• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإقتصاد العراقي وعملية الخصخصة .
                          • الكاتب : ضياء رحيم .

الإقتصاد العراقي وعملية الخصخصة

يعاني الإقتصاد العراقي من مشاكل متعددة وإختلالات  هيكلية أصابت المفاصل الرئيسية فيه، كما ان المديونية الخارجية للبلد أضافت عبئا أخر لمشاكل الإقتصاد . وبعد سقوط النظام السابق أصبح لزاما على الحكومة العراقية القيام بإصلاحات إقتصادية بما يمكنها من الإندماج في المجتمع الدولي وإيجاد الحلول للمشاكل المتوارثة في الإقتصاد من خلال تطبيق الخصخصة كخطوة أولى جريئة لتحقيق الإصلاح في الإقتصاد العراق ومعالجة الإختلالات الهيكلية ومنح القطاع الخاص فرصة كبيرة في النشاط الإقتصادي للبلد .
فما هي الخصخصة؟
تعني الخصخصة تحرير النشاط الإقتصادي من خلال الحد من إحتكار الدولة لقطاعات النشاط الإقتصادي المختلفة وفتح المجال واسع أمام القطاع الخاص، وهي أما أن تكون بتحويل ملكية المشروع كاملة الى القطاع الخاص، أو أن تقوم الدولة ببيع جزء من راس مال المشروع بما لا يزيد على النصف الى القطاع الخاص  والإبقاء على النسبة الأكبر للقطاع الحكومي ،وهي واحدة من وسائل الإصلاح الإقتصادي في معظم البلدان التي تعاني من إختلالات هيكلية في إقتصادياتها،ويمكن أن تتم الخصخصة بعدة طرق نذكر منها:
أ ـ إعادة هيكلة المؤسسات: وتعني تحويل ملكية مؤسسات القطاع العام الى القطاع الخاص (بتحويلها الى شركات مساهمة) مملوكة للدولة وبعد ذلك تقوم الدولة ببيعها للقطاع الخاص.
ب ـ تنظيم قطاع معين من الصناعات: حيث يتم تحرير هذا القطاع الذي كان حكوميا وبيع أسهمه الى القطاع الخاص عن طريق إنشاء مؤسسة تنظيمية تتولى مراجعة الأمور التنظيمية لهذا القطاع .
ج ـ نقل الإدارة: وهو أسلوب يستعمل عندما تكون هناك مشاريع كبيرة تحتاج الى موارد مالية كبيرة لا تستطيع الدولة تأمينها، فيتم إعطاء الإدارة الى القطاع الخاص وهو ما يعني أن تكون افدارة فقط بيد القطاع الخاص ولا تشمل نقل ملكية تلك الشركات.
د ـ التأجير: حيث تقوم الدولة بتأجير منشأتها الإقتصادية الى القطاع الخاص لغرض الإستفادة من إمكانيات هذا القطاع ولغرض تنمية تلك المنشأت .
هـ ـ البيع: حيث تقوم الدولة إما ببيع المنشأت بأكملها الى القطاع الخاص، أو أن تقوم الدولة ببيع جزء من أسهم تلك المنشأت الى القطاع الخاص .
ولكل أسلوب من الأساليب أعلاه ظروف تختلف عن الأخرى الأمر الذي يحتم مرعاة ظروف البلد الإقتصادية وتطبيق الأسلوب الذي يتلائم معها.
هناك مجموعة من الأهداف الإقتصادية والمالية والإجتماعية لعملية الخصخصة، فمن الناحية الإٌقتصادية تهدف الخصخصة الى تحسين كفاءة الإقتصاد وزيادة الإنتاج بالإضافة الى أنها تهدف الى تحويل مخطط للإقتصاد الى إقتصاد السوق وتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الإقتصادي وتشجيع الإستثمار.
 أما أهداف الخصخصة المالية  فهي تهدف الى تخفيف العبء على الموازنة العامة المتمثل بالدعم المستمر لمشاريع القطاع العام ونقل تلك المشاريع الى القطاع الخاص ،وكذلك زيادة إيرادات الدولة عن طريق الضرائب المباشرة وغير المباشرة،وجذب الإستثمارات الأجنبية وفتح أسواق جديدة وفرص عمل جديدة بما يؤثر إيجابيا على النمو الإقتصادي.
الى أما بالنسبة لأهداف الخصخصة الإجتماعية  فهي تتمثل بخلق مجالات عمل تتلائم مع خبرات أبناء المجتمع ، الأمر الذي سيؤدي بالنتيجة الى تقليل معدلات البطالة في المجتمع ، وكذلك إعادة توزيع الدخل بين فئات المجتمع من خلال فرض الضرائب على الدخول العالية بنسبة أكبر من أصحاب الدخول المتدنية.
أثر الخصخصة على الإقتصاد العراقي
لثلاثة عقود مرت عانى الإقتصاد العراقي كثير من المشاكل والإختلالات من جراء الحروب التي خاضها النظام السابق، وقد أحدثت هذه الحروب ضرر كبير في البنى التحتية لكثير من القطاعات الإنتاجية الأساسية (الزراعة والصناعة) وكذلك القطاع النفطي والذي كان الممون الرئيسي لميزانية الدولة، وفي حينها قدرت خسائر حرب الخليج الأولى ب (453) مليار دولار، وعندما تراجعت أسعار النفط عالميا وإنخفضت معدلات التصدير ظهر جليا للعيان قصور المصادر الإيرادية الأخرى عن الإيفاء بمستلزمات الإستمرار في تحفيز الإقتصاد. وقد ظهرت أول بوادر الخصخصة عام 1987 عندما قامت الحكومة آنذاك بتحويل ملكية بعض المشروعات الحكومية الى القطاع المختلط والخاص،وقد صدرت في حينها عدة قرارات وتشريعات تهدف الى إصلاحات إدارية وإقتصادية  لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في القطاعات الإقتصادية ، ومع ذلك فإن كل تلك الإجراءات كانت جزئية  لإٌتصارها على قطاعات معنية من غير أن تخضع لبرنامج إصلاح شامل كما أنها لم تحقق النتيجة المتواخاة منها وهي تصحيح المسار الإقتصادي.
كانت ابرز الإصلاحات في تلك الفترة على سبيل المثال لا الحصر هو :
# خصخصة المشروعات العامة: والتي كان أغلبها عن مشاريع في القطاع الزراعي بهدف تحفيز التنمية الزراعية للوصول الى الإكتفاء الذاتي،
 # والإصلاح المالي:عن طريق زيادة الضرائب المباشرة وزيادة أسعار السلع والخدمات التي تقدمها الدولة محاولة منها لزيادة الإيرادات المحلية لتغطية النفقات الجارية.
# الإصلاح النقدي والمصرفي : ولمحدودية إستخدام الأدوات النقدية المباشرة خصوصا عمليات السوق المفتوحة لخلو العراق من سوق نقدية متطورة للأوراق المالية فقد تركزت سياسات الإصلاح النقدي على سياسات نقدية غير مباشرة، وكذلك جذب الإستثمارات الأجنبية المتمثلة بإنشاء المناطق الحرة كمركز لجذب الإستثمارات الأجنبية المباشرة  وكذلك إعفاء رؤوس الأموال المستثمرة وأرباحها في تلك المناطق من أية ضريبة، وقد تعزز كل ذلك بإصدارالعديد من القوانين والتي منها:
*  السماح بالإستيراد بدون تحويل خارجي وهو ما ترك أثرا واضحا على دور القطاع الخاص في تطوير الإقتصاد العراقي.
وبعد سقوط النظام دفعت المشاكل التمويلية الناتجة عن عجز مزمن في الموازنات العامة ووجود عجز مزمن في ميزان المدفوعات وضعف القطاع العام الى تحول بمعظمه الى وحدات تمتص موارد الموازنة ومن ثم فقد أصبح مصدر لضياع الموارد بالإضافة الى أن التوسع الحاصل في هذا القطاع لا يتناسب مع متطلبات التنمية كل هذا دفع بالحكومة الى تبني سياسة الخصخصة، كما أن الإقتصاد واجه ضغوط عديدة بعد عام 2003 إضطرته للقيام بإجراءات تصحيحية في بنية وهيكلية الإقتصاد ومن هذه الضغوط  المتطلبات التمويلية الهائلة لإعادة إعمار البلد والمديونية الخارجية الثقيلة والتي قدرت حينها ب(127) مليار دولار.
إن عملية الخصخصة ستؤدي الى إعطاء حافز للمشاريع الإقتصادية من خلال السماح بتخفيض الضرائب، مكا أن القطاع الخاص سيكون عامل محفز للمنافسة في السوق بما يؤدي الى تحقيق الكفاءة الإقتصادية للمشاريع، هذا بالإضافة الى إمكانية متابعة رجال الأعمال بشكل أفضل ومراقبة سير العمليات في المشاريع الإقتصادية.
كما يجب علينا عدم إغفال إن عملية الخصخصة تحتاج الى تهيئة الأرضية المناسبة لتطبيقها في الإقتصاد العراقي من خلال تشجيع القطاع الخاص ماديا ومعنويا من خلال إشراكه في عملية التنمية ومنحه الفرصة الكافية لإبراز كفاءته في إدارة المشاريع التي تناط به، كذلك يجب الإستفادة من محاولات الخصخصة التي طبقت في العراق قبل عام 2003 والإستفادة من الأخطاء التي رافقت تلك المحاولات.
وأخيرا لابد من تهيئة الإقتصاد العراقي وإعداد دراسة مناسبة لكل قطاع من القطاعات التي سيتم خصخصتها  لتحديد القطاعات التي تعود بالنفع على الإقتصاد الوطني.




 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=24191
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 11 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28