• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تأملات في الخطاب النبوي 2 .
                          • الكاتب : الشيخ حيدر الشمري .

تأملات في الخطاب النبوي 2

 كثيرا ما اعجز الخطاب النبوي الكثير من العقول والتي حارت فيه لعذوبته ولايجاز كلامه وتسلسل افكاره وهو يكمل حديثه عن شهر الله وكأن الكلام حاضر في القلب قبل اللسان وهو كذلك .
ويخاطب الناس فيقول (انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب فسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه ) هذا هو التسلسل بالافكار حيث تراه ينتقل من فكرة الى اخرى دون ان يترك الفراغ في الجملة السابقة فقد تحدث في بداية خطبته عن مقدمات تعريفية لهذا الشهر وهو الان يحدثنا عن الجانب العبادي في هذا الشهر والتفصيل اكثر فاكثر عن هذا الشهر ولكن الشئ العجيب الذي يخبر به (ص) ان الانفاس تتحول الى تسبيح لله جل وعلا فتكون نوعا من العبادة له سبحانه وهاذا مايؤكد فكرتنا ان الله دائما يتعامل مع النوايا فان النوايا هي المؤثرة ليست في قبول الاعمال فقط بل وهي الكفيلة لتحويل كل حركة الانسان نحوه سبحان وهو قريب مما قاله الامام الصادق (عليه السلام )لاحد اتباعه وشيعته (نفس المهموم لظلمنا تسبيح ) فان مجرد استشعار الظلم لاهل البيت (عليهم السلام ) كاف ان يحول هذه الانفاس الى تسبيح لارتباط هذا الاستشعار بالظلامة الانسانية الازلية والثأر التأريخي العالمي .وليس التسبيح فقط بل حتى النوم الذي عادة مايذم الشارع كثرته كماجاء في الرواية (كثرة النوم مضيعة للدين والدنيا )الا في هذا الشهر المبارك لان علته كعلة نوم العالم لانه على يقين وايمان في النفس وهو كذلك في هذا الشهر المبارك لما يعطي الصيام من سكينة واستقرار .وكذلك الاعمال مقبولة لانها مرتبطة بالنوايا وهي خالصة لربها , والدعاء مستجاب لان من اهم شروط استجابة الدعاه حظور القلب وفراغ البطن واطمئنان النفس وهي تكاد تكون متوفرة جميعا في الصائم , ويعلمنا (ص) ان نغتنم الفرص فان هناك دعاء يفتح عشرات الابواب لاستجابة ادعية اخرى كما قيل لعاقل اذا اعطيت الاجابة في دعاء واحد فما هو؟ فقال :اسأل الله ان لايرد لي دعاء قط .فان من اعظم الاعمال في هذا الشهر هو الصيام رغم انه فرض على الانسان وكذلك تلاوة كتاب الله .
 
ولكن ما يحتاج الوقفة طويلا هو قوله : (فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم ) فلم يذكر شيئا اعظم خطرا من الحرمان من غفران الذنوب لان هذه هي الفرصة الذهبية وهو شهر التبيض فكما تفعل بعض الدول حينما تبيض سجونها فان الباري جل في علاه يبيض حساب العباد في هذا الشهر المبارك من الذنوب ولايوجد اشد شقاوة من ذلك حينما يحرم العبد هذه الفرصة الذهبية .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20417
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29