• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الرعب الانساني الوئيد في طابوقة مارسا .
                          • الكاتب : القاضي منير حداد .

الرعب الانساني الوئيد في طابوقة مارسا

 كتب الله على نفسه الرحمة، وبموجبها، جعل سلطاته مطلقة، وقبل الرحمة، كان العماء، وكان كرسيه على الماء؛ اذن الوجود استحدث من رحمة رب المشرقين ورب المغربين.

ولأن الانسان خليفة الله على الارض، فانه كرمه من بين الانام جميعا، وخلقه من ذكر وانثى.. شعوبا وقبائل تتعارف فينتشر الافراد في ارضه الواسعة.
مارسا شابة نيبالية، نزلت من قمة الهملايا، سائرة وسط الصين والهند، الى دولة خليجة، لا ادري كم وماذا عملت فيها، لتستقر الان خادمة في بيتي، الذي دخلته متوجسة اول الامر، ريثما تآلفت معه نفسيا.
هدوء يرتقي بسلوك واداء مارسا، وهي تمد صلة وظيفية واجتماعية مع عائلتي، المستقرة في السليمانية.. ولدي وابنتي وزوجتي.
اذن مارسا في أمان داخل بيتنا.. بين زوجتي المرأة الناضجة، بنت العز التي نشأت في عائلة اكثر من ميسورة.. اجتماعيا وماديا؛ ما وفر وجاهة واعتدادا ودودا بالذات، لا يهين احدا ولا ينتقص كرامة الانسان الذي صوره الرب في احسن تقويم.
وابنتي فاطمة الزهراء.. شابة في مثل عمرها، تعاملها كصديقة، ومحمد الباقر دون العاشرة، من عمره، لم يبلغ التكليف الشرعي بعد.
ماذا يخيف مارسا في بيت افراده اقرب الى اسعادها من حبل الوريد.. لا تعب ولا اضطهاد بخدمات لا طاقة لها عليها؟
انه خوف غريزي، يظهر في سلوكيات لا واعية يعطيها العقل الواعي، شرعية التنفس والتصرف مثولا على مسرح العلاقة الواصلة بينها ومن يشاركونها الحياة.. عائلتي.
ماذا واجهت مارسا في عملها الخليجي السابق، جعلها تحتفظ بطابوقة تحت وسادتها عندما تنام ليلا؟ وربما حملت العقدة معها من (المنشأ) ولم يفلح الخليج بتفتيتها، ان لم يزدها شراسة في توقع السوء؛ لتدافع بضراوة ضد من يريد بجسدها شهوة.. ولا اظنها تملك من حطام الدنيا، مطمعا، سوى فتنة شبابها الكريستالي المرهف، وجديتها بالعمل منهمكة طوال النهار، وآناء الليل اذا استلزم الامر
مع أئتلافها حال العائلة، أطمأنت رويدا فأبعدت الطابوقة الى حافة شباك قريب نسبيا.
كل اداة تصلح ن تكون سلاحا منقذا من لحظات حرجة.. التهاون اثناءها؛ يكلف الغافل حياته، والطابوقة سلاح شرعي، مبرر ازاء التحولات التي اخضع العوز (مارسا) اليه فتشوهت متحسسات الاستقبال في وجدانها، الى ان إطمأنت على حذر، عاملة بمثلنا الشعبي الذي لم تسمع به: (جرب صديقك سنة وبعد السنة جربة) ولن تفكر باستخدام الطابوقة الا اذا داهم احد نومها المعزول في غرفة خاصة، حيث تنجز عملها ليلا، وتنام.
اقتربت العائلة كلها من مارسا، وتماهى معها الاولاد وجدانيا، بل سيكون بيننا واهلها زادا وملحا؛ اذ عرضت عليها ان نأخذها الى النيبال ونزور ذويها، ثم تعود معنا كواحدة منا واشد وثاقا.
احتفاظ مارسا بالطابوقة سلاحا، يدل على ان تقبات الفقر ورطتها بما لم تستطع مقاومته، بيدين مجردتين، وحالها لا تسمح باقتناء سلاح ناري؛ اذ لا تطمئن عائلة، في بيتها، خادمة مسلحة.
اقيس نسبة الخوف المنطبع على مشاعر مارسا، بمجس من التقديرات، المستندة الى كونها شخصية تأملية، تميل لمعالجة المشكلات بروية، و انفعالات محسوبة على قدر ما تستلزم الحال من شد يقومها، ولا تتحرج من الاقدام على الصواب وان كان محفوفا بالخطر، لذا اجد في تشبثها بالطابوقة، في البدء، والتخلص منها بعد سبر اغوار العائلة، دليل خطر تعرضت له مارسا، قبل او اثناء المرحلة الخليجية في حياتها، وعلينا ان نتعاون مع امثالها في تفتيت العقد. 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=25699
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28