• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح51 سورة آل عمران .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح51 سورة آل عمران

 بسم الله الرحمن الرحيم 
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ{185}
تضمنت الاية الكريمة عدة معاني سامية : 
1- قانونا عاما , يشمل كافة الموجودات , (  كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ) , تقابلها الايات الكريمة من سورة الرحمن المباركة ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ{26} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{27}  ) . 
2- توضيح : (  وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . 
3- بيان : (  فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ) . 
4- تعريف : (  وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ) .                 
 
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ{186}
تؤكد الاية الكريمة للمؤمنين , بأنهم سيتعرضون الى عدة امور : 
1- البلاء في : 
     أ) (  لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ ) . 
   ب) ( وَأَنفُسِكُمْ ) .   
2- سماع الاذى الكثير من : 
أ‌) (  مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ) . 
ب‌) (  وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ ) .       
ثم تعرض امرين , تذكر انهما من لوازم ومستلزمات (  عَزْمِ الأُمُورِ ) : 
1- (  وَإِن تَصْبِرُواْ ) . 
2- (  وَتَتَّقُواْ ) .            
 
وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ{187}
تكشف الاية الكريمة عن ميثاقا بين الله جل وعلا وبين اهل الكتاب , وتذكر بندين منه : 
1- البند الاول (  لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ) . 
2- البند الثاني (  وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ) .          
تضيف الاية الكريمة , الى ان اهل الكتاب نقضوا هذا الميثاق بطريقتين : 
1- (  فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ ) . 
2- (  وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) .        
الملفت للنظر , سؤال سيتبادر الى ذهن المتأمل , ما هو الشيء الذي امر الله تعالى به اهل الكتاب كي يبينوه ولا يكتموه ؟ . 
الجواب يحتمل العديد من الوجوه , نذكر منها : 
1- لابد ان يكون امرا مهما حول عدة وجوه منها : 
أ‌) امورا ربانية . 
ب‌) امورا تتعلق بالرسل والانبياء . 
ت‌) امورا تتعلق برجال صالحين من طراز خاص . 
ث‌) امورا غيبية .  
2- قضية رفيعة المستوى : قد تندرج في مجموعة من الاحتمالات : 
أ‌) قضية مستقبلية : كقضية المصلح العالمي ( المهدي ) . 
ب‌) قضية نبي اخر الزمان , الخاتم محمد (ص واله) . 
ت‌) قضايا مهمة تتضمن اشياء اخرى من هذا القبيل .  
كما ويتبادر الى ذهن المتأمل سؤال اخر , لماذا لم يعمل اهل الكتاب بهذا الميثاق , فكتموه , واشتروا به ثمنا قليلا ؟ ! . 
هناك عدة اجوبة مطروحة للنقاش , نذكر منها : 
1- من المحتمل انه يتعارض مع مصالحهم , او مع مصالح اهل النفوذ , فدفعوا الاموال لرجال الدين , ليكتموا ما ورد فيه , او يخفوه . 
2- قد يكون ما فيه يرفع من شأن العرب , كون النبي الخاتم (ص واله ) منهم , وقد عرف عن اهل الكتاب مقتهم وبغضهم للعرب في ذلك الزمان .    
 
لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{188}
تشير الاية الكريمة الى موضوع الرياء , وتبين مصير المرائي ! . 
 
وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{189}
كثير من الايات الكريمة تؤكد ان الله تعالى هو المالك الحقيقي لكل ما في السموات والارض , وتؤكد ايضا انه عز وجل (  وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , لاسباب كثيرة , من ابرزها التذكير .   
 
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190}
ركزت الاية الكريمة على جلب الانتباه الى فقرتين : 
1- (  إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ ) . 
2- (  وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) .      
الملفت للنظر , انها اعتبرت الالتفات لما في هاتان الفقرتان محصورا في اصحاب العقول الراجحة (  لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ) . 
 
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{191}
تذكر الاية الكريمة مميزات اصحاب العقول الراجحة انهم : 
1- (  الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ ) .
أ‌) (  قِيَاماً ) . 
ب‌) ( وَقُعُوداً ) . 
ت‌) (  وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ ) .       
2- (  وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً ) .  
3- (  سُبْحَانَكَ ) : التسبيح . 
4- (  فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) : الدعاء .            
 
رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ{192}
بعد ان ذكرت الاية الكريمة السابقة دعاءا من ادعية اصحاب العقول الراجحة (  فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) , تأتي الاية الكريمة استكمالا لذلك الدعاء , بزيادة (  وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) .   
 
رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ{193}
تذكر الاية الكريمة انهم ( اصحاب العقول الراجحة ) , يقرون امام الله تعالى  (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ) , وبعد الاقرار يطلبون ثلاثة طلبات اساسية : 
1- (  رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) . 
2- (  وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ) . 
3- (  وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ ) .             
الملفت للنظر , ان الاية الكريمة تضمنت امرين هما من مستلزمات اداب الدعاء , وضمان استجابته : 
1- اداب الدعاء : الاقرار لله عز وجل بالربوبية , و الايمان به , والتصديق بما جاء به الانبياء والرسل من عنده جل وعلا . 
2- ضمان سرعة الاستجابة : الملاحظ  في ادعية القران الكريم , ان كل دعاء يتضمن اسمه عز وجل ( رب ) , تكون استجابته في الاية الكريمة اللاحقة مباشرة , ومن امثلتها الايات الكريمة التي نحن بصددها , كما وان هناك الكثير من الاحاديث الشريفة تؤكد ان استفتاح الدعاء بأسمه عز وجل ( رب ) , مما يضمن سرعة الاستجابة .
 
رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ{194}
تستمر الاية الكريمة بذكر نماذج من ادعيتهم ( اصحاب العقول الراجحة ) , تذكر هنا دعاءا لهم يتضمن ثلاثة امور : 
1- (  رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ ) . 
2- (  وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . 
3- (  إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) .         
 
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ{195}
حملت الاية الكريمة استجابة دعوات اصحاب العقول الراجحة , بشكل مباشر وسريع , وكما ذكرنا اعلاه في الاية الكريمة رقم ( 193 ) الفقرة ( 2 ) .
 
لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ{196}
وصية من الله عز وجل الى رسوله الكريم محمد (ص واله) , لكن هذه الوصية ليست خاصة به (ص واله) , بل هي لعامة المسلمين , حيث كان يرى المسلمون حال الكافرين , فوجدوا لديهم ما يتمنون ان يكون فيهم , من اموال وتجارة , تقتضي السفر في البلدان , فيكتسبوا معرفة واطلاعا بأحوال القبائل والامم فيها , بالاضافة الى ما تمثله رحلاتهم من سياحة , كما يقول المثل الدارج ( هم تجارة وهم تسياره ) ! . 
 
مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ{197}
توضح الاية الكريمة حال هؤلاء الكفار , بشكل مرعب وقاسي , وتصفه بــ (  مَتَاعٌ قَلِيلٌ ) , يتلوه : 
1- (  مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ) . 
2- (  وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) .        
 
لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ{198}
تذكر الاية الكريمة , مقابل مصير هؤلاء الكفار , مصيرا ينتظر المؤمنين , بشكل جميل , ومحبب للنفوس ! .
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ{199} 
تعرج الاية الكريمة الى ذكر مديحا خاصا لبعض من اهل الكتاب , وتبين مستلزمات هذا المديح : 
1- (  مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ ) . 
2- (  وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ ) . 
3- (  وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ ) . 
4- (  لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) .        
الملفت للنظر , امرين : 
1- ذكرت الايات الكريمة السابقة الكفار و المؤمنين من امة الاسلام , ولم تهمل او تتجاهل هذه الاية الكريمة  مؤمني اهل الكتاب , المرضيين عند الله عز وجل . 
2- تلفت الاية الكريمة النظر , الى ان ليس جميع اهل الكتاب مغضوب عليهم , او ضالين , بل ان هناك منهم مؤمنين , مرضيين عند الله عز وجل , بالشروط التي ذكرتها الاية الكريمة . 
نزلت الاية الكريمة عندما التحقت مجموعة كبيرة من اهل الكتاب ( يهود ونصارى ) بالاسلام والمسلمين , وتركوا ما كانوا عليه . 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{200}
الاية الكريمة في ختام سورة آل عمران المباركة , توصي المؤمنين بـ : 
1- (  اصْبِرُواْ ) . 
2- (  وَصَابِرُواْ ) . 
3- (  وَرَابِطُواْ ) . 
4- (  وَاتَّقُواْ اللّهَ ) .         
لتختتم بــ (  لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ! . 
 
 
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=21757
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29