الارهاب بالمختصر فرض فكر ما أو واقع معين ، بوسائل العنف والقوة والقتل العشوائي ، واقترن اسمه عالميا بالسلفيين المتلبسين لباس الاسلام ،فهم الذين خلقوا الارهاب ، واعطوه الشرعية الدينية وضمنوا الجنة للارهابين على طريقة صكوك الغفران في القرون الوسطى ، هؤلاء السلفيون على الاغلب يتبعون المذهب الوهابي ومؤسسه محمد بن عبد الوهاب الذي تتبنى فكره السعودية .
ظهر الفكر الوهابي في الساحة السياسية الاسلامية ، فأستقبلته الاوساط والجهات المعادية للاسلام والمسلمين والحاقدة على الفكر الاسلامي الاصيل ، بترحاب كبير ، ووجدت فيه بابا لتمزيق الوحدة الاسلامية ، وتفتيت الوجود الاسلامي ، لذا دعمت الجهات المعادية للاسلام رجال هذا الفكر وصنعت منهم أصناما كبيرة ، واعطتهم الحرية والدعم المباشر وغير المباشر ، لنشر افكارهم في جميع البلدان الاسلامية تقريبا ، وأعترفت بهم ناطقين وممثلين للاسلام خاصة أمام الشعوب الغربية ، بهدف تشويه صورة الاسلام الحقيقية، لأن اسلام الوهابيين السلفيين لايستوعب المسلم الاخر ، ويدعو لتكفيره وقتله ، وبذلك يصور هؤلاء الاسلام ، بأنه دين القتل والعنف وأقصاء الاخر المختلف ، أضافة الى أنّ أعداء الاسلام مطمئنون للفكر الوهابي كفكر يعادي التطور ، ويتصف بالتحجر ، وتحنيط العقل ، وهذا هو المطلوب لانه يخدم الاهداف المعادية للاسلام والمسلمين ، أذ يعكس صورة سلبية عن الاسلام الذي اراد الله تعالى ان يكون أسلام العدالة والحرية والانسانية وأحترام الاخر المختلف ، ونشر المحبة والسلام ، واحترام العقل ، وتحريك الفكر .
الارهاب ثمرة من ثمرات الفكر الوهابي المتخلف ، أحتضنته الصهيونية العالمية وامريكا والدول التابعة لمحورها ، كونه في النهاية يخدم الاهداف الامريكية الصهيونية ، على المدى البعيد والقريب ، الحكومات السلفية والدكتاتورية في المنطقة كالسعودية وقطر و غيرها من الحكومات البعيدة كل البعد عن الديمقراطية ، نراها مدعومة بشكل قوي من امريكا والصهيونية ، رغم ادعاء امريكا انها لا تدعم الحكومات الدكتاتورية، وليس غريبا ان نرى حالة التناقض والازدواجية في الموقف الامريكي ، أزاء ثورات الشعوب في المنطقة ، لأن مواقفهم تنطلق من المصالح ، وليس من المبادئ او القيم ، ثورة شعب البحرين مثلا ، المطالب بالحرية والديمقراطية ، نرى دعم امريكا لحكومة البحرين الديكتاتورية الوراثية التي تقمع ثورة الشعب المطالب بالحرية والديمقراطية بقوة السلاح ، وبدعم سعودي قطري ايضا ، فأي ديمقراطية تريد امريكا للمنطقة ؟
في سوريا تتصرف امريكا والسعودية وقطر وتركيا وبقية الدول التابعة لنفس المحور، بالضد من تصرفاتها في البحرين ، وياليت هذه الدول تدعم الشعب السوري لتحقيق مطالبه المشروعة في الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، بعيدا عن العنف والقتل والتدخل الخارجي ، لكنها تدعم المسلحين الارهابيين الذين يقتلون الشعب السوري ويفجرون السيارات المفخخة في وسط الجماهير ، والذين يهدّون البنايات السكنية بتفجيراتهم على رؤوس ساكنيها ، هؤلاء الارهابيون كثير منهم من جنسيات اجنبية تابعين للحركة السلفية من مختلف الدول الاسلامية ، تقوم هذه الدول بدعمهم وتسهيل دخولهم الى الاراضي السورية ، امريكا والدول التابعة لمحورها يسمون الارهاب في سوريا مقاومة ، او جيش التحرير ، ويعطونه الشرعية ، بل يقدمون لهؤلاء الارهابيين كل الدعم المالي واللوجستي والاعلامي ، مشرعنين قتل الابرياء من الشعب السوري تحت لافتات متنوعة ، فأي ارهاب تقاوم امريكا ؟
الارهاب هو سلاح السلفيين بوجه الاخرين ، ما يشاع عن امريكا انها عدوة للارهاب غير صحيح ، بل هي من يخلقه في مناطق كثيرة من العالم ، من اجل مصلحتها ومصلحة الصهيونية ، خلقت الارهاب في العراق ، ولا زالت دول المحور الامريكي كالسعودية وقطر وتركيا تغذي الارهاب في العراق وتدعمه لغرض قتل ابناء الشعب العراقي ، بالتعاون مع بعض السياسيين الذين يدورون في فلك هذه الدول الداعمة ، كذلك خلقت الارهاب في افغانستان لاهداف كثيرة ، منها كي يبقى مبرر لتواجد قواتها واستمرار احتلالها ، لهذا البلد الاسلامي القريب من الحدود الروسية .
الارهاب في أي دولة من الدول ان وجد يُمنح هوية من قبل امريكا والصهيونية والدول الاخرى التابعة لنفس المحور ، احيانا يمنح الارهاب في دولة من الدول هوية ادانة في العلن ، لكنه يبقى مدعوما في السر والخفاء ، واحيانا يُحارب الارهاب في دولة من الدول ، لكن ليس بطريقة الاسقاط والانهاء ، بل لابد ان تبقى فيه الحياة لاغراض بعيدة او قريبة، الارهاب يمنح هوية حسب الطلب والحاجة والهدف لامريكا والصهيونية ، ففي العراق مُنح الارهاب هوية المقاومة ، وفي افغانستان له هوية اخرى ، كذلك في سوريا له هوية ، فما يكون ارهابا في دولة ما ، يكون مقاومة وجيش تحرير في دولة أخرى ، وهذا ما يحصل في سوريا اليوم ، الارهاب وقتل الابرياء في سوريا مشروع ومبارك من دول المحور الامريكي الصهيوني ، واكبر دليل على ذلك الدعم الكبير للمسلحين بالسلاح والمال والاعلام من دول هذا المحور ، التفجيرات الارهابية في ساحة ( سعد الله الجابري ) في مدينة حلب ، التي قتلت العشرات من الابرياء ، نموذج للارهاب المشرعن في سوريا .
في سوريا الارهاب مسموح ، لكن في تركيا مثلا ممنوع ، لأن تركيا هي جزء من منظومة دول المحور الامريكي الصهيوني ، ما يحدث في تركيا من عمليات عسكرية تستهدف الجيش التركي من قبل حزب العمال الكردستاني هو ارهاب عند امريكا ومحورها ، لكن ما يحدث في سوريا من قتل للابرياء وتهديم للبيوت والبنايات العامة على رؤوس ساكنيها من العوائل هومقاومة ، هذا هو شرع امريكا والدول التي في محورها ، تمنح هوية وعنوان للارهاب حسب الحاجة والمصلحة ، الصهيونية طرف مهم في رعاية ودعم الارهاب ، لها مصالحها في دعم الحركات المسلحة في العالم الاسلامي ، ومن مصلحتها تشجيع الحركات المسلحة على الانفصال وتقسيم الدول الى كيانات هزيلة صغيرة تسمى دولة ، بل هي دولية وليست دولة ، وهذا ما تريده الصهيونية للدول الاسلامية ، التي تعتبرها عدوة لها ، ليس الحكومات طبعا بل شعوب هذه الدول ، وهذا ما جرى في السودان ، ويجري في بلدان اخرى ، اذن لا نستغرب عندما يقول احد ، ان اسرائيل تدعم مثلا حزب العمال الكردستاني ضد تركيا ، رغم العلاقات الطيبة بين اسرائيل وامريكا مع تركيا، لأن المصلحة الصهيونية فوق المصلحة الوطنية لأي بلد من البلدان في العالم حتى لو كانت امريكا .
المراقب والمتابع يسأل ما هو شرع امريكا فما يجري في البحرين من ثورة شعبية سلمية ، يطالب فيها الشعب بحقوقه المشروعة في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم ، بطريقة حضارية سلمية؟
الجواب معروف ، ما يجري في البحرين في شرع امريكا ، هو ارهاب، ومسموح لحكومة البحرين التي تحكم بالوراثة العائلية البعيدة كل البعد عن الديمقراطية التي تدعي امريكا انها تساند الشعوب في تحقيقها ، يحق لهذه الحكومة الديكتاتورية ، استخدام مختلف انواع العنف والاسلحة الخفيفة والثقيلة لقتل ابناء شعب البحرين المطالبين بحقوقهم بصورة سلمية ، ليس هذا فقط بل مسموح للحكومة البحرينية الوراثية ، الاستعانة بالسعودية ودول الخليج الاخرى لاستخدام السلاح الثقيل لقتل ابناء شعب البحرين الثائرين ، هذا هو شرع امريكا ، وهكذا تشرعن الارهاب وثورات الشعوب ، ثورة شعب البحرين السلمية ارهاب ، وقتل الناس الابرياء في سوريا بمسلحين مستوردين من خارج الحدود تحرير وثورة .
العجيب والمحيّر ان الحركة الصهيونية العالمية باسطة لنفوذها على اغلب حكومات دول العالم ، لهذا جاءت مواقف الامم المتحدة ، في غير صالح الشعوب ، بل لصالح امريكا والصهيونية ، اما جامعة الدول العربية المسيطَر عليها من دول النفط العربي، نراها تطبل مع السعودية وقطر ، وتستجيب للارادة الامريكية الصهيونية ، وهذا امر يؤسف له ، أن احداث الربيع السلفي العربي ، اثبتت للشعوب التي ثارت ابتداء مصدقةً أن هناك تغييرا سيحدث لصالحها ، وقدمت تضحيات في هذا الطريق ، لكن في النتيجة النهائية سرقت ثمرة الثورات بدعم امريكي سعودي قطري صهيوني ، لصالح الحركات السلفية ، ان احداث ما يسمى بالربيع العربي ، وانا اسميه الربيع السلفي ، وكذلك احداث سوريا ، اثبتت للشعوب أنّ الضجيج الاعلامي الذي تقوم به امريكا ، ومحورها من الدول الاخرى شيئ ، والواقع على الارض شيئ اخر ، وان الخاسر الوحيد هو الشعوب ، لانها هي صاحبة المصلحة في التغيير ، وهي من قدم التضحيات في هذا السبيل . |