• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : حلم شاعرة .
                          • الكاتب : د . جواد المنتفجي .

حلم شاعرة

دراسة نقدية في قصيدة الشاعرة التونسية \" لمياء عياد\"

\"لازلت عند دهشة الحُلم
أباغت يقظاتي
وانتشي بلذة الغفوة
فأمارس سكون ضجيجي
يعبث فياّ الجمود
واحترق في شراشيف اَهاتي
واكتب أني لازلت عند دهشة الحلم
وأسراري تزيدني تثاؤبا
باتت كئيبة
تغبط دهشتي
وشرنقات الحنين تتدلى تعانق غصن الأمل
دهشة انا عند ذاك الحلم
ارتقب شروع صلاتي
وإبريق أنفاسك أداعبه بأناملي
وتسبيحة العشق أتمتمها
وشمس لقائك تشاكس سحاب المستحيل
فانتظر دهشة تباغتني
كي أعيش انتشاءة من جديد
فحلمي يستنسخ من أوجاعي اصدق المدهشات\"
هو ذا نزف الشاعرة \" لمياء عياد\"..اذ اننا نلاحظ بان معظم قصائدها التي كتبتها يكتنفها الغموض ..حتى عندما تحلم تخال انها تعيش حالات اليقظة..تحسها بأنها تنتشي بلذة الغفوة..تمارس سكون ضجيجها حيثما الكل نيام..الكون بجموده..فهي تتنبأ بأنها وان حدث كل ذلك فسوف تراها تحترق بشراشيف اهاتها.
يقول الكاتب\" فالح نصيف الحجية الكيلاني\" في موضوعه الموسوم (الرمزية في الشعر بين الحداثة والغموض):
تجلَّت الحداثة الشعرية في الوطن العربي في سبعينات القرن الماضي وبعد انتشار قصيدة النثر إذ اعتمد اغلب الشعراء- شعراء قصيدة النثر- الرمزية الغامضة في قصائدهم بشكل مفرط على نحوٍ تجسَّدت فيه جملةٌ من تحولات مفردات القصيدة الشعرية، وفي تحولاتها الموضوعية والجمالية وأساليب التعبير في التجربة الشعرية-أن صح التعبير -بحيث تباينت مواقف الشعراء وتفاعلهم إزاء موضوعات جديدة في الشعر هي اقرب للفلسفة منها للشعر مثل الموت والحياة والوجود والحقيقة. وادخل هذه التشكيلات في بنية نصوصه الشعرية على مستويات متماثلة هي اصلا من اساسيات الشعرية منها اللغة والدلالة والإيقاع والصورة) وعلى هذا الاساس أولع شعراء قصيدة النثر بالرمزية الى حد الغموض حيث يرون فيه جمالا لا يتحقق في ألا في المعاني الخفية ويشبهون الرمزية في نتاجاتهم الشعرية بأنها (كالعينين الجميلتين تلمعان من وراء النقاب )
وكان للرموز والأساطير التي أولعوا بها منذ سبعينات القرن الماضي ولحد الان اثر كبير في غموض القصائد الشعرية، الامر الذي طرح نوعية التوصيل الى المتلقي وصعوبته أحيانا، نتيجة ما وراء هذا الغموض من فلسفة فنية وحياتية يشوبها نوع من الغرابة في استعمال اللغة والعبارات الغامضة البعيدة عن الواقع الفعلي وقد كتبنا كلنا في قصيدة النثر وولجنا هذا الخضم الى جانب قصيدة العمود الشعري واستعملنا الرمز في قصائدنا لكننا لم نوغل في الغموض مثل الشعراء الشباب
وإذا رجعنا الى تاريخ الشعر وجدنا الرمزية لها وجودها في الشعر القديم ايضا اذ كان الشعراء لا يصرحون ببعض الامور التي لا يرغبون ان يعرفها الاخرون في قصائدهم ومن هنا قيل ( المعنى في قلب الشاعر ) فالغموض في الشعر ليس معضلة تأويلية جديدة إذ أن طبيعة أي عمل فني يفترض على من يتعامل معه أن يجد سبلا لمعان متعددة ومتضاربة ويقاس هذا بإمكانية الشاعر وقدرته وقابليته الفنية . يقول القاضي الجرجاني مشيرا الى رمزيته في التعبير الشعري ( وليس في الأرض بيت من أبيات المعاني قديم أو محدث إلا ومعناه غامض ومستتر، ولولا ذلك لم تكن إلا كغيرها من الشعر، ولم تفرد فيها الكتب المصنفة وتشغل باستخراجهما الأفكار الفارغة)
وعليه فمن حق الشاعر ان يستخدم المعاني الخفية تلافيا للوقوع في أسر الابتذال والتقريرية فالشعر يتطلب الرؤيا على ان لا يجبر المتلقي – في رأيي الخاص – على استخدام قاموس اللغة واللهاث وراء معرفة ما قصده الشاعر في قصيدته بحيث يجعل مسارها مظلما حالكا عليه وعليه ان يترك فجوة تعبيرية او منفرجا للولوج الى جو القصيدة وان للشعر لنافذة تطل على المطلق، وحالة لا يمكن إخضاعها للنظر البارد كما يقولون. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=23906
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 11 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28