• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حضارة الطين العظيمة .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

حضارة الطين العظيمة

إعتذر عن كل مقالاتي التي تهكمت فيها على حضارة وطني العراق،لكن مايشفع لي أني عندما كنت أتهكم لم أكن جاهلا برداءة مايحيط بالعراق من شعوب وأمم متخلفة فلست مستحييا من نفسي بتهكمي مادام مايحيط بالوطن ليس بأحسن منه ولامنا كمواطنين متحضرين طينيا وعلى مدى ثمانية آلاف سنة من الطين .
العراق  وبعيدا عن كردستان شهد نشوء مئات الممالك والإمبراطوريات والجمهوريات وفي غالب أراضيه وبلاإستثناء حتى إنك لو حفرت عميقا وتوغلت في الأرض لوجدت من الآثار ماتذهل بسببه وبفتنته وعظمته لكنك ستنسى الأثر لأنه لايتحقق على أرض الواقع ولم ينتفع منه العراقيون، ولم يستثمروه فالقطيعة بيننا وتلك الحضارات لم تعد خافية فكأننا لسنا من أبناء تلك الحضارات فليس من سلوك حضاري ولامن فكر حضاري ولامن سياسة حضارية ولامن تدين حضاري ولا شئ مما قد يشي بوجود صلة.
كل تلك الحضارات كانت مادتها الطين لتوفر المواد الأولية ( التراب ،الماء ،ولد الخايبات الكادحين في خدمة السلاطين) ،فإذا توفر التراب وماأكثره في بلادنا ،وإذا توفر الماء وهو كثير عبر الحقب البعيدة ،وليس الآن فهو في تناقص مستمر الى أن ينحسر في وقت قريب ليكون متوفرا عن طريق الآبار لاعن طريق دجلة والفرات اللذين يذويان رويدا بفعل الجفاف وبناء السدود وتزايد الطلب على الماء ودخول أشكال من الإستخدامات لم تكن مألوفة في فترات زمنية سابقة فالبشر يزدادون كالتراب والحاجات الى مياه الشرب والزراعة لاتنقطع وتزداد إضافة الى  صناعات وإهتمامات وأساليب عيش يدخل الماء في دوامها ودوام حال الناس بها.
إذا توفر هذان العنصران الطبيعيان ومعهما العبيد من الرجال والنسوان إرتفع البنيان وأخضرت الأراض الممتدة وشقت مجار جديدة للأنهار وسويت الدروب وإزدهرت التجارة والصناعة وإرتقى أهل الحرف وأبدع الكتاب والشعراء ،ولكن مايحيط بهذه الحضارة هو الطين فهي ليست كحضارة الرومان والمصريين والفرس .تلك حضارات خالدة وعناوينها باقية من قصور وبنيان شاهق وسواها من علامات لاتزول،بينما لايبقى من الطين شئ ،فأين بوابة عشتار وأين الجنائن المعلقة؟وأين تلك المسارح العظيمة والقصور المنيفة؟كيف سويت في الأرض ولم يبق إلا الذكر الطيب منها ولصانعيها ؟.
يصر العراقيون على دوام حضارة الطين وخلودها،فهاهي المياه الناجمة عن الأمطار الغزيرة تتجمع في كل منخفض وتملأ الشوارع المعبدة ،وتختنق بها المجار حتى تكاد لتتفجر ،بينما تتحول الدروب المتربة في القرى والأرياف وضواحي المدن الى برك آسنة وبحيرات لاقرار لها، ولاتعرف بها دوائر البلدية ،وتجهل كيف العلاج لأمرها،وتظل لأسابيع حتى تتكفل شمس الشتاء بتجفيفها وهو الحدث المتأخر في الغالب لضعف أشعتها ولتكرار سقوط الأمطار وتوالي موجات البرد التي تقلل من نسبة المتبخر من الماء.
ملاحظة أخيرة ،يعاني الملايين من المواطنين من تراكم المياه وتكاثر الأطيان خاصة مع بعض التبخر حيث يتحول الطين الى مادة كثيفة موحشة لاتترك من سبيل لمن تغوص قدماه فيها وكذلك السيارات وووووووووووووووووو...ياإلهي.
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=25126
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18