• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الاسلام والآخر .
                          • الكاتب : الشيخ حيدر ال حيدر .

الاسلام والآخر

بسم الله الرحمن الرحيم
 هناك فرق بين النقد وبيان الخطأ في معتقدات الآخرين وبين الشتائم والكذب والافتراءات . فانه من الخطأ ان نشتم أهل الأديان الأخرى وليس لأحد أن يفتري على جماعة من اجل تشويه صورتهم أمام المجتمع الدولي , وقد احترم القرآن الكريم من يملك دليلا صحيحا على معتقده وحصر العقوبة على الانحراف الديني عن الاسلام بمن لا يملك دليلا .
وهناك حقيقة واقعية لم يغفلها القرآن الكريم وهي ان كل امة مرتبطة بعقيدتها نفسيا وعاطفيا وتميل الى تخطئة الآخرين (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53المؤمنون) وبين ان ذلك سببا لتساوي المسلم مع غيره في قبح السباب وشتم الآخر (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108الاتعام). ولذلك كان اسلوب الدعوة الى دين الاسلام هو الحوار العلمي الهادئ المبني على احترام الآخر والاصغاء الجيد والاستدلال على صحة العقيدة الاسلامية وخطأ العقائد الأخرى بالأدلة المقنعة عند سائر العقلاء غير المتعصبين (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125النحل) . ولذلك ترى المسلمين اليوم يدعون الى حوار الحضارات . الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18الزمر)
الا ان هناك امرا مهما حيث ان الرسالة الاسلامية رسالة واقعية لا تعتمد الخيال والاحلام الوردية فهي تراعي حالة موجودة في الواقع وهي أن عادة من يملك النفوذ والقوة لا يجد في نفسه اهتماما بالحوار والجدل المعقد والمطول , ولذلك احتاجت اقامة الحوار الى دعم مادي وهنا يظهر موقع القوة من المنظومة الفكرية الاسلامية وانسجام الآيات الداعية الى القوة والتسلح مع الآيات الداعية الى الحوار الهادي والعمل على ارساء السلام في رسالة الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وآله وهذه الحقيقة تظهر بجلاء تام في النص التالي من القرآن الذي يبين فيه دواعي بناء القوة المسلحة ودواعي استعمالها (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61الانفال) فانتبه الى النص المتعلق بالسلم بعد ان أكد على بناء القوة الرادعة .
وهنا ينبغي التعرض لأمر مهم يتمثل بالسؤال التالي : أليس لزوم بناء القوة المرهبة للعدو يتوقف على اقامة الدولة الاسلامية ؟
والجواب عنه : انه حتى مع عدم وجود دولة للمؤمنين يمكن ان نعدّ القوة اللازمة لإرهاب العدو ودفعهم على التهيب من مواجهتنا وذلك بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما بين المؤمنين والتكافل الاجتماعي والتراص والتكاتف لبناء مجتمع مكتف اقتصاديا غالبيته من الكفاءات المتميزة . وبإقامة العلاقات المصالحية مع الآخرين بحيث نضمن قوة واستقلالية وهيبة من دون سلطان . وهذه النقطة تحتاج مقال مستقل ان شاء الله احاول فيه اختصار البيان لوظيفة المؤمنين وبرنامج عملهم التفصيلي الذي بينه الأئمة عليهم السلام .
 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد حيدر ، في 2013/06/28 .

لاشك اننا بحاجة الى مثل هذه الكتابات المنهجية والتي تبرمج العمل الشيعي الفردي والجماعي ولاينبغي ان تبقى كمرتكزات من دون تدوين وتهذيب تراكمي عملي وان تكون مسندة مسندة بالنصوص الشريفة وبسيرة اهل بيت النبوة صلوات الله عليهم ومسيرة اهل الحق العامة، فبارك الله بهذه الجهود التي نرجو ان تثمر عن كتابة متكاملة ولو تدريجية والله المعين والموفق



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=23882
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 11 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29