• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : احتجاج .
                          • الكاتب : علي شايع .

احتجاج

 يومياً، في الشارع، وفي أكثر وسائل الإعلام المحلية نرى ونسمع شتماً ورمياً (ديمقراطياً!) يطال الحكومة والدولة، والأسباب معروفة وكثيرة، ولكلّ مواطن حق اعتراضه واحتجاجه المشروع، ولكن!، ثمة احتجاج أو اعتراض أو تظاهر يتجاوز الأسلوب الحضاري المدني ليصل إلى مرحلة من مراحل الخراب من خلال الأفعال التي تتسبب بالاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة وهو تجاوز ترصده العدالة ويحاسب عليه القانون.

من يحتج يحمل حقّه في ما يطلقه من صور ولافتات أو ما يهتف به من شعارات أو ما يجترحه من أفعال، وللمحتجّين في البلد الديمقراطي حقّهم، فالمحتجّ فوق قانون يريد تغييره، لحظة لا يراه ملائماً للبلد قياساً والأعراف الإنسانية والمتعارف العالمي. المحتجّ إذن فوق ذلك القانون، لا القانون كلّه، بل ما لا يعترف به من تشريع، ويصرّ على مواجهته، فكم من محتجّ غيّر قانوناً وعرفاً، كان يخضع إلى وقت قريب بتأييد واعتراف رسمي. وليس لأحد الاستهانة بحجم ما يصنعه المحتج من تغيير، فمحتج واحد قد يسقط نظاماً، وهو حين يفعل هذا فهو يسقط كلّ حضور ذلك النظام في هيكل العالم، والمحتج يهزّ إذن ركن اقتصاد وعلاقات دولية، ويخلق صدمة عظيمة تجعل الناس في أقصى الجهات، تنتبه إلى جهة الاحتجاج تلك، حاملين كثير الاحترام لإصرار المحتج وقدرته على التغيير. حين نتحدث عن مثل هذه القدرات الفاعلة في التغيير فإننا نتحدث عن وعي اجتماعي بالتغيير وحالة إنسانية كبيرة تصنع وتميّز الفعل المنتج.
الاحتجاج مواجهة ومكاشفة، يحتاج المحتج فيها لأن يكون أكثر تسامحاً لا متحاملاً، وأن يكون أشد وطنية وحرصاً على البلد وأوضاعه العامة، فمثل هذا المحتج ساع في الخير ومنطلق من قيم مجتمعية راسخة، يمكن لها أن تواكب عرف الدستور وقانونيته وتتلاءم مع إشتراطاته في الحقوق والواجبات المفروضة، وعليه مثلاً؛ في كل بلدان العالم المتقدمة لا يحق لمجموعة أشخاص ارتجال موقف سريع والقيام بفعاليات تظاهر أو احتجاج دون أن تكون هناك إجازة وترخيص لشخص ما أو جهة تبين في ما قدمته من طلب أسباب فعلها وآليات اعتراضها.
تبدو مشاكلنا السياسية والخدمية وكل ما يواجه حياة المواطن من صعوبات تحت وطأة الظروف البيئية والمجتمعية، مبنية على أساس من تعقيدات وتراكمات لم تبادر الدولة أو الحكومة الفاعلة إلى حلها لسبب واحد فقط هو انعدام المكاشفة الجادة، تلك المكاشفة والشفافية التي تفضح الملفات وتجعل الحقائق في متناول الجميع، وتمكّن القضاء لاتخاذ المطلوب، وتجعل من القانون فعل احتجاج وإنصاف، يريح المواطن ويمنحه الثقة الكافية بمحيطه الإداري والسياسي، ليكون قادراً على تصويب المسار الديمقراطي، وتثمين جهود المخلصين من خلال انتخاب الأفضل منهم لاحقاً.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20071
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 07 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16