوى في الحياة الادابية - اما  الي ماذا في رايكِ ..؟
يا صديقي أنت تعلم أن حياة المرأة تخضع لنظام خاص، فهي في أوج عطائها تتزوج وتنجب وترضع وتربي، وهذا غالباً ما يأخذ منها طاقة أكثر بكثير من أن يترك لها فسحة تتنفس خلالها، حتى أنها في سنوات أطفالها الأولى لا تحلم بأكثر من نوم طبيعي لليلة واحدة، ولو قلنا أن أسرتنا العربية تنجب وسطياً ثلاثة أطفال لوجدت أن هناك أكثر من عشر سنوات من عمرالمرأة يكون انجازها فيه خارج إطار الأمومة والأسرة شبه مستحيل، خاصة وأنها غالباً ما تكون موظفة، نتيجة الظروف الاقتصادية المتردية في بلداننا، فالكتابة وحدها لا تطعم خبزاً، بعد كل تلك السنوات قد تركن بعضهن إلى روتين الحياة اليومية وتنسى أمر الكتابة ، وقد تعود إليها متأخرة، وفي كل الحالات سيكون زميلها الرجل من نفس الفئة العمرية قد أنجز خلال ذلك ما قد يجعلها تشعر بالخجل..فتنسحب إلى الوراء تاركة الساحة فارغة من وجودها، أو التصميم لتلاحق ما فاتها من انجاز.

س8 :- تونس البداية ..ومصر التالية ثم ليبيا واليمن ..وفي الطريق سوريا ..- ما الفرق بين تجربة التغيير بينهم  من حيث:-  الدوافع.. والاحداث.. والنتائج ..؟
من ناحية الدوافع لا يوجد فروق هامة،  فكل البلاد العربية تعاني من مركزية الحكم، ومن تسلط الحاكم، ومن تسليمه المناصب الحيوية لأقربائه، ومن رغيف العيش المغمس بالعرق والدم، ومن تكميم الأفواه بشكل مفرط، ومن الحجر على المثقفين، ومن الاعتقالات، ومن كرامة مهدورة لمواطن مغلوب على أمره، ومن نهب ثروات الوطن لصالح الحاكم وأسرته، كل ذلك أطلق شعلة الثورة الأولى ممثلة بالبوعزيزي رحمه الله، لتنطلق العدوى بسرعة البرق إلى المدن الأخرى، وأطن أن الفرق الأكثر وضوحاً فيما يخص الثورة السورية، هو تكالب دول عربية وأجنبية على الساحة السورية، ومحاولتها لبث الفتنة والطائفية بين صفوف الشعب السوري، الذي ما زال يتعامل بحكمة وبصيرة مع الأفكار المستوردة التي لا ينتهجها بطبيعته.
 وفي كم الأموال والأسلحة التي يجري ارسالها لبعض المرتزقة لإثارة البلبلة، ورغم أنني أدعم الثورة وأقف إلى صفها، إلا أنني اتخذ موقفاً مضاداً من الأيدي الخارجية العربية والأجنبية التي تدوِّل الثورة السورية لحسابات و مصالح شخصية ليس للمواطن السوري الشريف الثائر ناقة فيها ولا جمل.

س9:- في رايكِ لماذا يكون اصرار الحكام علي هذا التشبث بالحكم ضد رغبة شعوبهم ...وكمثال فيما يحدث في سوريا الان ..؟
أخبرتني طبيبة علم نفس تونسية تعيش في هولندا ذات مرة أن دراسات حديثة اطلعت عليها أو هي شاركت بها لم أعد أذكر، تثبت أن السلطة والمال يغيران في تركيبة الدماغ البشري، ويسببان شيئاً كالإدمان عند صاحبهما، خاصة عندما يأتيه المال أو السلطة بشكل مباغت، حال الكثير من حكامنا الذين وصلوا إلى الاثنين معاً في وقت واحد، وبشكل فجائي، لهذا السبب أظن أن ولاية رئاسية لا تتجاوز سنوات خمس..أكثر من كافية للوطن والمواطن والرئيس نفسه، وتحقق مصلحة جميع الأطراف.


س10:- هل واكب الربيع العربي (الثورى ) - نهج جديد في الكتابات الادبية والثقافية والفكرية - اما مازال هناك عدم وعي من اصحاب الفكر لهذا الحدث ..؟
لا تستطيع الحكم على أمر كهذا بعد سنة فقط بينما ما زلنا في حالة صدمة مما يحدث، ومع ذلك اتجهت أقلام الكتاب وأنظارهم إلى الثورة، فالموت والدم لا يمكن أن يمرا دون أثر، والحقيقة مع صدمة الدم والقتل المتعمد لا يمكن الحكم الآن على أغلب النصوص التي تعاني من غلبة العاطفة أولاً ، ومن كونها ردة فعل ثانياً، ومن الاستفزاز الشديد الذي عانى منه الكتاب وأقلامهم بسبب مجريات الأحداث الدامية، لذلك لكي يكون حكمنا متوازناً على ما أفرزته الثورات علينا أن نتريث قليلاً حتى يذهب أثر الصدمة والاستفزاز لنرى النصوص وقد ارتدت قناعاتها المتعقلة وثوبها الفكري الناضج.

س 11:- هل سيتاثر العقل العربي بعد حركات التغيير(والتي شاركت فيها المراة بدور فعال ) بشان النظرة الي كون المراة مكانها البيت - ما هي الادوات التي من شانها قبوله لاانتاج المراه الفكرى والابداعي ..؟
في الحقيقة الثورات العربية خيبت أملي فيما يتعلق بالمرأة، فالمرأة التي نزلت إلى الميادين يداً بيد من الرجل، وتظاهرت، وطالبت، واعتقلت ..بل وقتلت، عندما انتصرت الثورة _أخص بالذكر الآن مصر وتونس_ لم تزد مشاركة المرأة في الحكومات التي تشكلت عن 0,04%، حيث حصلت في تونس مثلا على مقعدين وزاريين، أحدهما وزارة المرأة، مما يعني أنها حقيقة حصلت على وزارة واحدة، فلا يمكن أن يكون الرجل وزيراً في وزارة المرأة، هذا أمر مؤسف ومخجل، وقد كتبت في يوم المرأة أننا بتنا نحتاج ربيعاً نسائياً نطالب فيه بألا نبقى مجرد ظل له.


س12 :- الرابط بين بلاد الشام ( سوريا - لبنان - الاردن- فلسطين ) أرض وتاريخ مشترك ، وتفاوت فكرى وثقافي - كيف المشهد الحالي للمواطن والحياة - الفرق و الاتفاق ..في رايك ..؟
من الصعب الإجابة على سؤال كهذا دون أن أتغلغل فعلاً في تلك المجتمعات وأدرس تفاصيل المشهد لأكوَّن رأيا منصفاً عنها، فالحروب التي مرت على لبنان الشقيق فرضت فيه ظروفاً قاسية تختلف عما يعيشه الفلسطينيون من ظروف قاهرة تحت الاحتلال، وكذلك النظام الملكي في الأردن يفرض أبجديات على المجتمع تختلف عما تمر به سوريا في جمهورية ملكية وراثية..لكنني أجزم تماماً أن المواطن في سوريا وفي لبنان وفي فلسطين والأردن لا يعيش ظروفا مثالية، وأنه في أحسن حالاته أسير لقمة العيش وتكميم الأفواه بطريقة أو بأخرى.

س13-النشر الالكتروني ..الطباعة الورقية ..المدونة ..الفرق والتاثير علي المتلقي - أيهما اقوى في المستقبل ..؟
بالنسبة لي ما زال النشر الورقي يحتل المرتبة الأولى كقارئة قبل أن أكون كاتبة، يعجبني ملمس الورق ورائحته، وأستطيع التغلغل في تفاصيل النص الورقي أكثر بكثير مما لو كان ألكترونياً، وأعتقد أن الكتاب الورقي أبقى من غيره وأكثر تأثيراً، فما ينشر على الشبكة العنكبوتية لن يبقى كما يمكن أن يبقى الكتاب ويورث من جيل إلى جيل، لكن بأي حال النشر الألكتروني أكثر سهولة في الوصول إليه والتواصل مع الكاتب، ولا يمكن أيضا الاستغناء عنه في هذا العصر، لذلك ربما كان الأولى أن نقول أنهما يكملان بعضهما بطريقة أو بأخرى، فالكتاب الألكتروني والمدونة يختصران البعد المكاني، ويتيحان للكاتب تواصلاً مباشراً مع قرائه، بينما الكتاب الورقي يقاوم البعد الزمني ببقائه متداولاً من جيل لآخر.

س14 :- الكاتبة لبني ياسين ..حلم انساني تتمني تحقيقة ؟، وحلم ادبي تسعي الية؟ ، وحلم شخصي تجتهدى من أجلة ...؟

 حلم إنساني أتمنى تحقيقه..سأتركه بيني وبين نفسي، وأعدك أن أخبرك به عندما يتحقق إن شاء الله.
 أما عن الحلم الأدبي فجائزة نوبل للآداب.
أما الحلم الشخصي أو ربما أحد أهم أحلامي أن أفتتح معرضاً تشكيلياً بلوحات من صنع ريشتي، ذلك أنني ابتعدت عن الرسم لسنوات طويلة، وهو حلم أنوي الاجتهاد لتحقيقه يوماً ما.

س15:- الرواية ، القصة ، ووسائل الاعلام المرئية ( سينما - تليفزيون )..من يسعي الي الاخر ..؟
السينما والتلفزيون تسعى للرواية والقصة بكل تأكيد، فالرواية والقصة قائمة بذاتها سواء تحولت إلى عمل تلفزيوني أم لم تتحول، لكن لا يمكن أن يكون هناك أفلام أو مسلسلات دون رواية أو قصة يتم تحويها إلى سيناريو.
 ومع ذلك لا نستطيع أن ننكر أن تحويل الرواية أو القصة لعمل تلفزيوني يساهم في خلود القصة وانتشارها من جهة أخرى، ويوصلها إلى الجمهور غير القارئ، وما أكثره في بلادنا.

س16 :- أحب.. قصة - رواية - مقاله ..الي نفسك من كتاباتك ...؟
أحب قصصي إلي: "تجيء ويغضي القمر", و" وأزهر الياسمين".
 أحب مقال :"ماذا بإمكانك أن تفعل في سبعة أيام".
 ورواية "رجل المرايا المهشمة".
*********
تجيء ويغضي القمر- متوالية قصصية بقلم:لبنى ياسين
-------------------------------------------------------
الجزء الأول

لها وجه قمر...
ولي شعرها المنسدل...
وجمال قامتها...
لها ابتسامة قمر...
ولي دمعة...


أمسكتُ اللوحة المصفرة بحذر, ووضعتها داخل ملف بلاستيكي شفاف جلبته خصيصاً لها, كانت تلك اللوحة...كل ما تبقى لي منها، من رائحة أنفاسها...من دفء عينيها, من حزن باذخ أخفته خلف شال.
عندما أصررت على أن تكون هذه اللوحة غلاف مجموعتي الشعرية الأولى اعترض مصمم الغلاف, وكاد ينفجر في وجهي إلا أن صاحب دار النشر ضغط عليه، فمجموعتي هي الفائزة الأولى في المسابقة الشعرية، وأراد لها أن تخرج كما أحب تماماً، وأردت أنا أن تنعجن بروحها وأن تحمل بقايا أنفاسها ورائحتها، تلك التي انغرست عميقا في ذاكرة الفقد...أردت أن أهديها لها وحدها، فهي التي فجرت بي حمى الكلمات الملتهبة، وبين الحرف والنقطة والفاصلة بإمكان أي إنسان أن يلمح وجهها ودموعي تتعانق.
كل من قرأ تلك المجموعة قال أنها باذخة الإحساس والدفء، لكن أحدهم لم ينتبه إلى أني سكبت فيها مشاعري فالتهبت, ونثرت دموعي على السطور فأصبحت حروفاً، ورصفت وجعي فتدفقت الكلمات لتدمي وجه البياض, ثمة شعور مفجع بالفقد يعتريني كلما كان يلم بي صوتها فأهرب إلى الورق, فقد اعتدت أن أكون معجونة بها, جزءاً منها ...جزءاً غير قابل للانفلات، وحدي كنت أغلق باب غرفتي دونهم، وأشرع نافذتي لأرى وجهها على صفحة القمر فتياً باسماً، ولأنني لم أجد لها شعراً بعد ذلك، فقد ألصقت لها خصلات من شعري، لأنها يجب أن تظل هكذا، أسطورة حب، وقصيدة وجع، ووعداً لا يفيني نفسه، وألماً قصياً في حنايا روحي لا أعرف كيف لي أن أعالجه، ربما لأنني لا أطيق منه شفاءً؟
أصغر المشتركين في تلك المسابقة الشعرية كنت - تسابقني الست عشرة شمعة التي لم أعد أشعلها ولا أطفئها ولا حتى أحصيها بعد رحيلها- في مواجهة من يرفلون في ثياب العشرينيات والثلاثينيات من العمر، كنت أعلم أنني سأفوز رغم ذلك، هي همست لي ساعة سَحَر، أخبرتني بأن حروفي تضيء في الليل كالنجوم، وتمطر في النهار كسحابة حبلى بالأمنيات، فصرت أكتب لها كل يوم، كان يجب أن أفوز وإلا كيف كان لي أن أواجه وجهها حيث يرتسم فوق صفحة القمر يسترق النظر إلي من خلال نافذتي المشرعة لوجهها فقط وللقمر.
كلما ارتسمت ملامحها الحلوة فوق قسماته، أغضى القمر، وخبأ ضوءه وراء تفاصيل ابتسامتها، تاركا لها فراغا هائلا تنثر نورها الباذخ فوق تفاصيله..من يملك نوراً كهذا؟ تلك التي ما كانت إلا ملاكاً متخفياً في ملامح مضيئة لألم إنسان، كانت كل يوم تجيء...ويغضي القمر.
تحدثني كما اعتادت، تضمني إلى صدرها فتفوح رائحة الياسمين، تخبرني كم تحبني فينحني الشوق إجلالاً، وأخبرها كم أحبها فتغرد طيور الجنة في صدري، أقول لها بأنني أشتاق إليها كثيراً حتى لم أعد أحتاج لرؤية أحد غيرها، فتحدجني بنظرة عاتبة وتقول:" وحده الليل لنا، أما النهار فهو لهم فكوني هناك بينهم"، لكنني لم أفِ بذلك العهد أبداً، فقد كانت ترافقني في النهار أيضاً دون أن تدري، ولأن أحداً سواي لا يشعر بوجودها، كان حرياً بي أن أختلق لها فضاءات تحلق بها حيث لا أحد سواها يجرؤ.
أتذكر يوم رسمت تلك اللوحة.
تلك كانت المرة الوحيدة التي أغضبتها فيها، كانت قد تهاوت تحت وطأة المرض، سمعتهم يهمهمون بصوت منخفض كما فحيح " مرض عضال" و"أيام معدودة"، ولأن الزمان كان لغزاً عصياً على طفولة عقلي، لم أفهم أن أياماً معدودة لديهم تعني ألا تكمل إشعال شمعاتي التسع، وأن تبقى قربي زمناً يسيراً -لا يكفي لأحفر ابتسامتها في صدري جيداً- كليلة الكبد، دامية القلب، تنهش الأوجاع أوصال روحها حتى يغلي دمها فيهاجم بعضه بعضاً، وتقضي ساعات لا تقوى حتى على الكلام تتقاذفها الآلام بين الموت والحياة.
لازمتُ فراش المرض قرب جناح دفئها الممزق، كنت أحاول أن أقنعها بالعدول عن الرحيل، كنت أريد أن أقول لها بأنها الشخص الوحيد الذي يهمني فوق الأرض، وما عداها فلتندثر الأرض، فلا طاقة لي على العيش فوقها.
اقتلعوني من جانبها فشعرت بجذوري تتمزق، أثكلوني وجودها وهي ما زالت تتنفس فوق سرير المرض، صرخوا بي "لا تزعجيها"، ومن قال أنني أزعجها؟ كنت أراها تشحب كل يوم ولا اُعْطى إلا دقائق لا تكفي لأن أبثها روحي، لأعطيها من أنفاسي، لا تكفي لعناق أحتاج أن أتوحد فيه معها علني ُأعْدِيها بشيءٍ من الحياة..أو ُتعْدِيني بشيءٍ من الموت، كانوا يحملونها إلى المشفى كل بضعة أيام، لتعود أكثر شحوباً من ذي قبل، صارت تدثر رأسها بشالٍ لا تكاد تخلعه، خبأتْ شعرها حتى عني، ولم يتبقَ لي من وجهها إلا ملامح تزداد شحوباً كل يوم، أخفتْ عني خصلات ذلك الشال الحريري التي ما كنت أرضى أن أنام إلا وهي مجدولة بين أصابعي في محاولة مني لإستبقائها إلى جواري ...جواري أنا فقط، وفي كل مرة كان عليها أن تنتظر غفوتي لتستعيد شعرها من بين أصابعي.
في ذلك اليوم كانت أكثر شحوباً من أي يوم مضى، رسمت شبح ابتسامة ما ،لا تشبه تفاصيل ابتسامتها على شفتيها عندما التقتْ عيوننا، كانت في طريقها إلى المشفى، نظرت إليها وحاولت أن أبادلها شبح ابتسامة، فإذا بي أنفجر باكية، انهار جسمها وتهاوى مع شهيق بكائي، ولدى سقوطها سقط الشال من على شعرها فاضحاً سراً كانت تحاول مواراته خلف شال وابتسامة لا تكتمل، فلم أجده، لم أجد شعرة واحدة فوق رأسها، كان رأسها يلتمع كما رأس جدي في تلك الصورة المصلوبة على الحائط، هالني ذلك المشهد... شطر قلبي، فجريت إلى غرفتي وأنا أعتقد أنني قد فهمت سر دموعها وتداعيها، تبكيه إذا...تبكي شعراً تعلم أنه أرجوحة قلبي، لم أجد سبباً مقنعاً يجعلهم يقصون شعرها الذي أحبه بهذه الطريقة البشعة.
يومها تولى أخوالي وأبي حمل أمي إلى هناك، حيث يكون الألم مقننا بدفعات من علاج لم يعد يجدي، لم اعرف كم من الوقت قضيت وأنا أنتحب في غرفتي، ثم أمسكت القلم ورسمت على صفحة بيضاء وجهها- وجه قمر، رسمت لها ابتسامة شاحبة ونظرة مضيئة، كتبت بحروف طفولية دامعة تحت الرسم - موزعة تفاصيل الجمال بيني وبينها في حديث دار بيننا كثيراً قبل أن أفقد فضاء وجودها إلى جواري- تلك الجمل التي أعدت صياغتها بعد أن شاخت بي الطفولة، لتكون على الصفحة الأولى من مجموعتي، وقعتها بدمعة باذخة حبستها دائما في حنايا روح تتنفس الفقد :

لها وجه قمر...
ولي شعرها المنسدل...
وجمال قامتها...
لها ابتسامة قمر...
ولي دمعة...

نظرت بعدها إلى اللوحة، ثمة شيء مخيف في تفاصيلها جعلني أرتعد، شيء لا أريد أن أراه، لا أريد أن أعرفه، انتابني شعور سيء وأنا أنظر إلى وجهها القمر دون أن تحيط به هالة من شال حريري يطوق وجهها، ما كان عليهم أن يقصوا خصلات شعرها الناعم، حملت الكرسي، ووضعته بجانب الخزانة، تسلقته وفتحت ذلك الدرج الذي منعت دوما من فتحه، أخرجت المقص، وقربت جديلتي إلى الأمام وقصصتها من أعلى نقطة تصل إليها يدي الصغيرة، وعدت وقصصت بضع خصلات من جديلتي التي لم تعد جزءاً من رأسي، وألصقتها فوق رسم وجهها، واحتفظت ببقية الجديلة لألصقها على رأسها، إلا أنهم عندما أتوا بها ولمحتْ شعري المقصوص غضبت مني ، لم تعرف أنني قصصته من أجلها، فازدادت شحوبا دون حتى أن تعاتبني، ولم تكلمني ولم تصعد إلى غرفتها منذ ذلك اليوم.
كانت جديلتي المقصوصة آخر ما رأته أمي قبل أن ترحل، ودموعها وهي تنظر إلى جديلتي آخر ما لمحته أنا، ومنذ ذلك اليوم، لم أعد أقص شعري حتى صارت خصلات جديلتي تنثني تحت عظام ساقي عندما أجلس، وهي تجيء كل يوم ليلاً إلى غرفتي فأشرع نافذتي لوجهها، تجيء لتطمئن على خصلات جديلتي التي طالت كثيرا، ولوحتها المعلقة إلى جوار سريري، وكما كل يوم تجيء....ويغضي القمر.

 
************


وأزهر الياسمين
-----------------
في كلِّ مرةٍ كنتَ ترسمُ لي فيها على حافةِ الصمت قلباً ووردةً حمراء, كنتُ أرسمُ لكَ عصفوراً وزهرةَ ياسمين, وكان عصفوري يخربشُ فوق القلب ويبعثر  الوردة, فألمحكَ تتشظى... تنشطرُ إلى نصفين, أحدهما يتلاشى مع أوراق الورد المبعثرة, والآخر يغرق في صمت حزين. 
لم يكن ما بيننا يشبه ما يكون عادة بين رجل وامرأة, ولا حتى بين امرأة وأخرى, كان شيئاً مختلفاً, شيئاً لا يشبه الاشتياق ولا تفوح منه رائحة العشق  فقط , كأن بين روحينا تواطؤ غير معلن للاحتواء, هناك شيء في حضورك يأسرني ويطلقني في آن واحد, يبعثرني ويلملمني, يشظيني ويعيدُ تكويني من  جديد, كنتَ قطعةً باذخة من روحي المحترقة لا أرغبُ بحشرها في أفق ٍ ضيق ٍ لجسدٍ فان ٍ.. كنتَ فرحاً لا يشبه الفرح.
ذلك الطغيان الذي تملكه بمنتهى اللطف, ذلك الاجتياح الذي لا أملك له رديفاً , ذلك الألق الذي لم أعرف مثله يوماً, شيء يشبه النقاء, يشبه دموع الأطفال, يشبه الشمس والياسمين, ولا يشبه وردة حمراء, كأنك كنت في ثنايا الروح منذ الأزل, كأنك خلقت وترعرعت هناك, كأنك لم تغادر أبداً.
لكنك كل مرة كنت تصر على أن تقدم لي وردتك الحمراء, وكنت أصر على أن أهديك ياسمينة لترى ذلك البياض الرقيق الذي لا أريده أن يخدش بأي هفوة.
وحدك دون الناس دخلتَ إلى دهاليز الروح وتجولتَ فيها بحرية من يتجول في سكنه في وحدة ليل هادئ, وحدك عرفتَ الغرف المبللة بالفرح, كما مررتَ بأخرى مسربلة بالحزن, وحدك لامستَ الروح , وعانقتَ أدق خلجاتها, فلماذا تصّر على أن تلوثَ شيئاً أسطورياً سرمدياً لا مثيلَ له بشيءٍ يشبه كل الأشياء التي حوله.
عندما جلستَ على شغافِ القلبِ ذات حزن ٍ بحتُ لك بأنني لا أريد أن أكون محطةً تترجل منها عند وصولك إلى أخرى, أريد أن أظلَّ ذلك الوجع القصي في الروح, أخبرتك بأنك لا تشبه الأسماء ولا تحمل الملامح ذاتها التي يمتلكها الكل, لذلك كان علي أن أحتفظ بمشاعرك, ولذلك كان علي أن أحملك على جناحي حلم حتى لا تطأ الأرض فتدفن فيها ذلك الشعور الدافئ, فلا تتكئ على تفصيلٍ صغيرٍ من شأنه أن يجعلكَ تشبهُ كل من حولي, ليس بالضرورة لمن يلامس الجسد أن يقتربَ من الروح, وأظنه حتمياً عليك أن تظل تلك الأسطورة التي تورق في أوردتي, وتزهر على ضفاف وجعي, ستظل زهرة ياسمين رقيقة تنعتق في روحي, لنتحرر معا من الفناء, من أجسادٍ لا ترتقي لأثير أرواح تعانق خيوط الشمس الدافئة, ولا تسمو لتكون شفيفة كروحك ولا متلألئة كذلك الدفق الهائل الذي يخترقني كلما مررت في بالي.
دع الأجساد للأرض وانعتق نحو السماء, نحو السمو, حيث لا يوجد للخطيئة مكان ولا معنى.
عندما زرعتَ لي الأرض ورداً, زرعتُ لك السماء نجوماً, وخيرتك بين أن ترحل, وبين أن تقتل ورودك كمداً وتنثر الياسمين.
كنت أخشى بيني وبين نفسي أن تختار الرحيل, أحتاج إليك, أتوق لوجودك, وأحتاج إلى ذلك الشعاع الذي أشعلته في حنايا نفسي ولا أريد له أن ينطفئ فأنطفئ معه, ولا أريد أن أستفيق صباحاً لأجد نفسي وحيدةً مرة أخرى.
أكذب إن قلت أن رحيلك صعب, إنه مستحيل ، قاتل, قد يذبحني, أنا التي للمرة الأولى على امتداد العمر أجد رجلاً يفهمني, يبحر في عمقي, يتمايل مع تناقضات جنوني وفزعي وارتيابي, يعزف على أوتار ظمئي, يشعلني ويطفئني في لحظة واحدة, كيف كان لي أن أفقدك وفقدانك قد يمزق شرايين الفرح في قلبي إلى الأبد.
كنت تحاول أن تجرني من يدي إلى تلك الزاوية المحرمة, ومرة تلو الأخرى رحت أشدّك برفق ٍ لتحلق معي حيث النجوم.
أزهر الياسمين في قلبي أخيراً, وشممتُ رائحةَ الحرائق تنبعثُ من جدران قلبك, لكن رائحة الياسمين ما لبثتْ أن تغلبتْ على ذلك الدخان, ولم أع ِ أنك أسلمتني روحك ورحت تبحث لقلبك عن امرأة أخرى, لم أنتبه أنني تربعت أخيراً على عرش الأولياء في قلبك, لكن عرش الحبيبة صار شاغراً بانتظار أخرى, أسعدتني لحظة الانتصار, وساعات اللقاء النقي, والأحاديث الملونة حيناً والبيضاء أحياناً أخرى.
وها أنت اليوم تعيدُ ترتيب وردتك الحمراء لتهديها إليها, في داخلي مأتم لموتِ شيءٍ لا أدرك كنهه تماماً, قد يكون قلبي, قد تكون روحي, وفي عينيّ تنصلتْ دمعة أغلقتُ عليها جفوني جيداً لئلا تراك, اقتربتُ منكَ بهدوءٍ لا يشي بالزوابع التي تجتاحُ كياني, ولا بالفقد الذي راح يحفر سراديب ظلام على حافة الروح, رسمتُ لك على صفحة وجهي ابتسامةً هادئة, وأعطيتك حزمة ياسمين, أغلقتَ عينيكَ عن دمعةٍ توشكُ أن تفضحَ عريك, وابتسمتَ بارتباكٍ قائلا ً: ما زالَ ياسمينك الأغلى على قلبي, لكنني لا أستطيع الحياة دون وردة حمراء.

*************************

ماذا بإمكانك أن تفعل في سبعة أيام؟! مقال بقلم:لبنى ياسين
----------------------------------------------------------

ضوضاء
---------


عندما كنت أتجول في معرض الكتاب، لفتت نظري عدة كتب تحمل عنواناً يحتوي وصفة سحرية للأيام السبعة، (كيف تتعلم الانكليزية في سبعة أيام؟ كيف تتعلم الألمانية في سبعة أيام؟ كيف تتعلم الاسبانية في سبعة أيام؟) والفرنسية والايطالية..ولغات أخرى سمعت ببعض منها و لم أسمع بالبعض الآخر من قبل، إلا اللغة العربية المسكينة، فعلى الرغم من الفاعل المكسور الخاطر، والمفعول به المجرور من شعره، وظرف المكان المرفوع فوق الأرض والممسوح فيه البلاط، وحروف الجزم التي لم تعد (تهش ولا تنش) ولا حتى تجزم، وحروف النصب التي ٌنصب عليها وأقنعوها بأن بإمكانها أن تفعل كل شيء إلا النصب، وأدوات النهي التي انتهت صلاحيتها وصارت (اكسباير)، إلا أن كتاباً سحرياً واحداً لإتقانها في أيام سبعة لا يوجد على رفوف تلك المكتبات.

المهم أنني خططت لسنة حافلة بالانجازات، فخلال سنة من الآن سأتم-بمشيئة الله- تعلم ثمان وأربعين لغة كالفرنسية والانكليزية والبربرية والمغربية والفلسطينية والغزاوية والموريتانية والعمانية والليبية..وحتى السنسكريتية والهيروغليفية والسومرية، وهكذا يمكن تصنيفي ضمن علماء الآثار بسبب اللغات القديمة التي أتقنها.

ولأنني لم أستطع إكمال قائمة بثمان وأربعين لغة لأتعلمها، فبإمكانكم - من باب الخبز والملح والهمبورغر والمايونيز الذي بيننا- أن ترسلوا لي مقترحاتكم برسالة جوال أو على بريدي الالكتروني حول أسماء لغات أخرى لأتعلمها على أن تتأكدوا قبل ذلك من وجود الكتيبات السحرية إياها ذات (الأقزام السبعة) ...عفواً.. الأيام السبعة.

هناك أيضا من كتب الأيام السبعة السحرية كيف تغيرين زوجك في سبعة أيام؟ (كيف بالله عليكم؟!) كيف تتعلم الرسم في سبعة أيام؟ كيف تتخلص من الكرش في سبعة أيام؟ وكيف تصبحين رشيقة في نفس المدة؟

خطر في بالي أنه ربما في الأيام القادمة سأجد كتاباً عنوانه كيف تنجبين طفلاً في سبعة أيام؟ وكيف ترضعين وتفطمين طفلك في سبعة أيام؟ وكيف تنهين مراهقة ابنك في سبعة أيام؟ذلك أنني أرغب في إنجاب طفل آخر إن شاء الله، إلا أنني عندما أتذكر شهور الحمل التسعة والرضاعة والفطام والتدريس والواجبات والامتحانات والنتائج أصاب بالهلع ويسقط قلبي من مكانه وأطلق ساقي للريح لا ألوي على شيء، فإن تقدم العلم واستطاع اختصار الحمل في سبعة أيام ثم اختصر الرضاعة في سبعة أخرى، ثم الفطام وتعليم الطفل العادات الصحية للحمام في سبعة أيام، بعدها شهادة الابتدائية في سبعة رابعة، والإعدادية في سبعة خامسة، والثانوية بعدها وأخيرا سبعة الجامعة المباركة، سيكون ذلك رائعاً، إلا أنني لن أرضى أن يصبح ابني زوجاً وأباً في سبعة أيام، ذلك أنني لا أريد أن أصبح جدة بمثل هذه السرعة، فأنتم تعلمون العداء التقليدي بين المرأة والشيخوخة.

وبالمناسبة أظنني سأؤلف عدة كتب في سبعة أيام..وحولها أيضاً، وربما ستتمكنون من اقتنائها في معرض الكتاب القادم، لذلك باشروا بالاقتصاد والتقنين في مصروفاتكم اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية لاقتنائها والاستفادة من روائع الخبرات والتجارب التي سأتحفكم بها، والتي سيكون لها أثر بالغ في تقدم المجتمع الإنساني وتدهوره، وهذه بعض العناوين التي أفكر في طرحها سريعاً وعاجلاً وفي سبعة أيام:

كيف تحكمين زوجك في سبعة أيام؟

كيف تصبح سميناً في سبعة أيام؟

كيف تستولي على موقف سيارة جارك في سبعة أيام؟

كيف تصبحين فظيعة في سبعة أيام؟

كيف تقضي سبعة أيام في سبعة أيام؟

كيف تقتلين حماتك في سبعة أيام؟

طبعا تقتلينها غيظاً وكمداً، ولا يخطر في بالك- صديقتي- أي سلاح جريمة آخر يودي بك إلى حبل المشنقة في أقصر طريق.

أما الكتاب الذي سيصنف ضمن الكتب الأكثر مبيعاً، وسوف يكتسح الإنسانية بشرقها وغربها، وأنال به جائزة نوبل بالإضافة للشهرة والملايين، فهو كيف تقبض راتباً في سبعة أيام؟ وهو صالح لكل الشعوب العالم، من العالم الأول حتى العالم الخامس والعشرين تحت الصفر، وسيتضمن خطة بسيطة وسريعة وعملية وفي متناول الجميع، فكل ما عليك هو أن تقرأ الكتاب في الأسبوع الأخير من الشهر، وهكذا لن تنهي قراءة الكتاب إلا وتجد أنه..(شبيك لبيك راتبك بين يديك).

و...."سبعة مِسَا ع(الكتب المتكدسة)"


س17 :- الاستاذة لبني ياسين ..هل تختلف نظرتها كأديبة للرجل عن نظرتها لة كامراة عربية تحمل مؤروث عربي  يجعل من المراة تابعة للرجل ..؟
أنت تفترض بسؤالك أن لبنى المرأة شخص، ولبنى الأديبة شخص آخر، والحقيقة أنهما شخص واحد، وما تراه الأولى تعبر عنه الثانية، لكنني بطبيعة تربيتي التي تلقيتها من أب مثقف احترم أنوثتي واستقلاليتي وشخصيتي وتفكيري، لا أجد المرأة تابعة للرجل، بل أجد أن "النساء شقائق الرجال"، وبين المرأة والرجل تكامل مثالي لحياة جميلة بتفاصيلها، فلكل منهما دور لا تكتمل الحياة دونه، ذلك ما يجعلهما يتمتعان بنفس الأهمية فيما يتعلق بالحياة والمجتمع، إنما بأدوار مختلفة.

س18:- الاديبة ..القاصه..الصحفية..الفنانة التشكيلية (فلقد درستي الفنون التشكيلية)  ..الكاتبة ..الشاعرة .. - أى صفة اقرب لنفسك وتعبر عن لبني ياسين ..؟
مجموعهم هو ما يكوّن لبنى الإنسانة لكنني أفضل الشاعرة أثناء كتابتي لقصيدة، فهي تطغى على الأخريات أثناء ذلك، والقاصة أثناء كتابة القصة، كل واحدة منهن تخرج في وقتها لتؤدي دورها المنوط بها ..وأراني عندها أحبها أكثر وفخورة بها، لكنني أعود فأفخر بالأخرى عندما يحين دورها في تأدية مهمتها في الحياة.

س19 :- المجال لك الان ..والكلمة الاخيرة في هذا الحوار لسيادتكم بدون تدخل منّي ...؟ 
كلمتي الأخيرة ستكون شكرللقراء و لك عزيزى الاديب المصرى صابر حجازى  على هذه الفسحة التي أتحتها لي من خلال اللقاء، واعتزازي بهذا التواصل الراقي.واختم اللقاء بقصيدة  :-

هذا المساء
-------------
 
 هذا المساءْهذا

سأمزِّقُ الحزنَ العتيق

وأرتدي ولهَ الطريق

وسأنحني

لخيولِ لونِ الشمسِ

تجتاحُ السماءْ

هذا المساءْ

ستكونُ لي

كل الأغاني السُمرِ

تحكي عن وطنْ

منذ الأزلْ

كانتْ سنابلُ قمحهِ

شعراً لرأسِ الأرض

لوناً للعسلْ

وشقائقُ النعمان

تشدو للغيوم صلاتها

شِعرَ الغزل

فَـيُبَحُّ صوتُ الناي

منْ أنَّاتهِ

ويغصُّ وردُ الشام

شوقاً عندما

تنهالُ دمعته

فيبكيهِ الجبلْ

هذا المساءْ
سألملمُ الأمطارَ

من كبدِ السماء
وأنقِّطُ القمرَ الحزين
بموطني
وسأقتفي أثرَ الظلال

الغائبات وراء سور الليل

وأبيح الغناء

هذي خطايَ

يا ابنة التاريخ تمشي

حيثُ تنسكبُ الدماء

سوقُ الحميدية

محييِ الدين

يذوي بينَ أخبارِ
الثكالى
وموكبِ الموتِ المهيبِ
وصمتِ هذا الكونِ
في وضحِ العراءْ
هذي أنا
في "النوفرة"
حيث التقيتُ الأصدقاءْ

 

هذا المساءْ

سيكونُ لي وطني صديقْ

ولن أطيقْ

أصواتهم يتقاتلون

يتراشقون بجرحنا ويعربدون

ألأجلِ كرسيٍ غبيٍ

مُزِّقت رئة الوطن؟!

يا للشجن!

هذا المساءْ

سيكونُ لي وطني صديقْ

ليفوحَ عطرُ الأنبياء

ولأمسح الحزن المعتقَ

عن قبور الأولياء

ولن أطيقْ

صوتاً يهزُّ جوارحي

وسع الفضاء

ولن أطيق

يداً تهزُّ اليأسَ فيَّ

لأستفيقْ



************************************


كنوز ادبية ..لمواهب حقيقية
-------------------------

  ان غالبية المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافية، والتي من شانها ان تساهم في فرصة ايصال رسالتهم واعمالهم وافكارهم مع القارئ الذى له اهتمام بانتاجهم الفكري والتواصل معهم ليس فقط من خلال ابداعاتهم وكتاباتهم ، في حين هناك من هم علي الساحة يطنطنون بشكل مغالي فية  ،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم  من اجل  اتاحة الفرص امامهم للتعبيرعن ذواتهم ومشوارهم الشخصي في مجال الابداع  والكتابة.
لهذا السبب كانت هذة هي الحلقة الخامسة من السلسلة التي تحمل عنوان ( كنوز ادبية لمواهب حقيقة ) والتي ان شاء الله اكتبها عن ومع بعض هذا الاسماء


*صابر حجازى ..اديب وكاتب وشاعر مصرى

الاديب المصرى صابر حجازى | Facebook

ar-ar.facebook.com/SaberHegazi




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=27061
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 02 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28