• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : أسباب التفكك بين المسؤول والمواطن .
                          • الكاتب : ماجد الكعبي .

أسباب التفكك بين المسؤول والمواطن

 إن كل إنسان حصيف النظر,  ودقيق المتابعة ويمتلك ذهنية واعية وراصدة , يجد بقناعة أن العلاقات بين المواطنين والمسؤولين في خط النزول ,  وان وحدة البلد ووحدة المجتمع قد تسرب لها طاعون التفكك والتمزق والانحسار , وان العناصر المثقفة والكبيرة في عقلها تجد بيقين وواقعية أن الترابط والانسجام والإيثار والتضحية والحب والتالف والتوالف بين المواطن والمسؤول ليس متينا وقويا وصلدا وصادقا ومتماسكا , ولم يكن مبنيا على أسس قوية ودعائم صلدة من النقاء والوفاء والاحترام . ولا اعتقد يختلف معي احد عندما أقول : أن العلاقة بين المواطن والمسؤول في الدول الأوربية مبنية على التوادد والتآخي والتصافي وكأنهم عائلة واحدة  يتبارون من اجل إشاعة العدالة والمثل الإنسانية السامية ,  وان المسؤول في أية دولة أو حكومة أوربية إذا ارتكب خطا أو اقترف سوء أو سف إلى منحدر لا أخلاقي فانه يشعر بأنه أصبح محتقرا منبوذا يخجل من نفسه ويتوارى عن الأنظار حياء واستحياء ويتعرض إلى هجمة شرسة وقاسية من أهله وذويه ومجتمعه والأمثلة بالعشرات على ذلك , وعلى هذا الأساس نجد المسؤول الأوربي حذرا يقظا محترسا من كل سقطة أو هفوة يتعرض لها لأنه موقن أن عقابا اجتماعيا قاسيا يلاحقه ,  ولهذا نرى العلاقة بين المواطن والمسؤول  في المجتمعات الأوربية تتوهج بها لألئ العدالة الاجتماعية كالصدق والعفوية والبراءة والإيثار المتبادل .
إن الذي يثير العجب إن العلاقة بين المسؤول والمواطن في العراق بدأت تتآكل وتتفتت وتبعث في النفوس الأبية عواصف التذمر والاستياء والاشمئزاز .. لأنها – النفوس الأبية -  تجد المسؤول العراقي عشعش بالامتيازات ومندفع لجمع الأموال وهمه السفر والأسفار والملك والتملك وهو غير منتج ويتفنن بإسعاد أولاده وأهله وأقاربه ومريديه وأنصاره ويشعر بفرحة ونشوة عندما يسرع لانجاز كل ما يطلبه حزبه منه ويستمر بعطاء صاعد وبلغة ناعمة ورقيقة يوزعها على أفراد حزبه وعائلته  , ونراه بعيدا كل البعد عن الخدمة التي يجب أن تقدم  للمواطن المتمسك بعروة الوطن والعفة والشرف والحياء . وهنا أسال الجميع بشرفكم هل وجدتم أو شاهدتم  أو سمعتم أن  مسؤولا عراقيا واحدا  قدم خدمة المواطن على خدمة عائلته ..؟ وحذر  كل الحذر من السقوط في مهاوي التردي والابتذال ..؟  في حين أن الترفع والحذر عند المسؤول الأوربي أصبح في الخط الأول من تفكيره  لأنه يفهم المضامين الحقيقية لمهاوي التردي ,  ولهذا نجده كالأم الرؤم تضخ الحنان والتحنان والعطف والتعاطف على أبنائها فتمرض لمرض أي منهم وتسهر على راحة وسعادة أولادها , فالمسؤول الأوربي والمواطن كالعائلة التي اجتمعت على لغة المحبة والمودة والاحترام المتبادل والمتصاعد إلى ذرى الذوبان في بوتقة الألفة المستديمة , بينما نجد الألفة بدأت تتصدع في العراق وتقترب من التلاشي وهذا هو الواقع العراقي واقعا خاليا من صدق الالتزامات ونقاء العلاقات بين المسؤول والمواطن . 
 وان المفجع للنفس والدامي للقلب أن هذه المنظومة السامية العالية من الارتباطات المثالية بين المواطن والمسؤول في العراق اخذ يدب فيها دبيب التمزق بسبب التناحر والتطاحن والتشاحن بين المكونات والائتلافات من اجل المصالح الأنانية والأغراض الذاتية والمطامع الشرسة فأصبح المواطن العراقي هو الضحية التي تطحن في وسط هذا الواقع المر , حتى أصبح المسؤول يتنكر للمواطن , ويهجر من أعطاه صوته ,  ويدير ظهره للفقير ويتجاهل المسكين والمحتاج .
وفي الطرف الأخر من المأساة أو المسرحية   نجد ممثلي الشعب الأشاوس وتحت سقف البرلمان  يتصاعد بينهم الشجار ويفترسهم التمزق والدمار, وحبهم لأنفسهم تعالى وتسامى على حب اقرب المقربين واصدق الأصدقاء  ألا وهو المواطن العراقي .  فماذا دهى المسؤول العراقي ..؟ وماذا أصاب البشر ..؟ لماذا هذه الشقلبة المقيتة..؟  ولماذا هذه الأثرة الممجوجة..؟ ولماذا هذا التنكر الوقح للذين منحوكم  أصواتهم في اشد الظروف وأحرجها .؟ .
 إن اخطر معاول الهدم والتخريب هي المعاول التي تهدم هياكل العلاقة بين المسؤول والمواطن , وأننا في هذا الزمن الرديء ينبغي بل يجب علينا أن نعود إلى عفويتنا وسجيتنا وفطرتنا التي فطرنا عليها والمتمثلة بالصلاح والإصلاح ,  فلم هذا الجفاء وهذا الالتواء ..؟  علما بان أعمارنا محددة ورحيلنا عن الحياة متوقع في كل لحظة وثانية ,  لماذا لا نحاسب أنفسنا على كل عثرة أو هفوة أو اعتداء على حقوق الوطن والمواطن ..؟ لماذا نظل سادرين في منعطفات الطمع والجشع والتنكر والإنكار ..؟ ماذا نأخذ معنا إلى أخرتنا غير أعمالنا الصالحات ,  لماذا لغة اللغف والنهب والسلب وكل الرداءات هي المسيطرة علينا والمتحكمة في سلوكنا ..؟ هل نسينا الله وثوابه وعقابه ..؟ هل شطبنا من أذهاننا الموت الذي يتمشى معنا ويتنقل بمعيتنا في كل خطوة من خطوتنا ومع كل نبضة من نبضات قلوبنا المتقلبة ..؟ وأخيرا ...... 
لا أخفيكم ولا أكتمكم سرا عندما رجعت لوطني في عام 2003 بعد غربة قاتلة ناهزت الربع قرن كنت أتوقع سنصنع عراقا متمسك  بعروة الإيمان وأحكام القران ويكون كل منا إنسان بمعنى الكلمة , كي ننشف  جروح المجتمع  الذي كان يفترش بساط الفاقة والبؤس والجوع والحرمان,  ولكن هذا الشعور أصبح أمنية ترقص في عالم الخيال والسبب هو المسؤول الفاسد المنحط مع كامل احترامي لكل مسؤول عراقي شريف ومخلص وصادق .
 فهل نرحم أنفسنا والآخرين لكي يرحمنا الله العلي الرحيم ..؟؟ 
* مدير مركز الإعلام الحر
majed _alkabi@yahoo.com
 
 
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=24794
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20