• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الكذب على الاجيال, متى سينتهي؟! .
                          • الكاتب : كريم السيد .

الكذب على الاجيال, متى سينتهي؟!

 

1
في لغتنا العربية تكثر الاخطاء الإملائية والنحوية لمن يتكلم او يكتبها دون الإحاطة بها, لسبب بسيط, لأننا نقرأ ونكتب مالا نتكلمه, فنحن نتكلم العامية (الجلفية) ذات المعاني المتعددة بينما نقرأ الكتاب والجريدة والاعلان باللغة العربية الفصحى, ولذا نجد ان المعني باللغة وامورها يحرص كل الحرص على اتقان قواعدها وبلاغة معانيها ورصانتها بينما الاخرين لا يعيرون لذلك اهتماما ان لم يك هناك اهتمام, ولا ادري ان كنت مخطأ ان قلت ان هذا الواقع سيخلق كذبا صريحا على منظومة العقل والادراك التي تريد ان يفهم ما يقال وما يقرأ اذا ما ابتعدنا اكثر واكثر, فرب قصيدة عصماء تبكي جهابذة الشعر لا تثير سوقيّ ينظر لحركات ذلك الشاعر المتأثر قبل لغته ورصانتها.
2
الان وبعد ان طرقت (البربوره) التي تدور بخاطري ان لي الولوج بمحل الشاهد الذي جعلني اكتب هذه السطور, ما رأيكم بمن يكذبه كذبة ويصدقها؟ بل الادهى من ذلك يقاتل لأجلها ويبني عليها الاسس, فنحن نعلم اولادنا كذبه اشبة بكذبة اللغة عند ذلك السوقي وقصيدة الشاعر المتألم ونصدقها كل التصديق, نعم, هي عينها الكذبة التي نقرأها في الكتاب والجريدة بينما نراها في الواقع امر اخر, لكن اخطاءها اكبر واعظم من اخطاء اللغة بقواعدها المعقدة,
حسناً, انها كذبة التاريخ, ولا اعني بالتاريخ ما سطرته الطوائف والدول لنفسها فسَنَت مجدها وانتصارها كيف تشاء; انما اعني كتب التأريخ (المنهجية) التي يَدرسها ابناءنا الطلبة في المدارس والجامعات والتي مُلأت بمجد حكومات الظلم والطغيان, بينما الواقع التاريخي يقول ان هذه الدول مَلأت الارض دمارا وصبغت لون ثرياه احمرا وعاثت بنفسها وبغيرها من الامم على حساب بقاء عروش ملوكها, وما صنعت مجدها الا بوعاظها ومرتزقة موائدها الذين سطروا ابهى خواطر الثناء فيما لايزال ابناءنا يدرسونها ويصورون لشخوصها ابهى حلل الكرامة والعز والمجد,
3
سألني ذات مرة زميل جامعي يبلغ من العمر عشرون سنة ونيف فقال: انتم الشيعة قلبتم الدنيا ولم تقعدوها على الحسين (ع) وبعمري ما رأيت موقفا للحسين في كتب التأريخ!.
اجبت مستفسرا بغرابه: اي كتب التأريخ تقصد؟.
قال : التي درسناها انا وانت وبفضلها وصلنا الجامعة وعرفتك وعرفتني,
اطرقت رأسي وشعرت بخجل من مستوى الوعي لجيل امتي التي انتمي اليها, امةٌ تُعلم لغة تأريخها في المدارس بينما تتكلم لغة التأريخ في الواقع بشكل اخر, صديقي معذور ولا لوم عليه لأنه عجينه صنعها القائمون على اعداد مناهج تخلو من ذكر كلمة (الحسين ع) بينما تعج بنابليون ومحمد علي باشا ومدحت باشا والحجاج والرشيد والمنصور وغيرهم,
لا يمكننا ان ونبني جيلا يؤمن بتأريخ مُزيفٌ نتنٌ عَفِن, ونحن نصدق كذبة اخترناها لأنفسنا فنتداولها بالوراثة للأجيال لا احد يجرؤ على ردها وفضحها, ولست ادري ان كانت بقية امم الارض تفعل فعلتنا الشنيعة هذه, هل يمكن للأوروبيين (مثلا) ان يزيفوا تأريخ محاكم التفتيش البابوية (لتغّلس) عن مجد ثورتها الصناعية وتصدّق تلك الكذبة وتعلمها لأجيالها في دور العلم,
4
لا يمكن لنا كبشر او كمسلون الا ان نصحى من وهم زيفنا المصطنع ونلتفت لما نصنعه لنا ولأجيالنا, وان كان اسلافنا قد اسرفوا بالجهل والدمار وسفك الدماء فعلينا ان لا نكرر الاخطاء ونمضي على اثارهم مقتدون, الحق يجب ان يقال, يجب ان يعلم قارئ التأريخ صدق ما مضى خصوصا ونحن نعيش تراكماته الغبيه,
 يجب ان نعرف الاجيال, من هو مسلم ابن عقيل, ومن هي كربلاء, ومن هو حجر ابن عدي ومن هو الحجاج الثقفي, وما الذي كان يفعله خلفاء المسلمين, هل اقتدوا بنبيهم؟ هل نشروا الاسلام كما أمرهم نبيهم؟ ام انهم عاثوا بالأرض تحت حجج التحرير ليقتلوا الناس ويسبوا النساء وينهبوا الانعام.
من يرضى ان يعيش بتلك الكذبة فليرضى بخيانة الاجيال القادمة ويضمن بقاء تخلف الوعي والمعرفة للطالب العراقي الذي خُطط لمنظومته الفكرية بأيدولوجية حيكت بأيادي متطرفه لاتزال تنتج اثار الظلم الى يومنا هذا,
هي دعوة الى اعادة النظر بمناهج تأريخنا التي تُدرس  في المدارس والجامعات والاقرار بخطأ ما تعلمة الاسلاف لتعديل مسار القادم لنضمن الصدق في المستقبل, وهذا ليس معناه الانحياز لجهة ما على حساب اخرى; انما نريد لتلك الجبهة ان تتعرق بكاملها لا بجزء دون اخر.
خبر يزعج: النروج تقوم بإدخال واقعة كربلاء مؤخرا في مناهجها الدراسية في مواد التأريخ.
تعليق: متى سنكتشف تأريخنا الذي اكتشفه الغرب قبلنا؟!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=25826
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28