• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح38 سورة آل عمران .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح38 سورة آل عمران

بسم الله الرحمن الرحيم 
 
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ{52}
تشير الاية الكريمة , الى ان عيسى (ع) بعد ان قدم كل ما لديه من براهين ومعاجز , ليثبت انه مرسل من قبل الله الواحد القهار , لم يؤمنوا به , وشاهد منهم ما يدل على الكفر , ولاقى منهم معاملة سيئة , وامور مبيتة , فتوجه (ع) لاصحابه , الثلة المؤمنة , فسألهم (  مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ ) , لهذا السؤال عدة مضامين , نذكر منها : 
1- ربما اراد (ع) ان يشحذ ايمانهم وهمتهم . 
2- او ربما اراد (ع) ان يكتشف ما لديهم من عزيمة واستعداد لنصرته , اذا تطلب الامر ذلك . 
3- من المحتمل ايضا , انه (ع) اراد ان يختبرهم , فيكشف المؤمن القوي , من المؤمن الضعيف . 
4- هناك واقعة مشابهة , في ليلة العاشر من المحرم , جمع الحسين (ع) اصحابه , وخطب فيهم , واخبرهم ان القوم يريدون قتله , ( فأتخذوا الليل جملا ) , بعد ان احلهم من بيعته , فتستر الكثير منهم بالظلام الدامس وهربوا , ولم يبق معه (ع) منهم الا تلك النخبة الطيبة , لذا فمن المحتمل ان عيسى (ع) وجه الخطاب لاصحابه , ليضعهم في هذا الموضع ! .    
تروي الاية الكريمة , ان جواب الحواريين كان مختصرا , وبعدة مقاطع : 
1- (  قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ ) . 
2- (  آمَنَّا بِاللّهِ ) . 
3- (  وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) . 
   
رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أََََََََََََََََنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ{53}
في هذه الاية الكريمة , تروي تتمة جواب الحواريون مختصرا بثلاث نقاط : 
1- (  رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أََََََََََََََََنزَلْتَ ) . 
2- (  وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ ) . 
3- (  فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) . 
 
وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ{54}
تشير الاية الكريمة , على ان بني اسرائيل استخدموا حيلهم واحابيلهم لقتل عيسى (ع) , فمكر الله عز وجل بهم , حين القى اليهم شبيه عيسى (ع) , امسكوا به وقتلوه , بينما رفع عيسى الحقيقي الى السماء !. 
يلاح المتأمل , ان الله عز وجل وصف نفسه بــ (  وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) , لذلك عدة مضامين , ليست من اختصاص المتأملين ! .     
 
إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ{55}
تضمنت الاية الكريمة خطابه جل وعلا  لعيسى (ع) , فكان فيه : 
1- (  يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ) . 
2- (  وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) . 
3- (  وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ) . 
4- (  وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) . 
5- (  ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ) .
6- (  فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) .           
 
فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ{56}
الاية الكريمة , تضمنت وعدا إلهيا بتعذيب (  الَّذِينَ كَفَرُواْ ) عذابا شديدا في الدنيا والاخرة , ولن يجدوا لهم ناصرا في الاخرة ابدا . 
يتسائل المتأمل , من هم هؤلاء (  الَّذِينَ كَفَرُواْ ) المقصودين في الاية الكريمة ؟ , للمفسرين اقوالا كثيرة في ذلك , واراء مختلفة , نذكر منها : 
1- اليهود : يلاحظ المتتبع لتاريخ اليهود , انهم تعرضوا الى الكثير من انواع التعذيب في مختلف الازمان , فقد استعبدهم فرعون , وسباهم نبوخذ نصر , وقتلهم ومثل بهم هتلر , وعاشوا لفترات طويلة في ذل وهوان في مختلف بقاع الارض . 
2- المغالين من النصارى : لقد غالى هؤلاء بأمر عيسى (ع) , وزعموا انه ابن الله , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . 
3- مطلق الكافرين والعاصين : جميع الذين كفروا بجميع الرسل والانبياء , ويضاف اليهم جميع العاصين .         
 
وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ{57}
بعد ان توعدت الاية الكريمة السابقة الكافرين بالعذاب الشديد في الدنيا والاخرة , اتت هذه الاية الكريمة مبشرة المؤمنين , بما ينتظرهم من حسن الجزاء . 
يلتفت المتأمل , كون الاية الكريمة في مورد  البشارة , الى انها اختتمت بــ (  وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) , لابد انها اشارة الى (  الَّذِينَ كَفَرُواْ ) في الاية السابقة .      
 
ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ{58}
تنعطف الاية الكريمة , فتوجه الخطاب الى الرسول الكريم محمد (ص) , وتخبره , ان كل ما جاء في تلك الايات والدلائل القاطعة , ما يثبت صحة رسالتك , وصحة وسلامة القران الكريم , على مستويين : 
1- (  ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ ) . 
2- (  وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ) .   
 
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ{59}
الاية الكريمة في محل الرد على ادعاءات النصارى , الذين اعتقدوا ان عيسى (ع) ابن الله ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ) ! .
 
الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ{60}
الاية الكريمة في محل التأكيد على ان عيسى (ع) خلق من خلقه تعالى , وانه عبدالله ورسوله وكلمته ! . 
 
فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ{61}
تسمى هذه الاية الكريمة بــ ( آية المباهلة ) , والتي تروي ما دار بينه (ص) وبين نصارى وفد نجران , القصة معروفة , والحادثة مشهورة , فأنقلها نصا كما وردت في تفسير الجلالين ((فمن حاجك) جادلك من النصارى (فيه من بعد ما جاءك من العلم) بأمره (فقل) لهم (تعالَوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) فنجمعهم (ثم نبتهل) نتضرع في الدعاء (فنجعل لعنة الله على الكاذبين) بأن نقول: اللهم العن الكاذب في شأن عيسى وقد دعا صلى الله عليه وسلم وفد نجران لذلك لما حاجوه به فقالوا: حتى ننظر في أمرنا ثم نأتيك فقال ذو رأيهم: لقد عرفتم نبوته وأنه ما باهل قوم نبيا إلا هلكوا فوادعوا الرجل وانصرفوا فأتوا الرسول صلى الله عليه وسلم وقد خرج ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعلي وقال لهم: إذا دعوت فأمِّنوا فأبوا أن يلاعنوا وصالحوه على الجزية رواه أبو نُعيم ، وعن ابن عباس قال: لو خرج الذين يباهلون لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا ، وروي: لو خرجوا لاحترقوا )) 
( نسخة الكترونية ) . 
 
 
 
حيدر الحدراوي
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20048
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16