• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : ألرحَيل .
                          • الكاتب : عباس فاضل العزاوي .

ألرحَيل

أدْركت أن المراكب على أهبة الرحيـــل ... أرتفعت أقلاسها السوداء بين ضلوعي أتمنى أن أدير ظهري لصقيعُ المرافيء واركض مبتعداً قبل ان ينفجر في أعماقي صفيرالبواخر ؛ وأراكِ تلوحين لي بيديك من بعيد ...

كل هذه الخواطر والافكار جالت في أعكاق عمــــار وهو يودع الحبيبة ... أخذ بيديها المثلجتين بين راحتي يديه ... وأحس من خلالها بقشعريرة لم يحس بها من قبل لاأدري لــــــمً تسمرفي مكانه وهويرقب بصمت رحيلها ... وهتف قائلاً : سًــحر سأخبيء في عيني كل حركة من حركاتك ؛ أستعيد كالصلاة كل كلمة من كلماتك ولكني أخشى ساحة الرحيل ..

كــم كنت أحب أن يلفنا الصمت في زاوية من زوايا العالم ودخان سيجارة تحترق بين أصابعك السمراء يذكرني أني أحيا بينما ترتعْش في الخارج وريقات صفراء صغيرة ... تعاند الخريف وتتشبثُ بأغصْانها بين أحضان زرع الجنوب ... كل هذه الكلمات أسمعها عــمـــار لــــسًحـــر وهي ساكته هادئة تستمع اليه بكل قدسية كأنهُ راهب الكنيسة يتلوعليها الصلوات وهنا أحست بضيق شديد وأردفت تقول ...

-كلا ياعزيزي أرجوك لاتعجل من هذه اللحظات الجميلة مأتم نبكي على أطلاله سأبقى لك وسأتذكرك في كل لحظة لاًنك عالمي الذي أرى من خلاله كل النـــــــــــاس ...لاًنكِ أنتِ التي علمتني لغة الصمت ودمع الابتسامة .. لاتسمعني هذه الكلمات .. فكم كنت أحب أن اغمض عيني تائه في زوايا صغيرة من زوايا العالم ؛ أستمع الى نبراتك الدافئة تهدهدني في أرجوحة دنيا نعيش وحدنا فيها وأنت تقص عليً الحكــــايا ... وكنت أكره أن اسير وحدي في طريق يبدو ليَ بلا نهـــاية ..

وهنا أرتفعت أبواق المراكب معلنة التهيؤ للرحيل ... فأنتابتها رعشة قوية أمسا من خلالها بأنهما سيبتعدان .. وشيئاً فشيئاً صعدت ســحر سلم الباخرة وهي تجول بناظرها نحو عَـــمار الذي بدأ منهوك القوى .. ممزق .. تائه لايدري ماذا يفعل سوى كلمات الوداع وهنا أقلعت المراكب منذ حين .. فأردف يردد مع نفسه وهو يلوح بيديه .. أفترقنا ياعزيزتي هنا قبل أن نلتقي لاجديد يدهش ..يؤلم في تفاصيل الحكاية .. أنا أعرف أقداري .. لا أخشى رحيلك فقد أبتعدت المراكب :...

أمسى عــمــار يتردد على الشاطىء حتى اختفت في البحر آخر البواخر وهويقول :

-لقد أمحت آثار أقدامك في الرمال وكأن أحداً لم يمرمن هناك ..ثم عدت وحيداً الى المدينه أحفظه عن ظهرقلب طريق العودة حتى ولو أغمضت عيني لاستطعت أن أعرفه ألفته وألفني منذ عشرسنين من رحيلها عني وهي بلا جواب ولكني واثق بأنها ستعود في يوم مــا ...

لم أكن حزيناً بعد رحيلك كنت أشعر برغبة في التأمل .. فقد أبتعدت المراكب منذ حين وانتهت قبل أن تبتدي الحكاية لــكن في أعماقي تزهو شمس نيســـان ...

abbasalazawi@ymail.com


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : المثقف العراقي ، في 2013/01/14 .

|لسلام عليكم
ماهذه الروعه في الكتابه
لقد احسنت وابدعت يا استاذ عباس
انت حقا من المبدعين في الكتابه
تحياتي وامنياتي لك بالتوفيق
مع فائق تقديري



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=26340
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 01 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20