• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الوحدة الإسلامية في ظل الرسالة الخاتمة .
                          • الكاتب : د . خليل خلف بشير .

الوحدة الإسلامية في ظل الرسالة الخاتمة

ملخص البحث الموسوم ( الوحدة الإسلامية في ظل الرسالة الخاتمة) المشارك في مهرجان ربيع الرسالة
لا يمكن للوحدة أن يكون لها نصيب من الوجود والتحقق إلا أن تكون هناك قيادات واعية ومخلصة تقود الأمة إلى شاطئ الأمان كما قادها النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم ) وآله الطيبون الطاهرون ،ومن ذلك مراجعنا الكرام ودورهم الكبير في وأد الفتنة الطائفية بالرغم من محاولات الأعداء الكثيرة في تأجيج الفتنة الطائفية من ذلك مثلاً تفجير قبة الإمامين العسكريين إذ حرص المراجع على ضبط النفس والتهدئة وعدم الانجرار وراء رغبات الأعداء.
ويبدو أنّ الوحدة الإسلامية التي أرسى جذورها نبي الرحمة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلّم ) قد انبثقت عنها عدة أنواع من الوحدات منها : وحدة الوطن واللغة والمصير والثقافة والمجتمع وغيرها،ولكون الوحدة الإسلامية أطروحة تعبر عن هدف أيديولوجي وزمني مقدس كما أنها أطروحة شاملة ذات أبعاد متعددة فقد تعدت الجانب المذهبي فاستوعبت مختلف جوانب الحياة الإسلامية : ثقافية وسياسية واجتماعية ... الخ ، ولأنّ الناس إخوة في الإنسانية وفي الإسلام لذا هم متساوون في الحقوق والواجبات؛ لأنهم عبيد إله واحد ،وأبناء أب واحد وأتباع دين واحد ، ورسول واحد ،وكتاب واحد ،وقبلة واحدة وتكاليفهم واحدة إذ يوحدنا الإسلام ، ورسول الله، والقرآن،والثقل الثاني - أهل البيت (عليهم السلام) - ،والمراجع ، والحسين في شعائره ،وهذا المسير الحاشد في الزيارة الأربعينية، وأعداؤنا فضلا ً عن شعيرة الحج ، وصلاة الجمعة والجماعة ،واللغة العربية الخالدة بخلود القرآن.
كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم ) إنساناً له مواصفاته الأخلاقية ،وله علمه واتصاله بالله تعالى ، وكان يتحرك ويتعامل مع الناس كما يتعامل أي إنسان آخر لكن من منطلق الوحي والرسالة ،ومن موقع الأخلاق التي يتصف بها البشر فلم يكن يتعامل بطريقة ملائكية أو جنية ،وإنما بطريقة إنسانية مألوفة لدى البشر ،وقد تمكن أن يحول  هذه الجماعة المتخلفة إلى هذه الطاقة الهائلة بوساطة الهدي القرآني والأخلاق الفاضلة، وبوساطة الصبر والثبات وتحمل المسؤولية والشجاعة العظيمة فقد كان يقف وحده أمام كل الناس قائلاً : (( والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته )) فالقرآن يصف الرسول بأنه ذو حلق عظيم ،والرسول يقول : (( إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق )) ،ولا تتحدد الأخلاق بعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان ، وإنما تتعداها إلى علاقة الإنسان بخالقه بمختلف جوانبها ،وفي علاقته بالكون ، ومسؤوليته تجاه نفسه،وفي مستقبل حياته ،ويمكن تلمس معالم القضية الأخلاقية في ما يتعلق بالوحدة الإسلامية بمجموعة من القيم الأخلاقية منها : العهد والميثاق ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،والحكم بالقسط والعدل ، والتعاون على البر والتقوى، وإشاعة الخير والبر،وغيرها، وقد استطاع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) أن يستقطب عدداً كبيراً من عبدة الأصنام والمشركين والملحدين ،ومن اليهود والنصارى الذين دخلوا دين الله أفواجاً وجماعات ، ولم يكن هذا الاستقطاب معجزة وعملاً غير طبيعي بل كان نتيجة طبيعية لنهج وطريقة وأسلوب نبي الإسلام فقد أحصى المؤرخون عدد الداخلين في الإسلام فكانوا زهاء مئتي شخص في مكة خلال مدة ثلاث عشرة سنة أما في المدينة وخلال سنتين أو ثلاث سنوات فقد دخل مئات الألوف من الناس في الإسلام، وقد نطق القرآن الكريم بذلك فقال ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً – النصر /1-2).
وما بُذرت بذرة الإسلام إلا على الوحدة والتوحيد، وقد عمل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم ) طوال مدة حياته على توحيد المجتمع الإسلامي ورص صفوفه وتقويته وتقويمه من خلال دعامتين رئيستين هما : كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة وشاء الله لنبيه أن يكون خاتم الأنبياء كما شاء الله لنبوته أن تكون خاتمة النبوات فيكون دينه مسك الختام للأديان ،وشريعته بقية السلف لتلك الشرائع المقدسة السالفة ،وما سر ذلك إلا أن دين محمد يتفق مع كل عصر ،ويتلاءم مع كل حياة فهو باق ببقاء العصور ، خالد ما خلدت الحياة  فدينه دين الوحدة في العقيدة والاتجاه ، وفي الفكر والعمل ؛ لأنه ما جاء إلا بدعوة الاعتقاد بأنّ خالق الكون ومدبره ، والمهيمن على الكائنات ، والمسيطر على الموجودات إله واحد هو الفاعل الكامل ، والغني المطلق ، والمتصرف القدير ،يرقب النيات ،ويحكم الضمائر ، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد ، ليس مع أمره أمر ولا دون حكمه حكم لذا سار الإسلام سيره وسيرته هذه في الفكرة والعقيدة ،وسار مع هذه الفكرة والعقيدة عملاً وتطبيقاً فأراد الإسلام الوحدة في كل شيء : الوحدة في التضامن والتعاون ،وفي الواجبات والحقوق فالمسلمون جميعاً في نظر الإسلام سواء ،وما للأمة الإسلامية والخلاف والاختلاف ،ودينها واحد ، ونبيها واحد،وكتابها واحد ،وقبلتها واحدة.
ولما كان الإنسان اجتماعياً بطبعه فلا بد له من المخالطة لاسيما وأنّ المسافات قد تقاربت والمصالح قد تداخلت ،وأصبح العالم قرية صغيرة فالإنسان مخير بين الانعزال والانكفاء على الذات أو الاجتماع والتعايش معهم بخلق حسن ومعاشرة طيبة ،ولا شك أنّ الأمر الثاني أفضل وأحسن من الأمر الأول بكثير، والإسلام دستور الحياة الإنسانية اختاره الله لها ،وهو أعلم بمصلحة الإنسان من نفسه فقد وضع الحلول لكل مناحي الحياة ،ومنها الاشتراك في الوطن مع الآخرين ،ولهذا أخذ على الإنسان العهد والميثاق على أن يلتزم بالأسس الأولية الضرورية التي يحتاجها في تكوين المجتمع الصالح ليعيش هذا الإنسان مع الآخرين بوئام وانسجام.
 

 

الأستاذ المساعد الدكتور خليل خلف بشير
 الباحث والتدريسي في جامعة البصرة – كلية الآداب – قسم اللغة العربية
البريد الالكتروني : Dr_khalelalamery@yahoo.com
    النقال  : 07807316621و 07707893011




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=26483
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 01 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19