أصعب ما يمر به الانسان هو فقد الاحبه وغياب الاشخاص الذين يمثلون له شريان الحياة واستمراريتها وخصوصا ممن تجمعك معهم اكثر من زاوية ومفصل حياتي لذلك يمر حينها الانسان الحقيقي بتوقف قلبه توقفا اضطراريا ساعة فقدانه لهؤلاء الاناس المهمين في حياته ذلك لان الغياب شعور مر والفقدان مرحلة من اليأس والاحباط التي تاخذ معها الفرح كل الفرح ولا تبقي منه سوى قليل من الامنيات بان يرحم الله من فقد وان يشمل الله كل من حول الغائب برحمة نسيانه وصبره .

 

 لحظات مرة تمر على من يفقد صديق او يغيب عنه اخ لان كل الانفاس تخنقه وتمرر من امام قلبه ومخيلته شريط من الذكريات المؤلمة لمواقف وايام جمعته بمن غاب هكذا هو حالي تماما ولازال مذ ان بشرني القدر ببشرى الوجع بغياب الصديق والانسان المبدع القاص زمن عبد زيد الكرعاوي مدير بيت السرد العربي وابن مدينة الدم الطاهر المسفوك ظلما وعدوانا ,ابن النجف حاضرة الانسانية وخاصرة العشق الالهي ,هذا كان حالي حينما سمعت بخبر وفاة انسان وصديق عشقته اولا لابداعه وماكان يكتب من فتوحات قصصية في نمطية السرد واحببته فيمابعد كصديق حينما شاء القدر ان يكون صديقي , مرارة فقدي لزمن عبد زيد لا تحدها حدود او توجزها كلمات او تعبر عنها اهات وحسرات ,كان مبدعا حد النخاع في ماكان يكتب ,وقاصا وفيا لحداثة السرد حد اللعنة ,وحميميا مع الجميع حد الطيبة ,ومتواضعا في الحياة حد الصدق,كان كله محبة ومودة وتواصل ,لم تشغله الحياة وطموحاته السردية في التواصل مع احد ولم تقف عثرات الزمان حائلا امام ماكان يطمح ويسعى ,صغير في العمر كبير بالابداع والطموح لذين كان ولايزال عامة فارقة بين جيله وسبق جيله بحداثته الابداعية بزمن كبير حتى انه اختصر كل عمره بابداع كبير جعله في مصاف المبدعين الكبار في مدونة السرد العراقي ,زمن عبد زيد كان مشروعا سرديا حداثويا يبشر بزمن القص والسرد الجميل .

 

اتذكر جيدا اول مرة التقينا فيها في باحة اتحاد ادباء النجف الاشرف حيث كنا نحضر مؤتمرا اعلاميا وحينما وجهت لنا الدعوة انا وصديقي الاستاذ صباح محسن لحضور امسية قصصية وحضرنا في مساء عشق من مساءات النجف الجميلة لنستمع ونستمتع مع قص لنخبة مبدعة من ادباء النجف ولاجيال مختلفة ,حينها انبرى شاب بخطوات واثقة وبحضور كارزمي مهيب وبالالقاء صوتي فخم وبقص سردي شعري يحمل معه كل معاني الدهشة والتفرد ليقص علينا احدى قصصه وهو ينظر بين الفينة والاخرى لنا من فوق نظاراته الطبية ليتفحص دهشتنا وقلوبنا التي تصفق له مع كل كلمة في القصة حتى انتهى بالانحناء وهو يرحب بنا ويهدينا مجموعته القصصية الاولى طالبا بان يترك في هذه اللحظات محطة استذكار عبر التقاط صورة تذكارية ,حينها ادهشني هذا الشباب وقلت في سري لازال في الشباب مبدعون بكبر الريادة ولازال في الشباب نماذج مشرفة ان كان فيها مثل هذا المبدع ,وتواصلت الاتصالات والتواصل كان فيها نعم الاخ والمبدع والصديق لان همان ينسى مناسبة الا وارسل فيها عبر اثير الموبايل كلمات يؤكد من خلالها انه على المودة باق وسيبقى ,واخر مرة التقينا فيها حينما وجهت لي الدعوة من قبله للمشاركة في ملتقى السرد العربي في النجف الاشرف والذي ما إن وصلني نبأ وفاته نهالت الدموع والذكريات تتساقط كالمطر وانا اكلمه واقول له ....

 

.............. تذكرت يا صديقي صدقك ونقائك وعطائك وإبداعك وحميميتك وحبك لي ...تذكرت كلماتك وأنت تقول لي ( ياعدي انت مبدع ملتزم وهذا النوع قلائل في زمننا الرديء) ...تذكرت اخر مرة التقينا واخر مرة تواصلنا عبر الموبايل وانت تتفق معي لإقامة أمسية قصصية لبيت السرد في ميسان وافتتاح فرع له في مدينتي ...تذكرت مثابرتك وانت تنام أخر العيون في ليالي ملتقى السرد في النجف بعد ان تطمئن بان كل احبتك الضيوف خلدوا للنوم براحة ومحبة ...

 

.............فكيف انعاك وارثيك ...كيف ستشيعك روحي ايها الزمن الجميل للقص العراقي الجديد .....لا املك ولا اقول غير ....انا لله وانا اليه راجعون ....رحمك الله وادخلك فسيح جناته ....والهم اهلك وذويك ومحبيك ....والهمنا الصبر والسلوان .....رحلت يازمن وانت في القلب مقيم ....