• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : جدلية..عمى البصر وعمى البصيرة .!؟ .
                          • الكاتب : صادق الصافي .

جدلية..عمى البصر وعمى البصيرة .!؟

يجد المتتبع في كتب الأدب والتأريخ أن عدداً غير قليل من الشخصيات العظيمة -شعراء و مفكرين وأدباء- قد شغلوا الناس في كل عصر وزمان  بنبوغهم وذكائهم , وذكر -أخبارهم وسيرهم و مكانتهم الفكرية - رغم معاناتهم من فقدانالبصر- 

فما أكثرعماة القلوب المبصرون عيناً,وما أقل عماة العين المبصرون قلباً.؟ 

 

أبوالعلاء المعري شاعر لغوي-كفيف البصر-أعجب الناس بأبيات حكمته وألزم نفسه بمالايلزم.؟ 

-وكيف أعتدالي وهذا النهار - - يروح بميزانه المائل - 

أن الروح المائلة بحاجة الى شكل ثابت لكي تعتدل .؟

 

جَمْعُ البَصَر -أِبصار- في قوله تعالى -فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم - وعكسه -الضرير--الأعمى-الذي لايبصر- وقوله تعالى -لاتدركه الأبصار-

 

يُذكرأن-عقيل أبن أبي طالب دَخَلَ على مجلس معاوية,وكان قدْ كَفَّ بصره ,فأجلسه معاويه الى جنبه على سريره,وأكرمه.فقال معاوية ..أنا لك خير من أخيك علي.؟ فأجابه عقيل -صدقت-أن أخي علي آثر دينه على دنياه.. وأنت آثرت دنياك على دينك .؟ 

فغضب معاويه-فقال لعقيل بأستخفاف- مالكم ,أنتم بني هاشم عندما تكبرون تصابون بأبصاركم .؟

فأجابه عقيل-وأنتم معشر بني أمية تصابون ببصائركم .؟

ثم أنشد الأبيات الشعريه

لذي اللب قبل اليوم مايقرع العصا -- وما عَلَّمَ الأنسان أِلا ليعلما

فرد عليه معاويه

وأن سفاه الشيخ لاحلم بعده -- وأن الفتى بعد السفاهة يحلم

فقال عقيل

أني أمرؤ مني التكرم شيمة -- أذا صاحبي يوماً على الهون أضمرا

 

  البصرمعناه-أشتراك العين والدماغ على قدرة كشف صورة الأفق المنظور,المعيار بين القدرة على الرؤية والعمى,ولا يختص الدماغ كله بالبصر بل محدد بمركز الرؤية,فالبصرأعظم المنافذ الى القلب ,وأن الأنسان المدرك -المؤمن- مُعَرَّضٌ للسؤال عن أستعماله للسمع والبصر  

والفؤاد سواءاً في الخير أو الشر.؟

وللنظر أحكام في كل الأشياء-والأمور-النظر الواجب-الحرام-المستحب-المكروه-والنظر المباح الذي لاضرر فيه ولا منفعة.؟ 

هناك واعز أخلاقي للنظر, وتجنب فتنة الدنيا وأبتلاء العيون.؟ 

قال الشاعر-أن العيون التي في طرفها حِوَّرٌ ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا .؟ 

قال عنترة-وأغض طرفي مابدت جارتي-- حتى توارى جارتي مأواها.

 

حدة البصر..معناه وضوح الرؤية والتركيز.!. و قصر البصر-أو قصر النظر-حالة مَرَضَّيةٌ بأن يرى الأشياء القريبة بوضوح ,بينما يرى الأشياء البعيدة بشكل ضبابي مشوش .؟

البصرنعمة..والأنسان المبصريشعربالنور والضياء من هذه الناحية يحس بالأطمئنان الروحي والثقة والسرور والثبات في القلب .أما الأنسان الأعمى يشعر بأنكسار روحي وألم وحسرة لفقدة جزءاً عزيزاً مهماً من جسده,لان فقدان البصر معناه الظلام .!. 

 

هناك أوصاف مقاربة لما يحدث بين البصر والبصيرة في حياتنا الخاصة ومحيطنا العام,فأذا كانت الرؤية -البصر- يمر بعدة مستويات-منها-الرؤية الطبيعية- ضعف البصرالمعتدل-ضعف البصر الوخيم -والعمى -فأن الرؤيا السياسية والثقافية والأجتماعية وحتى العسكرية ..الخ,تمر بنفس مستويات الحالة المرضية الخاصة التي تعاني منها البصيرة الأنسانية .؟ 

--وأعقل الناس من لم يرتكب سبباً -- حتى يفكر ماتجني عواقبه.؟

 

البصيرةهي الحكمة والعلم تحمل أدق معاني الكمال للحياة والتطبيق الصائب في المواقف الأنسانية المتعددة,تنير القلب وتميّز الطريق الذي يقودنا الى النجاح,يغمرحياة المرء بفيض المشاعر لرؤيا الأشياء رؤيا صحيحة على حقيقتها..تبزغ وتعمل من داخل النفس المطمئنة...!؟

البصيرة..الوسيلةالتي تسيطيع بواسطتها أدراك عالم المثل الذي لاتدركه الحواس الخمس .؟ ...

الأنسان الراقي -المثالي- نافذ البصيرة-قوي الأرادة-ثاقب الفكر-

 

أشهر النواقص التي أبتلى بها الكثيرين أختلاط المواقف في التطبيق,قصر نظرهم في الأصلاح على أنفسهم ومجتمعهم ,وأغفالهم السعي للتغيير والتجديد وتعميم الخير والعدل عما يحصل به التغيير الشامل للأمم والمجتمع

عوائق الأدراك الحدسي أما موروثة أو مكتسبة من مصاحبة الآخرين,وأهم العوائق-المرض أو الوهن العقلي أو النفسي,وكذا الشكوك والكسل والمطامع المادية والأفكار المنحرفة والتعصب الأعمى تفتك ببعض البشر وتحيلهم الى  مرضى ومتقاعسين وكسالى غير مفيدين

قال تعالى- هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون-- وهل يستوي الأعمى والبصير--

 

هناك أمور شاقة عصية على معالجة ضعف البصيرة وقلة النظر في الأمور والقضايا المختلفة-وهناك أمور يمكن معالجتها والتغلب عليها بالمجهود العقلي المثابر والتعليم والثقافة وتنمية الوعي المجتمعي والأدراك عبر كل الوسائل تدريجياً, يمكننا التخلص من الكسل أو العزلة , الفشل,والأحباط,عبر مصاحبة الجادين والأخيار وتفعيل أواصر الأخوة والأنفتاح والتواصل وتوثيق العلاقة الأنسانية بين كل مكونات المجتمع.يمكن أن تجلب السعادة والنجاح للأنسان 

 

أذا كان أصلي من تراب فكلها - بلادي وكل العالمين أقاربي

 

البصيرة.. قوة القلب المدرك الواعي.!!؟

قال تعالى -- فبصرك اليوم حديد-- .!.؟

 النرويج

sadikalsafy@yahoo.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=26624
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 01 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29