• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام .
                          • الكاتب : خالد محمد الجنابي .

في ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام

 من بوابة كربلاء ، ومن الرغبة في الإصلاح ، وضمن التدرّج في تحقيق الهدف النبيل ، وضع الامام الحسين عليه السلام الآلية التي يسعى من خلالها الى توطيد ركائز الدولة الاسلامية .

من تلك البوابة ، وبذلك العمق الرباني الذي فاض به قلب الامام الحسين عليه السلام مضافا له التطلع دائماً نحو ما هو أفضل وأصلح لأمة الاسلام ، وبما ينسجم مع أوضاعها وظروفها ، ووسط كل الخطوب التي تكالبت عليه من قبل يزيد بن معاوية اللعين ومن لف لفه لعنهم الله جميعا ناضل الامام الحسين عليه السلام من اجل ان تكون رسالة جده المصطفى صلى الله عليه واله وسلم كما اراد لها الله سبحانه وتعالى ان تكون لا كما اراد لها يزيد الفاجر الفاسق اللعين .
وفق هذا التصور والقراءة الصحيحة لكل خطوة يخطوها في طريق جهاده العظيم أعطى الامام الحسين عليه السلام كلّ مرحلة من مراحل الجهاد حقها في تحقيق اعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى .
الاصلاح كلمة عظيمة لها دلالاتها ومعانيها الكثيرة وقد تحققت تلك الدلالات والمعاني من خلال ثورة الامام الحسين عليه السلام .
كتبتُ من قبل عن تلك الثورة ، وكتبَ كثيرون غيري ، وسيكتب آخرون غيرنا ولن نتوقف عن ذلك حتى الرمق الاخير من الحياة ، لكن هل نتمكن من ان نستوعب دروس تلك الثورة ؟ الجواب ، لا ، كونها اكبر من كل طاقة استيعابية نمتلكها مما يتوجب علينا ان نفهم وبشكل دقيق كل ما سعى اليه الامام الحسين عليه السلام خلال تلك الثورة ، ليس نحن فقط ، بل إن الأمتين العربية والإسلامية ، على امتداد المساحة التي تقيم عليها ، وبكل هذه الكثافة السكانية التي تتواجد في هذا الجزء الهام من العالم ، مطالبة الآن أن تراجع وتستذكر ثورة الامام الحسين عليه السلام لمعرفة مدى علاقتها بالظروف التي تمر بها ، على أمل أن تتضح الرؤيا لما غاب طويلا أو غُيّب عنها ، وان لاتنسى تلك الفاجعة الكبيرة والمؤلمة ، في دمويتها ، ومشاهدها المروعة ، كي تتعلم كيف تبني المستقبل وفقا لذلك التاريخ العظيم الذي كتب بالدماء الطاهرة التي سالت من جسد الامام الحسين عليه السلام ومن تلك الاجساد الطاهرة التي شاركته بكتابة ذلك السفر الخالد ؟
ولد الامام الحسين عليه السلام يوم 3 شعبان سنة 3 للهجرة واستشهد في اليوم العاشر من محرم الحرام سنة 61 للهجرة وعمره 58 سنة ، لقد دخلت السنة الثالثة من الهجرة لتشهد الولادة المباركة للإمام الحسين عليه السلام في بيت الامام علي عليه السلام وفاطمة عليها السلام في المدينة المنورة ، وتدرّج الإمام الحسين عليه السلام في كنف جدّه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ينهل من منبع علمه الفياض ويقتبس من أنوار أخلاقه ومعارفه ، وشملته الرعاية المحمدية ست سنوات "حسين مني وأنا من حسين" ثم انتقل إلى مدرسة والده العظيم علي بن أبي طالب عليه السلام مقتدياً بنهجه مدّة ثلاثين سنة في حفظ الدين وإدارة شؤون الأمة ومشاركة والده في حروب الجمل وصفين والنهروان ، هو سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب "عليهما السلام"، وهو خامس أهل الكساء وأمه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسالة الله صلى الله عليه واله وسلم ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال : ( حسين مني وأنا من حسين ) ، ولما ولد سماه جده حسينا وكان دائما يعظه ويحمله ويعرف به المسلمين ويقول : ( هذا ابني أحب الله من أحب حسينا ) ، كان عليه السلام على جانب عظيم من مكارم الأخلاق والشجاعة والإباء ، ما قصده أحد بحاجة ورجع خائبا وكان يتفقد الفقراء والمساكين ويكرمهم ويحسن إليهم ، وكيف لا يكون كذلك وهو ابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وسبطه .، وبوقفته في كربلاء يضرب المثل في علو نفسه وإبائه وشممه وشجاعته ، وهو القائل في ذلك اليوم لأنصار بني أمية ( لقد منتكم شوكتكم أني أنقاد لطاغيتكم الملحد أبى الله ذلك لي ورسوله وجدود طابت وحجور طهرت لا نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ) ، وهو القائل ( إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما ) ، وأما عبادته ، فقد كان أعبد الناس وأتقاهم وقد حج خمسا وعشرين حجة ماشيا على قدميه من المدينة المنورة إلى مكة والنجائب تقاد معه ، وكان الناس إذا رأوه يترجلون معه هيبة منه ، وأدعيته المشهورة تشهد له بعبادته ، إن الحديث عن الامام الحسين عليه السلام ليس مجرد سرد تاريخي لقضية احتلت مرتبة الصدارة في صحف التاريخ البيضاء ، بل هو حديث عن أروع الأمثلة المقدمة للبشرية في الدفاع عن الحقوق المغتصبة وأهمها وفي مقدمتها ( سرقة قيادة الأمة من أصحابها الشرعيين ) إن الامام الحسين بن علي عليه السلام لم يكن في يوم من الأيام حكرا على فئة من البشر أو لطائفة معينة دون أخرى فهو عليه السلام مثل جده الرسول الأعظم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو رسول الإنسانية اجمع ، ولم يكن أيضا حكرا لجهة دون أخرى فهو الامتداد الطبيعي وبشهادة الموافق والمخالف لرسول الله ( صلى الله علية وآله وسلم ) ، وهذا ما صدحت به حنجرة الرسول الأكرم في عدة أمكنة وأزمنة حيث يقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( حسينٌ مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً) وبالرجوع إلى إن رسول الله لا ينطق عن الهوى فهو يبين تعاليم السماء على بسيطة الأرض ولك بعد ذلك أن تقرا ما تشاء من هذا وغيره من الأحاديث ، إن ثورة الامام الحسين عليه السلام منذ انطلاقتها من المدينة وما بدا منه في بيان الحجة للتحرك إلى العراق والحكم الشرعي الذي ظل ملازما له طوال حركته ولم يغب عنه لحظة ، ثورته كانت تقع في نظام تجسيد إقناع الأمة بضرورة العودة إلى حكم الله في خلقه ووضع الأشياء موضعها الطبيعي والترفع عن مغريات الدنيا وترك غصب الحقوق وظلم الإنسان لأخيه الإنسان ، وبعيدا عن كل ما جرى من الإحداث التي سبقت خروج الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء وحتى استشهاده ، فان في ثورة الحسين عليه السلام عبر كثيرة ما أحوجنا اليوم لتطبيق ما جعلناه خلف ظهورنا والتزمنا بالنزر اليسير من غيره ، فهل ينكر أحد بان ثورة الإمام عليه السلام كانت نظاما اجتماعيا متكاملا ؟ وهل يرفض أحد بان الحسين عليه السلام كانت نهضته نهضة الأحرار ؟ لقد تحرك حسين (الإنسانية) بطريقة التذكير لكل إنسان على وجه الخليقة من اجل احقاق الحقوق ومواجهة محاولات تغيٍر معالم الكتب السماوية ، فما كان منه إلا أن يلقي الحجة على كل من سمعه أو شاهده ( بان الحق لا يعمل به وان المنكر لا يتناهى عنه ) ، ولم يكن في ذلك مجبرا لأحد بل استخدم نظام التثقيف العلمي وترك حرية الاختيار لصاحب العقل الرشيد ، ولم يسلك مسالك الترغيب والترهيب لأحد بقدر ما نصح ووعظ وبين الضلالة من الهدى ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيا على بينة ) ، وبعد ذاك وقبيل ليلة العاشر من محرم عاد من جديد ليطرق أسماع من تبعه بان ثورته ليست ثورة الجبابرة التي تحرق الأبرياء من اجل عروش زائفة أو منافع زائلة بل هو تكليف شرعي يرى فيه إقامة الحق ونصب منبرا لكل مظلوم سيبقى يرتقيه المطالبين بحقوقهم مرور الليالي والأيام ، ورغم معرفته بمن تبعه فقد ذكّر أصحابه بحق الاختيار وخيرهم بين البقاء وبين تركه يقود ثورته في ساحة الوغى لوحده حيث يقول سلام الله عليه مخاطبا أصحابه ( ألا وان هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا فان القوم يطلبوني فان ظفروا شغلوا عن غيري ) ، وهذا يصور قمة حرية الاختيار بلا تزيف أو تلبيس الحقائق بثياب غير ثيابها رغم كون تلك النهضة هي نهضة الحق كله ضد الباطل كله ، هذا بجميعه كان قبيل تلك الصبيحة العاشورائية العظيمة أما ما حدث فيها من إعطاء الأدوار لكل فئة من فئات المجتمع تعجز أي حركة من حركات التحرر او النظم الوضعية عن الوصول إلى جزء منه ، في تلك الاثناء كان الإمام الحسين عليه السلام يراقب المخطط الأموي الذي عمل معاوية على تنفيذه بدءاً من إشاعة الإرهاب والتصفية الجسدية لأتباع علي عليه السلام أمثال حجر بن عدي ورشيد الهجري وعمرو بن الخزاعي ، مروراً بإغداق الأموال من أجل شراء الضمائر والذمم وافتراء الاحاديث الكاذبة ونسبتها إلى الرسول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم للنيل من علي وأهل بيته عليه السلام ، وإثارة الأحقاد القبلية والقومية للعمل على تمزيق أواصر الأمة وإلهائها عن قضاياها المصيرية ، وانتهاءاً باغتيال الإمام الحسن عليه السلام تمهيداً لتتويج يزيد ملكاً على الأمة من بعده واتخاذ الخلافة طابعاً وراثياً ملكياً ، وقد تمّ كل ذلك فعلاً بمرأى ومسمع الإمام الحسين عليه السلام ، فكان لا بد من اتخاذ موقف الرفض والمواجهة لاستنهاض الأمة وحملها على مجابهة المشروع الأموي الجاهلي الذي بلغ الذروة بتولي يزيد للسلطة وحمل الناس على مبايعته بالقوة عقب وفاة معاوية سنة 60 للهجرة ، تحرّك الإمام الحسين عليه السلام من المدينة إلى مكة التي كانت أكبر قاعدة دينية في الإسلام ومحلاً لتجمع الشخصيات الإسلامية الكبيرة ، وذلك في سنة 60 للهجرة ، وكان بصحبته عامة من كان بالمدينة من أهل بيته إلاّ أخاه محمد بن الحنفية ، وحدّد بذلك موقفه الرافض للبيعة : "إنَّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحط الرحمة بنا فتح الله وبنا ختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر وقاتل النفس المحترمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله" والهدف من تحركه هذا : "وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي أريد أن امر بالمعروف وأنهى عن المنكر..". ترامت إلى مسامع أهل الكوفة أخبار تحرك الإمام الحسين عليه السلام فبدأوا تحركهم الثوري ، وما لبثت رسائلهم أن توالت على الإمام عليه السلام بالبيعة والموالاة طالبة إليه الحضور إلى الكوفة ، تريث الإمام الحسين عليه السلام لهذا الطلب فأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع الأجواء في الكوفة ويأخذ له البيعة منهم ، فاستقبله الناس بالحفاوة والطاعة ، ولكن مجريات الأحداث تغيّرت في الكوفة بتولي عبيد الله بن زياد الذي أشاع في أرجائها الرعب والإرهاب ، مما جعل ميزان القوة ينقلب لصالح الأمويين وفرّ الناس عن مسلم الذي قضى شهيداً وحيداً في تلك الديار ، مضى الإمام الحسين عليه السلام في طريق الثورة ولم يستمر طويلاً حتى اعترضته طلائع الجيش الأموي بقيادة الحر بن يزيد الرياحي ، واضطر الإمام عليه السلام إلى النزول بأرض كربلاء في الثاني من المحرّم سنة 61 هجرية وتوافدت رايات ابن زياد لحصار الحسين عليه السلام وأهل بيته حتى تكاملوا ثلاثين ألفاً بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص ، وفي اليوم الثامن من المحرّم أحاطوا بالحسين عليه السلام وأهل بيته ومنعوهم من الماء على شدّة الحر ثلاثة أيام بلياليها رغم وجود النساء والأطفال والرضع معه عليه السلام ، في ليلة العاشر من المحرَّم اشتغل الإمام الحسين عليه السلام وصحبه الأبرار بالصلاة والدعاء والمناجاة ، والتهيؤ للقاء العدو ، ثم وقف الإمام الحسين عليه السلام بطرفه الثابت ، وقلبه المطمئن ، رغم كثافة العدو ، وكثرة عدده وعدَّته ، فلم تنل تلك الجموع من عزيمته ، ولم يؤثر ذلك الموقف على قراره وإرادته ، بل كان كالطود الأشم ، لم يفزع إلى غير الله ، لذلك رفع يديه للدعاء والمناجاة وقال : "اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، وأنت رجائي في كل شدَّة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدَّة ، كم من همٍ يضعف فيه الفؤاد ، وتقلّ فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو أنزلته بك ، وشكوته إليك ، رغبة مني إليك عمَّن سواك ، ففرّجته وكشفته ، فأنت وليّ كل نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة ،" وفي اليوم العاشر من المحرم وقعت حادثة كربلاء المروعة والتي شكّلت فيما بعد صرخة مدوية في ضمير الأمة تزلزل عروش الطواغيت على مرّ العصور ، لم تكن المشكلة التي ثار لأجلها الإمام الحسين عليه السلام مشكلة تسلّط الحاكم الجائر فحسب بل كانت مشكلة ضياع الأحكام الشرعية والمفاهيم الإسلامية ، فكان المخطط الأموي يقضي بوضع الأحاديث المدسوسة وتأسيس الفرق الدينية التي تقدّم تفسيرات خاطئة ومضلّلة تخدم سلطة الأمويين وتبرِّر أعمالهم الإجرامية ، ومن هذه المفاهيم الخاطئة التي روّج لها المشروع الأموي : الاعتقاد بأن الإيمان حالة قلبية خالصة لا ترتبط بالأفعال وإن كانت هذه الأفعال إجرامية ، لأنه لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة ، الاعتقاد بالجبر: لذا قال معاوية عن بيعة يزيد مبرّراً: "إن أمر يزيد قضاءٌ من قضاء الله وليس للناس الخيرة من أمرهم" ، الاعتقاد بأن التمسك بالدين في طاعة الخليفة مهما كانت صفاته وأفعاله ، وأنّ الخروج عليه فيه شقّ لعصا المسلمين ومروق عن الدين ، لذلك أدرك الإمام الحسين عليه السلام خطورة المشروع الأموي على الاسلام ، فكان لا بد له من القيام بدوره الالهي المرسوم له لينقذ الأمة من هذا المخطط المدمّر ، فوقف في وجه يزيد فاضحاً أكاذيب الدولة الأموية حتى قضى شهيداً في سبيل إعلاء كلمة الله سبحانه تعالى ،وقد تركت شهادته بما تحمله من طابع الفاجعة صدمة قوية في نفوس المسلمين أيقظتهم من غفلتهم وأعادت الأمور الى نصابها ولم يعد يزيد ومن جاء بعده سوى مجرمين مغتصبين للخلافة لا يمثلون الاسلام في شيء ، هناك عامل رئيسي لما حصل في كربلاء ، وهو خذلان الناس للحسين عليه السلام وقلة الناصر والمعين ، لو كان مع الحسين عليه السلام أنصار وأعوان وجنود حاضرون للشهادة بين يديه ، لما قُتِل ، لما ذُبح طفله الرضيع ، ولما سُبيت أخته زينب ، ولما أُحرقت خيامه ، ولو كان للحسين عليه السلام أعوان وأنصار هل هناك شيء ما يقال ؟! إن مشكلة الناس مع الحسين عليه السلام لم تكن نقص الوعي السياسي ولا مشكلة خبرة أبداً ، مشكلة الناس مع الحسين عليه السلام حتى الذين قاتلوه وقتلوه وحاربوه وحاصروه كانوا يعرفون من هو وكانوا يخيرون أنفسهم بين الجنة والنار ، واحد اثنين ثلاثة ، أعداد قليلة جداً اختارت الجنة على النار كالحرّ بن يزيد الرياحي فلحق بالحسين بن علي عليه السلام ، واستشهد بين يديه وكثيرون اثروا دنياهم على الحسين ، لماذا تركوه ؟ هذا خاف على بيته ، وهذا خاف على ابنه من القتل ) إذا لحق بالحسين عليه السلام يقتلوه(، وهذا خاف على أمواله ، وهذا خاف على وجاهته ، وهذا خاف على منصبه ، أليس كذلك ؟! هناك أناس خافوا ، وهناك أناس طمعوا بزينة هذه الدنيا ، مناصب وجاه ومال وذهب وفضة والدرهم والدينار الذي وعدهم به عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية هذا هو العامل الأساسي ، المسألة الرئيسية التي أدت إلى أحداث كربلاء أن مجموعة قليلة من الناس زهدت في هذه الدنيا فنصرت الحسين عليه السلام ، وأن مجموعة كبيرة وهائلة من الناس أحبَّت الدنيا ولم تزهد بها وتعلَّقت بها فقتلت الحسين عليه السلام فخسرت الدنيا وخسرت الاخرة ، إن قتلة الامام الحسين عليه السلام الذين قتلوه تلك القتلة البشعة ومثّلوا بجسده الشريف ، وسلبوا ونهبوا رحله ، ونكّلوا بعياله ، وحرموه من الماء فقتل عطشاناً ، ورموه بالحجارة والنبال والرماح ، وعلته السيوف وفُلِق جبينه بالحجر ورمي قلبه الشريف بسهم مثلث وسحقت الخيل صدره وظهره ثم احتز رأسه الشريف وحمل على رمح طويل ، وقبل هذا كله قطعوا قلبه حينما قتلوا طفله الرضيع بين يديه وقتلوا جميع إخوته وصحبه ، فهل يرى الناضر أبشع من هذه الصورة ؟ فقتلة الإمام الحسين عليه السلام لم يمهلهم الله تعالى بعد الإمام الحسين (عليه السلام ) قطّعوا إلا برهةً من الزمن حتى اقتص منهم على أيدي المختار الثقفي وإبراهيم بن مالك الأشتر حيث تتبعا بما عندهم من الرجال ، جميع قتلة الحسين عليه السلام فرداً فرداً ، وقتلوهم بما فعلوا كلّ في قبال فعله هذا في الدنيا ، أما في القبر والقيامة والآخرة فسوء حالهم وشدة عذابهم ما يعلمه الله سبحانه وتعالى ، كان الإمام الحسين عليه السلام يخرج صباح عاشوراء إلى ساحة القتال وينظر إلى عدوّه ، ثم يبكي ويطيل البكاء فيظنّ الحاضرون أنه يبكي تفجعاً أوحقداً أو غربة .. بل كان الإمام عليه السلام يبكي لأنهم سيدخلون النار بسببه ، هذا الذي كان يؤلمه ، ما أعظم هذه الروحية ، كلها عطاء ورحمة ورأفة وانسانية ، وموقف آخر من واقعة كربلاء هو قبول الحسين عليه السلام توبة الحر بن يزيد الرياحي ، مع أن موقف الحر هو الذي أدى بالإمام إلى الموت والأسر لأهل بيته ، وكيف أن الحسينعليه السلام وقف في تلك الصحراء الملتهبة يسقي الماء لجيش الحر ذات ألف فارس الذي جاء لقتال الحسين ، فهذه مناقبية لا توزن بشيء، فلو عرضنا هذه المواقف للعالم لدخل العالم إلى الاسلام عن طريق المولى الحسين بن علي عليه السلام لقد رسم الإمام الحسين عليه السلام لأهل بيته مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات ، وأمرهم بالتحلّي بها ليكونوا قدوة لغيرهم ، وتوجيه الناس إلى الحق والخير ، وإبعادهم عن نزعات الشر من الاعتداء والغرور وغير ذلك كتب إليه رجل يسأله عن خير الدنيا والاخرة ، فأجابه عليه السلام : ( أما بعد: فإنّ من طلب رضا الله بسخط الناس كفاه الله أمور الناس) ، وقال أيضاً: ( عباد الله اتقوا الله، وكونوا من الدنيا على حذر، فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد لكان الأنبياء أحق بالبقاء.. غير أن الله خلق الدنيا للبلاء ، وخلق أهلها للفناء… فتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) تأمل يا أخي المؤمن إلى هذا الموقف الأخلاقي للإمام الحسين عليه السلام ( دخلت جارية من جواري الإمام عليه السلام ، وقدمت له باقة ريحان ، فيقول لها الإمام أنت حرة لوجه الله تعالى ، فيقول له أحدهم : جارية تجيئك بباقة ريحان فعتقها ؟! فيقول الإمام عليه السلام هكذا أدّبنا الله حيث قال تعالى: (وإذ حييّتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها) وكان أحسن منها عتقها ، ومرة أخرى جنى غلام جناية توجب العقاب عليه ، فأمر به أن يضرب فقال يا مولاي والعافين عن الناس ، قال عليه السلام قد عفوت عنك ، قال: يا مولاي ، والله يحب المحسنين ، قال عليه السلام أنت حر لوجه الله ، ولك ضعف ما كنت أعطيك ، ذكر أسد عن حاتم بن إسماعيل عن معاوية بن أبي مزرد ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا هريـرة يقول : أبصرت عيناي هاتان و سمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم و هو آخذ بكفي حسين و قدماه على قدمي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم و هو يقول " حُزقة حُزقة ترق عين بقة " . فرقى الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: افتح فاك . ثم قبله . ثم قال : اللهم أحبه فإني أحبه ، في باب الانبساط إلى النـاس ، روى بسنـده عن معاوية بن أبي مزرد ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : سمع أذناي و بصر عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أخذ بيديه جميعاً بكفي الحسن أو الحسين عليه السلام و قدمـاه على قدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، و رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول : إرق ، فرقى الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : افتح فاك ، ثم قبله . ثم قال : اللهم أحبه فإني أحبه ، ورواه في باب المزاح مع الصبي أيضاً باختصـار ، و ذكره ابن حجر أيضاً في إصابته :2/11 ، و قال : الطبراني . و ذكره المتقي الهندي في كنز العمال : 7/104 و قال : أخرجه ابن عساكر ، و عن يزيد بن أبي زياد قال : خرج النبي صلى الله عليه واله وسلم من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة عليه السلام فسمع حسيناً يبكي . فقال : ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني ؟ قال : رواه الطبراني ، و ذكره أيضاً المحب الطبري في ذخائره ص 143 ، و قال : خرجه ابن بنت منيع ، وروى بسنده عن أبي عون ، قال : لما خرج حسين بن علي عليه السلام من المدينة يريد مكة مر بابن مطيع و هو يحفر بئره ، فقال له : إلى أين فداك أبي و أمي ؟ قال : أردت مكة و ذكر له أنه كتب إليه شيعته بها ، فقال له ابن مطيع : فداك أبي و أمي متعنا بنفسك و لا تسر إليهم ، فأبى الحسين عليه السلام ، فقال ابن مطيع : إن بئري هذه قد رشحتها و هذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء ، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة ، قال : هات من مائها ،فأتى من مائها في الدلو فشرب منه ثم مضمض ، ثم رده في البئر فأعذب و أمهى ، أي كثر مائها  ، وفي مستدرك الصحيحين / محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري 4/398 ، روى عن عبدالله بن وهب بن زمعة ، قال : أخبرتني أم سلمة إن رسول الله (ص) اضطجع ذات ليلة للنوم ، فاستيقظ و هو خاثر ( أي مضطرب ) ثم اضطجع فرقد ، ثم استيقظ و هو خاثر دون ما رأيت به المرة الأولى ، ثم اضطجع فاستيقظ و في يده تربة حمراء يقبلها ، فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله ؟ قال : أخبرني جبريل عليه السلام إن هذا يقتل بأرض العراق – أشار إلى الحسين – فقلت لجبريل : أرني تربة الأرض التي يقتل بها ، فهذه تربتها ، وفي كنز العمال / المتقي الهندي علي بن حسام الدين 6/223 ، عن النبي (ص) أنه قال : إن جبريل أخبرني أن ابني الحسين يقتل و هذه تربة تلك الأرض ، وفي مجمع الزوائد و منبع الفوائد / أبو بكر الهيثمي 9/188 ، قال :عن زينب بنت جحش ، أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان نائماً عندها و حسين عليه السلام يحبو في البيت ، فغفلت عنه ، فحبا حتى أتى النبي صلى الله عليه واله وسلم فصعد على بطنه إلى أن قال : قالت : ثم قام يصلي و احتضنه ، فكان إذا ركع و سجد وضعه و إذا قام حمله ، فلما جلس جعل يدعو و يرفع يديـه و يقول ، فلما قضى الصلاة قلت : يا رسول الله لقد رأيتك تصنع اليوم شيئاً ما رأيتك تصنعه ، قال : إن جبريل أتاني فأخبرني أن ابني يقتل ، قلت : فأرني تربته ، فأتاني بتربة حمراء ، كذلك ورد مضمون هذه الأحاديث في : مستدرك الصحيحين (3/176) ، مسند أحمد (6/294) ، ذخائر العقبى (ص147) ، الصواعق المحرقـة ص11 ، كنز العمال (6/222،223) ( 7/106) ، مجمع الزوائد (9/187،189،191) ، وفي أسد الغابة في معرفة الصحابة / علي بن أثير (1/349) في ترجمة الحارث بن نبيه ، قال : روى أنس بن الحارث بن نبيه ، عن أبيه الحارث بن نبيه - و كان من أصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم من أهل الصفة – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم و الحسين عليه السلام في حجره يقول : إن ابني هذا يقتل في أرض يقال لها العراق ، فمن أدركه فلينصره ، فقتل أنس بن الحارث مع الحسين عليه السلام  ، وفي تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني .
قال : و عن عمر بن ثابت عن الأعمش ، عن شقيـق ، عن أم سلمـة ، قالت : كان الحسن و الحسين عليهما السلام يلعبان بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في بيتي ، فنزل جبريل فقال : يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك ، و أومأ بيـده إلى الحسين عليه السلام ، فبكى رسول الله (ص) و ضمه إلى صدره ، ثم قال رسول الله (ص) : وضعت عندك هذه التربـة فشمها رسول الله (ص) قال : ريـح كرب و بلاء ، و قال : يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قُتل ، فجعلتها أم سلمة في قارورة ، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم و تقول : إن يوماً ما تحولين دماً ليوم عظيم . وورد في سنن الترمذي 2/306 ، في مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام ، روى بسنـده عن سلمى ، قالت : دخلت على أم سلمة و هي تبكي ، فقلت ما يبكيك ؟ قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تعني في المنام – و على رأسـه و لحيته تراب ، فقلت : ما لك يا رسول ؟ قال : شهدت قتل الحسين آنفاً ، و رواه الحاكم في المستدرك ( 4/19) في ذكر أم المؤمنين أم سلمة ، و ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب (2/356) ، و ذكره المحب الطبري في ذخائـر العقبى ص148  ،وفي مستدرك الصحيحين / محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري 4/ 397 ، عن ابن عباس قال : رأيت النبي (ص) فيما يرى النائم نصف النهار أشعث و أغبر معه قارورة فيها دم ، فقلت : يا نبي الله ما هذا ؟ قال : هذا دم الحسين و أصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم ، قال : فأحصى ذلك اليوم فوجدوه قُتل قبل ذلك بيوم ، وورد في كتاب الإصابة في تميز الصحابة / أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (2/17) .
قال : و عن عمار ، عن أم سلمة : سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي عليهما السلام . و ذكره أيضاً في تهذيب التهذيب (2/355) ، و ذكره الهيثمي في مجمعـه   9/199 و رواه المحب الطبري في ذخائـره (ص150) ، وفي ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى / محب الدين الطبري  ص 144  ، قال : عن رجل من كليب ، قال : صاح الحسين بن علي عليه السلام : اسقونـا ماءً ، فرماه رجل بسهم فشق شدقة ( أي زاوية الفم من باطن الخدين ) فقال : لا أرواك الله ، فعطش الرجل إلى أن رمى بنفسه في الفرات حتى مات ، وورد في نفس الصفحة من المصدر السابق .
قال : و عن العباس بن هشام بن محمد الكوفي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان رجل يقال له زرعة ، شهد قتل الحسين عليه السلام ، فرمى الحسين بسهم أصاب حنكه ، و ذلك أن الحسين عليه السلام دعا بماء ليشرب فرماه فحال بينه و بين الماء . فقال : اللهم أظمأه ، قال : فحدثني من شهد موته و هو يصيح من الحر في بطنه و من البرد في ظهره و بين يديه الثلج و المراوح و خلفه الكانون ( أي موقد النار ) ، و هو يقول : اسقوني أهلكني العطش ، فيؤتى بالعس العظيم ( أي الإناء الكبير ) فيه السويق و المـاء و اللبن لو شربـه خمسـة لكفاهم ، فيشربه ، ثم يعود فيقول : اسقوني أهلكني العطش ، فقال : فأنقد بطنه كانقداد البعير .
وفي ميزان الاعتدال / شمس الدين الذهبي (2/119)  عن عائشة ، إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال : سنة لعنهم الله و لعنتهم ، و كل نبي مجاب الدعوة ، الزائد في كتاب الله ، و المكذب بقدر الله ، و المتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ، و المستحل لحرم الله ، و من عترتي ما حرم الله ، و التارك لسنتي ، ورواه الحاكم في المستدرك (1/36) ، (4/90) ، (2/525) ، و ذكره السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى في سورة البقرة –126 ( و إذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً   . 
وفي مستدرك الصحيحين / محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري (4/487 .
روى بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله (ص) : إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً و تشريداً ، و إن أشد قومنا لنا بغضاً بنو أمية و بنو المغيرة و بنو مخزوم ، و رواه المتقي الهندي في كنز العمال 6/40
بعض المصادر من كتب السنة التي اجمعت على لعن وكفر يزيد بن معاوية لعنه الله .
أفتى كلّ من سبط بن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السيوطي وغيرهم من أعلام السنة القدامى بكفر يزيد وجواز لعنه .
قال اليافعي : وأمّا حكم من قتل الحسين ، أو أمر بقتله ، ممّن استحلّ ذلك فهو كافر ، شذرات من ذهب / ابن العماد الحنبلي : 1 / 68، وقال الذهبي : كان ناصبياً فظاً غليظاً ، يتناول المسكر ويفعل المنكر ، افتتح دولته بقتل الحسين ، وختمها بوقعة الحرّة ، نفس المصدر السابق ،وقال ابن كثير : ان يزيد كان اماماً فاسقاً البداية : 8 / 223.
قال المسعودي : ولمّا شمل الناس جور يزيد وعماله وعمّهم ظلمه وما ظهر من فسقه ومن قتله ابن بنت رسول الله « صلى الله عليه وسلم » وأنصاره وما أظهر من شرب الخمر ، سيره سيرة فرعون ، بل كان فرعون أعدل منه في رعيّته ، وأنصف منه لخاصّته وعامّته أخرج أهل المدينة عامله عليهم ، وهو عثمان بن محمّد بن أبي سفيان ، مروج الذهب : 3 / 82وروي أنّ عبد الله بن حنظلة الغسيل قال : والله ما خرجنا على يزيد ، حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، أنّه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة ، الكامل : 3 / 310 وتاريخ الخلفاء : 165 المنكرات التي اقترفها يزيد من قتل الحسين وحمله بنات رسول الله (ص) سبايا ، وقرعه ثنايا الحصين بالعود ، وإخافته أهل المدينة ، وهدم الكعبة ، تدل على القسوة والغلظة ، والنصب ، وسوء الرأي ، والحقد والبغضاء والنفاق والخروج عن الايمان ، فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون الجاحظ - الرسالة الحادية عشر في بني أمية – 398 .
من أقول الإمام الحسين (عليه السلام) صريع العبرات...
قال الإمام الحسين عليه السلام في مجلس الوليد الذي دعاه لبيعة يزيد :إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق شارب خمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع لمثله، ولكن نصبح وتصبحون ننتظر وتنتظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة .
من كلام للإمام الحسين عليه السلام مع اخيه محمد بن الحنفية يقول :يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية وفي وصيته لمحمد بن الحنفية كتب عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى اخيه محمد المعروف بأبن الحنفية : انّ الحسين يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله جاء بالحق من عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور، واني لم اخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، واسير بسيرة جدي صلى الله عليه واله وسلم وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد علي هذا اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين .
قال الإمام الحسين عليه السلام لأم سلمة (رض) لما قالت له بأنها سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول يقتل ولدي الحسين عليه السلام بأرض العراق في أرض يقال لها كربلاء فقال لها الإمام الحسين عليه السلام يا أماه وأنا والله أعلم ذلك وأني مقتول لا محالة وليس لي من هذا بدٌّ، وإني والله لأعرف اليوم الذي أقتل فيه وأعرف من يقتلني وأعرف البقعة التي أدفن فيها وإني أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي وإن أردت يا أماه أريك حفرتي ومضجعي.
قال الإمام الحسين عليه السلام يخاطب عبد الله بن عمر :إن من هوان الدنيا على الله تعالى أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل أما تعلم أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في اسواقهم يبيعون ويشترون كان لم يصنعوا شيئا فلم يعجل الله عليهم بل امهلهم واخذهم بعد ذلك أخذ عزيز ذي انتقام إتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدع نصرتي .
قال الإمام الحسين عليه السلام في خطبة له عندما عزم الخروج إلى العراق :الحمد لله ما شاء الله ، ولا قوة الا بالله، وصلّى الله على رسوله خُطّ الموت على وُلد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى اسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخيّر لي مصرع أنا لاقيه كاني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأنّ مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضى الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين لن تشذ عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لحمته وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه وينجز بهم وعده من كان باذلاً فينا مهجته وموطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فانني راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى .
قال الإمام الحسين عليه السلام في لقائه مع الفرزدق الذي سلم عليه ثم قال:يابن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته ؟ فاستعبر الحسين عليه السلام باكيا ثم قال: رحم الله مسلما فلقد صار إلى روح الله وريحانه وجنّته ورضوانه ألا إنّه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا، ثمّ أنشأ يقول:فإن تكـن الدنيا تعدّ نفيسة فدار ثواب الله أعلى وأنبل وإن تكن الأبدان للموت أنشأت فقتل امرءٍ بالسيف في الله أفضـل وإن تكن الأرزاق قسماً مقدّراً فقلّة حرص المرءفي الرّزق أجملوإن تكن الأموال للتّرك جمعهـا فما بال متروكٍ به الحرّ يبخل خطب الإمام عليه السلام في طريقه إلى كربلاء وبعد أن صلّى باصحابه وبجيش الحر الرياحي قبل عودته إلى صف الإمام عليه السلام إنه قد نزل من الأمر ما قد ترون ، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها واستمرت جدّاً ولم يبق منها الا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ألا ترون إلى الحق لا يعمل به،وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقا حقا فاني لا أرى الموت الا سعادةً، والحياة مع الظالمين الا برما أن الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الدّيانون يروى أن عمرو بن قيس المشرقي وابن عم له دخلا على الإمام الحسين وهو في قصر مقاتل وبعد كلام قال الإمام عليه السلام جئتما لنصرتي ؟) يقول عمرو بن قيس فقلت : إني رجل كبير السن كثير الدين... وذكر حججاً أخرى وذكر ابن عمه نفس الأسباب فقال الإمام الحسين عليه السلام فانطلقا فلا تسمعا لي واعية، ولا تريا لي سوادا فإنه من سمع واعيتنا أو رأى سوادنا فلم يجبنا ولم يغثنا كان حقا على الله عز وجل أن يكبه على منخريه في النار .
قالوا عن الامام الحسين عليه السلام .
انطوان بارا ، مسيحي لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية ، ولأقمنا له في كل أرض منبر ، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين .
المستشرق الإنجليزي ادوار دبروان وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلها.
الكاتب الإنجليزي المعروف كارلس السير برسي سايكوس ديكنز إن كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام .
الهندوسي والرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي تاملاس توندون هذه التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الإمام الحسين رفعت مستوى الفكر البشري، وخليق بهذه الذكرى أن تبقى إلى الأبد، وتذكر على الدوام.
 الزعيم الهندي غاندي لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين .
موريس دوكابري يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام ، ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد، إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة ، لنتخلص من نير الاستعمار ، وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة.
 توماس ماساريك على الرغم من أن القساوسة لدينا يؤثرون على مشاعر الناس عبر ذكر مصائب المسيح، إلا أنك لا تجد لدى أتباع المسيح ذلك الحماس والانفعال الذي تجده لدى أتباع الحسين عليه السلام لا تمثل إلا قشة أمام طود عظيم . 
العالم والأديب المسيحي جورج جرداق حينما جنّد يزيد الناس لقتل الحسين وإراقة الدماء، وكانوا يقولون: كم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الحسين فكانوا يقولون لو أننا نقتل سبعين مرة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بين يديك ونقتل مرة أخرى أيضاً. 
المستشرق الإنجليزي السير برسي سايكوس حقاً إن الشجاعة والبطولة التي أبدتها هذه الفئة القليلة، على درجة بحيث دفعت كل من سمعها إلى إطرائها والثناء عليها لا إرادياً. هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لا زوال له إلى الأبد .
ويقول الكاتب والصحفي ألألماني (جرهارد كنسلمان) : (إن الحسين ومن خلال ذكائه قاوم خصمه الذي ألب المشاعر ضد آل علي وكشف يزيد عبر موقفه الشريف والمتحفظ فلقد كان واقعيا ولقد أدرك إن بني أمية يحكمون قبضتهم على الإمبراطورية الإسلامية الواسعة). من هنا إنطلقت الحياة غير الهادئة لحفيد النبي الحسين، فقد إبتدأت بعد موت معاوية حيث شعر الامام بخطر وتحد قادمين عليه وعلى الدين من الأمويين ، ويستطرد الصحافي الألماني كنسلمان في حديثه عن العرش الأموي الهزيل وتحديدا خلافة يزيد بما يحمل من شخصية نكراء وشوهاء فيقول: لقد كان يزيد مستخفا، مستهزئا لا يقوى على تحمل المسؤولية، قال عنه احد الرجال البارزين الذي يذكر العهد الذهبي الذي حكم فيه النبي: أعلينا أن نبايع من يلاعب الكلاب والقرود ومن يشرب الخمر ويرتكب الآثام علنا، كيف نكون مسؤولين عن هذه البيعة أمام الله ؟ ) ويمضي الصحافي الألماني كونسلمان مشيرا إلى إنطلاقة الركب الحسيني ومرورا بالكارثة فيقول: ( وأتى الحسين واسرته جميعا من آخر يوم من العام الستين الهجري إلى الفرات بعد أن تحطمت الآمال ولكن الإصرار يحدوه بعدم البيعة ليزيد فلم يكن في ذهنه تفكير في الرجوع ) ويجل الكاتب موقف أنصار الحسين مع إمامهم فيقول ( إن المتبقين من الأنصار قد سمعوا أن الويلات ستحل عليهم، لكنهم صمدوا وثبتوا، ومع ان الحسين أخبرهم بما سيحل عليهم، لانه ذات ليلة رأى في منامه ان النبي قد ظهر له وقال ( ستكون غدا عندنا في الجنة ) وكان ان بكت نساء الحسين وإنتحبن لهذا الكلام ولكن الحسين طلب منهن التماسك وقال: ( إن بكينا ضحك العدو، ومن منا يريد غبطة على هذا الضحك) وينعطف الأستاذ جرهارد كنسلمان قائلا بحرارة محمومة وعاطفة شجية لسلوك نفسي جسده أبو عبد الله في ملحمة الطف المليئة بالكمالات الإنسانية فيقول: ( ولمرة أخيرة حاول زعيم الركب الحسيني إستخدام عنصر الإقناع أمام أعداءه، فقد كان رجلا ذا كلام ساحر خاصة في وقت الشدة، ولكن لم ينفعهم ذلك، فنزل للحرب مع عدم رغبته بها وبقيت كلمات الشهيد الحسين مقدسة حتى اليوم ولقد إستخدم فيها الامام عناصر الفصاحة فإستعان بالمبررات وعبارات الرجاء إلا أنها بقيت بلا أثر فيهم، وفي قيض الظهيرة أصاب الوهن صوت الحسين فجف حلقه وشفتاه ولسانه بفعل العطش فصار القرار للسيوف) ويقول الكاتب كنسلمان : وبما ان أعداء الحسين تفوقوا عددا إلا أنهم لم ينجحوا بسرعة في كسر الحلقة حول الحسين وكان العطش قد أصاب رجاله وعياله وأثر فيهم بصورة خاصة لأن العدو قد حال بينهم وبين ماء الفرات ، وبحلول العصر إنكسرت الحلقة حول الحسين ، فلم يكن أمام حفيد النبي الحسين إلا أن يستخدم سيف ذي الفقار الذي دافع به عن نفسه النبي وعلي، فقاتل ببسالة عظيمة حتى إنكسر أمام اليد العليا للخصم وكان قد أصيب بأربع وثلاثين ضربة سيف، وثلاث وثلاثين رمية نبال، وهكذا قتلوه وقتلوا أصحابه بلا رحمة ، ويصور الكاتب الألماني مصائب آل الرسول بعد عصر عاشوراء بتحسر وتحرق فيقول : ( وقام أتباع يزيد بفصل الرؤوس عن الأجساد بما فيهم الحسين وخلعوا الثياب من الأجساد الدامية ومثلوا بكثير من جثث القتلى من أبناء الحسين ولم يسلم منهم حتى الطفلين، وعندما هواجمت الخيام التي تحوي النساء لم يبق على قيد الحياة الا نساء وعدد قليل من الغلمان فتم إرسالهم إلى الكوفة ليلا فتركوا كربلاء باكين ووصلوا الكوفة حتى سمعت صرخات مدوية ونحيب، مما أصابت الهستيريا أصحاب الفضول بعد إحباطهم من نصرة الحسين ، ثم يعرج الصحفي الألماني كلامه بالقول : ( أدى مصرع الحسين إلى ان تصير سلالة آل محمد وعلي في ضمير كثير من المسلمين.. إنهم أنبل جنس عاش على أرض الدولة الإسلامية، وصار مصرع الحسين في كربلاء أهم حدث في مجرى التاريخ وظل هذا الشهيد رمزا للمسلمين حتى يومنا هذا، وقد أحس يزيد أن الحسين ميتا لهو أخطر عليه من الحسين حيا )،إن ما تناوله الصحفي الألماني في كتابه عن الحسين ونهضته من مضامين إبداعية إستلهمت شيئا من الفاجعة تستحق التبجيل والتكريم مع تحفظنا على بعض آرائه، فلقد تناول حفيد النبي مع عدم إنتمائه هو للرسالة المحمدية وهذا مدعاة شرف وفخر لأن الحسين ملك للعالم كله وهو المنهل العذب الذي ينحو نحوه الظامئون من كل الأديان والأجناس ليغترفوا من عذب ماءه حتى الوصول للكمال الإنساني الذي مثله أبو الشهداء في كربلاء فالحسين وكما نستقرأه عبر كتاب هذا الألماني هو ثورة في وجدان الإنسانية ، لم يترك الامام الحسين عليه السلام طائفة أو شريحة إلا و أعطاها حقها في سجل ذلك اليوم العظيم وتلك النهضة الحسينية فبدأ من الطفل الرضيع إلى الشيخ الكبير مرورا بالرجال والشباب وما أخذت النساء من دور في المعركة أو بعدها كان يضاهي ما قدمه الرجال، وفي حديث الطوائف فلا نعتقد إن التاريخ غفل موقف أبا الأحرار في قبال الغلام التركي أو الرجل الإفريقي المرافق لهم والذي كان الإمام يرعاهم كرعاية احد أبناءه وفقده لهم كان بمثابة فقده لأحد أبناءه أيضا ،هكذا نجد المصداق الحقيقي في قيادة الأمة فالقائد أباً لجميع من يقعون تحت وصايته لا يفرق بينهم إلا باستحقاقهم الواقعي وبقدر ما يقدمون لا بصلة رحم ولا بجنس ولا بطائفة ، وهو تطبيق واقعي لكل القوانين التي شرعت من اجل أعطاء الأدوار في بناء الحياة التي قد تنهض ببناء وأعمار أو بنهضة تثقيف أو وقفة حق ضد باطل ، ولنسال أنفسنا كم استلهمنا من تلك المدرسة الكبيرة في حياتنا اليومية ؟ وما هو الدور الذي أعطيناه لكل واحد منا في بناء نفسه وعقيدته وبلده ، ألسنا اليوم بحاجة ماسه لتلك المفاهيم ؟ هكذا كان الحسين وثورته نظام لفعل الخير وإرشاد الناس لما ينفعه و ما يضرهم ولكن بطرق الإنسانية الصحيحة وبعيدا عن كل مؤثرات الدنيا وزخرفها وهذا هو جادة الصواب في قيادة الأمة نحو صلاحها ونجاحها في الدين والدنيا ، وفي هذه المناسبة لابد لنا ان نذكر القصيدة التي القاها الشاعر العظيم الجواهري في الحفل الذي أقيم في كربلاء يوم 26 تشرين الثاني 1947، لذكرى استشهاد الحسين عليه السلام والتي نُشرت في جريدة " الرأي العام " العدد 229 في 30 تشرين الثاني 1947 وقد كُتب خمسة عشر بيتاً منها بالذهب على الباب الرئيسي الذي يؤدي إلى الرواق الحسيني القصيدة تحمل عنوان  آمنت بالحسين .
 
فداء لمثواك من مضجع تنور بالأبلج الاروع
بأعبق من نفحات الجنان روحا ومن مسكه أضوع
ورعيا ليومك يوم الطفوف وسقيا لأرضك من مصرع
وحزنا عليك بحبس النفوس على نهجك النير المهيع
وصوتا لمجدك من أن يذالبما أنت تأباه من مبدع
فيا أيها الوتر في الخالدين فذا الى الآن لم يشفع
ويا عظة الطامحين العظام للاهين عن غدهم قنع
تعليت من مفزع للحتوف وبورك قبرك من مفزع
تلوذ الدهو فمن سجد على جانبيه ومن ركع
شممت ثراك فهب النسيم نسيم الكرامة من بلقع
وعفرت خدي بحيث استراح خد تفرى ولم يضرع
وحيث سنابك خيل الطغاة جالت عليه ولم يخشع
وخلت وقد طارت الذكريات بروحي الى عالم أرفع
وطفت بقبرك طوف الخيال بصومعة الملهم المبدع
كأن يدا من وراء الضريح حمراء مبتورة الاصبع
تمد الى عالم بالخنوع والضيم في شرق مترع
تخبط في غابة أطبقت على مذئب منه أو مسبع
لتبدل منه جديب الضمير بآخر معشوشب ممرع
وتدفع هذي النفوس الصغار خوفا الى حرم أمنع
تعليت من صاعق يبتظي فان تدج داجية يلمع
تأرم حقدا على الصاعقات لم تنء ضيرا ولم تنفع
ولم تبذر الحب اثر الهشيم وقد حرقته ولم تزرع
ولم تخل أبراجها في السماء ولم تأت أرضا ولم تدقع
ولم تقطع الشر من جذمه وغل الضمائر لم تنزع
ولم تصدم الناس فيما هم عليه من الخلق الاوضع
تعاليت من فلك قطره يدور على المحور الاوسع
فيابن(البتول) وحسبي بها بيانا على كل ما أدعي
ويابن التي لم يضع مثله كمثلك حملا ولم ترضع
ويابن البطين بلا بطنة ويابن الفتى الحاسر الانزع
ويا غصن هاشم لم ينفتح بأزهر منه ولم يفرع
ويا واصلا من نشيد الخلود ختام القصيدة بالمطلع
يسير الورى بركاب الزمان من مستقيم ومن أظلع
وأنتتسير ركب الخلود ما تستجد له يتبع
تمثلت يومك في خاطري ورردت صوتك في مسمعي
ومحصت أمرك لم أرتهب بنقل الرواة ولم أخدع
وقلت لعل دوي السنين بأصداء حادثك المفجع
وما رتل المخلصون الدعاة من مرسلين ومن سجع
ومن ناثرات عليك المساء والصبح بالشعر والادمع
لعل السيسة فيما جنت على لاصق بك أو مدعي
وتشريدها كل من يدلي بحبل لاهليك أو مقطع
لعل لذاك وكون الشجي ولوعا بكل شج مولع
يدا في أصطباغ حديث (الحسين)بلون أريد له ممتع
وكانت ولما تزل برزة يد الواثق الملجأ الالمعي
صناعا متى ما ترد خطة وكيف ومهما ترد تصنع
ولم أزحت طلاء القرون وستر الخداع عن المخدع
أريد الحقيقة في ذاتها بغير الطبيعة لم تطبع
وجدتك في صورة لم أرع بأعظم منها ولا أروع
وماذا أأروع من أن يكون لحمك وقفا على المبضع
وأن تتقي دونما ترتأي ضميرك بالاسل الشرع
وأن تطعم الموت خير البنين من الاكهلين الى الرضع
وخير بني الام من هاشم وخير بني الاب من تبع
وخير الصحاب بخير الصدور كانوا وقاءك والاذرع
وقدست ذكراك لم أنتحل ثياب التقاة ولم أدع
تقحمت صدري وريب الشكوك يضج بجدرانه الاربع
وران سحاب صفيق الحجاب علي من القلق المفزع
وهبت رياح من الطيبات والطيبين ولم يقشع
اذا ما تزحزح عن موضع تأبى وعاد الى موضع
وجاز بي الشك فيما مع الجدود الى الشك فيما معي
الى أن أقمت عليه الدليل من (مبدأ) بدم مشبع
فأسلم طوعا اليك القياد وأعطاك اذعانه المهطع
فنورت ما أظلم من فكرتي وقومت ما أعوج من أضلعي
وآمنت ايمان من لا يرى سوى العقل في الشك من مرجع
بأن الاباء ووحي السماء وفيض النبوة من منبع
تجمع في جوهر خالص تنزه عن عرض المطمع
لقد استشهد الامام الحسين عليه السلام لكنه مايزال أسوة حسنة في الصدع بالحق ولو كلّفه هذا الصدع حياته وحياة أهله ، وما يزال مثالاً للمؤمن الذي يعيش لدينه وأمته لا لشهواته ورغباته ، لقد علّمنا الامام الحسين عليه السلام أن السكوت على الظلم والانحراف وضياع حقوق الله والعباد ليس من شيم المؤمنين الصادقين الذين يريدون أن يعلو شرع الله على الناس ، لقد تعلمنا من الامام الحسين عليه السلام ان لا نخضع لظالم ، ويكفيه عزّاً وشرفاً أنه استشهد في سبيل الله ، فأي أسوة أعظم من هذه الأسوة ؟ السلام عليك ياسيدي وياسيد شباب اهل الجنة ، السلام عليك ياصريع العبرات في كل وقت وحين ، السلام عليك ياريحانة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=24527
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 11 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29