• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : البناء الداخلي للإنسان مصدر السعادة والشقاء .
                          • الكاتب : وليد المشرفاوي .

البناء الداخلي للإنسان مصدر السعادة والشقاء

المسيرة الإنسانية التي أرخت للإنسان أفصحت وبشكل واضح إن الأمم التي تركت بصماتها على مجمل المسيرة وحفظت بسفينتها جوانب مهمة من الحياة وكان لاشراقتها الأثر المهم على المجتمعات بل أنها مثلت قبلة للناس ومحط رحالهم ومرافئ لتحقيق آمالهم وتطلعاتهم إنما كان ذلك بما سوقته من سلامة الأفكار وقوة العقيدة فاقترن وجودها بالخير والصلاح وذكرها بالتقدم والرفاه فصار الانتماء إليها مفخرة والإشارة إليها رفعة وعزة.


التقاطعات التي تعيشها المجتمعات الإنسانية والاختلاف الكبير في أنماط حياتها الاجتماعية والذي يتأرجح بين سجن كبير يئن ساكنيه من قيود الظلم والجور والعدوان إلى حياة لا يصدق معها الكبت والقهر والحرمان وبين ذاك وذاك مجتمع يحاول سرقة هوية أبنائه بحريات مصطنعة وحياة موهومة زائفة فيصور لهم السراب حقيقة والخيال واقعا والشهوات غاية وهدفا إلى مجتمع يحاول أن يربط اسمه بالسماء ورسمه بالدين والعقيدة وهو لا يفقه من هذه المفردات إلا أشكالها وعناوينها ويبقى الإنسان إلى ما تشرق به نفسه ويتعالى به شأنه وتتكامل بالاتصال دنياه ويعتلي عرش الرضوان ويسير طاعة للرحمن.


نور الإسلام الذي أشرق على الجزيرة العربية فأحال قسوتها وجفافها إلى مصدر للخير والعطاء وأحال النفوس وما يتحكم بها من ظلام الجهالات وشياع الرذائل والتفاهات إلى نماذج تقتدى وقدوات تحتذى فانقلب الصراع إلى وئام والفرقة إلى التئام , واستقام الواقع  ونطقت الحقيقة وتحول الخلق العربي الجاف المملوء عنفا وتعسفا وظلما وجورا إلى خلق رفيع يسمو على كل القيم والأعراف التي فرضتها أجواء الجزيرة وصحرائها وأصبح كل واحد من هؤلاء الذين كانوا من قبل قليل أعرابا يلوكون جشب العيش ويقتاتون خشنه سفراء للإنسانية وروادا للإسلام يشيعون الإخاء والمحبة ويصدرون الخير والصلاح.


مجتمعنا الذي تتلاطمه الاختلافات وتعصف به التقاطعات بحاجة ماسة إلى رجال كرجال الأمس يلقون حملتهم من على أكتافهم ويضعون عنهم وزرهم والأغلال التي كانت عليهم وينهضون بواقع يخلو فيه السوق والحارة والمدرسة والمسجد من ثقافة عقائدية متينة يتسلح بها الإنسان ضد جراثيم الثقافات المستوردة وقشور الحضارة الزائفة..التحول الكبير في الحياة السياسية الذي بني على أنقاض دولة عصفت بالبلاد طيلةربع قرن ونيف وأزالت حقبة صدامية مظلمة ومكنت رواد الفكر وأبناء العقيدة الحقة الصادقة أن يقولوا كلمتهم بكل حرية وان ينفذوا إلى قلب المجتمع بملئ الإرادة , يجب أن يستثمر خير استثمار ويوظف بأكمل وجه فأصحاب الفكر والعقيدة والمعرفة مطالبون اليوم بتفعيل كافة وسائل الإيضاح والتبيين من قل ودواة لخدمة سفر الله العظيم ودينه القويم ومجتمع يتضور جوعا لالتهام الحقيقة المغيبة ويتلظى عطشا لارتشاف الكلمة الصادقة .


الإنسان الذي كان تحمل ولا زال آثار الحقبة المظلمة الصدامية التي حاولت مسخ هويته وإفراغ محتواه هو بحاجة إلى قراءة دقيقة لتشخيص الخلل ووضع العلاج والعمل على بنائه وصيانته ليكون أنسانا نافعا قويا في محتواه مصونا عند المواجه.


وما استعرض من عناوين تشير إما القوة والصلاح أو الضغط والهوان إنما مرده إلى النظام الاجتماعي الذي يتحكم في تنظيم علاقات الإنسان وبرمجة حياة المجتمع وهذا النظام الاجتماعي هو حصيلة أفكار الإنسان ومعتقداته لذلك ما يعيشه الفرد والمجتمع إنما هو إفرازات المحتوى الداخلي للإنسان .


لذلك يتوجب بناء الإنسان عقائديا وصيانته فكريا كجزء من عمل دؤوب ومتواصل تقوم به مؤسساتنا الفكرية والثقافية والإعلامية والتبليغية لإرساء قواعد الجماعة الصالحة وبناء صرح المجتمع النزيه.






  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=2248
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18